الاستيطان بفلسطين استراتيجية إحلالية صهيو - غربية

بقلم: عبد الحميد الهمشري

مخاطر الاستيطان الصهيوني في فلسطين برزت منذ اليوم الأول لانطلاق الدعوات الأوروبية تشجيعاً لليهود للهجرة إلى فلسطين وتبني الأثرياء والمفكرين من اليهود لتلك الدعوات ، ولا غرابة أن الأثرياء كانوا من أوروبا الغربية فرنسا وبريطانيا من أمثال مونتيفيوري وروتشيلد ، وذوي الفكر الصهيوني كان من أوروبا الشرقية كالصحفي المجري ثيودور هيرتسل ، أبو الصهيونية العالمية ، حيث التقى اهتمام الطرفين الأوروبي واليهودي بأمور عدة أهمها خدمة المصالح الإمبريالية في المنطقة والتخلص من الضغط الناجم عن الهجرات اليهودية القادمة من شرق أوروبا ، فالتقت مصالح الطرفين في هذا الاتجاه في ظل عدم تمكن أهل المنطقة من مجابهة خطر الطامعين في تشتيت الجهد العربي ، وهي نابعة من أحقاد متأصلة في النفوس لدى أوروبا الرومية .. و الأخطر منها جميعاً إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين ، واعتبار فلسطين وفق ما اتفق عليه يورو- يهودي أن فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض ، وهكذا تم الترويج لهذه الأكذوبة للإيهام مستقبلاً في حال احتدام الصراع أن الأمر نزاع بين طرفين يهودي هو الأصل وعربي دخيل على هذه الأرض.
صهيونياً كان هناك طرفان في المعادلة الاستيطانية طرف ممول وهم أثرياء اليهود وطرف مستهدف للهجرة وهم فقراء اليهود الفارين من العذابات والاضطهاد الذي يتعرضون له إضافة لجانب الفقر. بدليل أن معظم الدراسات تعيد إلى أن الاستيطان اليهودي في فلسطين قد ابتدأه أثرياء من اليهود من أمثال منتيفيوري وروتشيلد وتبعهما آخرون ، حيث تمكن الأول من شراء قطعة أرض خارج أسوار مدينة القدس في عام 1855م ، أقيم عليها بعد سنتين أول حي سكني يهودي يبنى في فلسطين (حي مشكانوت شعنا نيم) حتى بلغ مجموع المستوطنات الصهيونية مع نهاية الحرب العالمية الأولى أربعين مستوطنة يسكنها نحو 12000 مهاجر ، وتمكنت الحركة الصهيونية خلال فترة الانتداب البريطاني على فلسطين من امتلاك ما يزيد عن 30% من مجموع الأراضي الزراعية فيها ، وقد بلغت مساحة الأراضي التي يمتلكها الصهاينة مع نهاية فترة الانتداب عام 1947م، 1.82 مليون دونماً، وهو ما يعادل 7% من مساحة فلسطين، والبالغة 27 مليون دونماً، مع أن مجموع ما كانوا يملكونه من الأراضي عند بداية الانتداب لا يزيد عن 2,5% فقط "، فقد اشترت المنظمة الصهيونية في السنوات الأخيرة التي سبقت قيام إسرائيل، أراضي جديدة وواصلت تكثيف الاستيطان اليهودي في السهل الساحلي بين حيفا ويافا، كما اشترت قطعاً كبيرة من الأراضي في القسم الشمالي من فلسـطين، وبشكل خاص في سهل الحولة، وإلى الجنوب من بحيرة طبريا على طول نهر الأردن، وكانت هناك صفقات لشراء أراضٍ عند مصب نهر الأردن والسواحل الغربية للبحر الميت، وتوسعت أملاك اليهود في منطقة القـدس، وفى ضواحي بئر السـبع، وقد بلغ عدد المستوطنات التي أقيمت في الفترة الواقعة بين عامي 1939- 1948م، "79" مستوطنة مساحتها الإجمالية 2.052.000 دونماً.
جميع القرارات التي كانت تصدر لصالح الفلسطينيين كان يجري المراوغة في تنفيذها لصالح العدو الصهيوني وتروج الأكاذيب وتُزيَّف الحقائق حول ما يجري لكسب الوقت في اجتذاب واستقطاب مهاجرين جدد لتسمين المستوطنات القائمة أو إنشاء أخرى جديدة يجري نهبها من أراضي الفلسطينيين لأن ما هو مرسوم قيام وطن قومي لليهود في فلسطين وفق الترتيبات الصهيو –غربية .

* عبدالحميد الهمشري - كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني
Aabuzaher_2006 @yahoo .com