قطاع غزة.. الحلول الاستراتيجية

بقلم: حسام الدجني

قبل عدة أسابيع استقبلت اتصالاً هاتفياً من مؤسسة دولية تدعوني للقاء موظف أممي كبير، لبّيت الدعوة، أول سؤال وجهه لي: كيف ترى أزمات قطاع غزة، وما هي الحلول الممكنة…؟ كانت إجابتي مقتضبة ومركزة، فسبب أزمات قطاع غزة مرتبط بالدرجة الأولى بوجود الاحتلال الإسرائيلي، والذي ترتب عليه اختلال واضح في العلاقة بين الجغرافيا والديموغرافيا داخل قطاع غزة، حيث يعيش أكثر من 2 مليون نسمة على 365 كم2 من الأرض، وألقى ذلك بتداعياته على كافة الخدمات والقطاعات، حيث يشهد القطاع أزمات في المياه، والصرف الصحي، والطاقة، والصحة، والبطالة، ومعدلات الفقر إلخ.

أولاً: أزمة المياه في قطاع غزة.

وصلت نسبة التلوّث في مياه قطاع غزة حوالي 98%. ووفق آخر الإحصاءات الصادرة عن سلطة المياه الفلسطينية، فإن نسبة العجز بالمياه في القطاع وصلت إلى 110 مليون متر مكعب سنوياً، من أصل 200 مليون متر مكعب من المياه التي يحتاجها.

وفي يوليو/2017م، حذّرت الأمم المتحدة من استنفاد مصدر المياه الوحيد (المياه الجوفية) في غزة بحلول عام 2020، ما لم تتخذ إجراءات فورية.

ثانياً: الصرف الحي في قطاع غزة.

بسبب الحصار الإسرائيلي على غزة، وكنتيجة طبيعية للنمو السكاني الكبير في قطاع غزة وانقطاع التيار الكهربائي بشكل كبير منذ سنوات، فقد تأثرت البلديات كثيراً نتيجة لذلك وبدأت اتباع سياسة خطيرة جداً على الصحة والبيئة، عبر ضخ مياه الصرف الصحي في البحر المتوسط والتي يتأثر به بشكل رئيس قطاع غزة وإذا استمر الوضع ستتأثر به شواطئ دولة الاحتلال على المدى المتوسط والبعيد.

ثالثاً: الطاقة في قطاع غزة.

يحتاج قطاع غزة الى 550-650 ميجا وات من الكهرباء يتوفر منها حسب شركة توزيع الكهرباء 115 ميجا وات في أحسن الأحوال حيث يصل عجز الطاقة قرابة 450 ميغاوات.

وتعمل الخطوط الإسرائيلية بقدرة 110 ميجا وات، بينما الخطوط المصرية المغذية للقطاع بـ23 ميجا وات وفي أغلب الأوقات تكون معطلة بينما تعطي المحطة التي تعمل بمولدين ما يقارب من 45 الى 50 ميجا وات.

باختصار شديد، تصل الكهرباء للمنازل والمصانع في قطاع غزة 4 ساعات وصل مقابل 12 ساعة فصل.

رابعاً: قطاع الصحة في غزة.

واقع بالغ الصعوبة والتعقيد، مستشفيات قد يتوقف العمل فيها في أي لحظة نتيجة عدم توفر الوقود لتشغيل مولدات الطاقة، لا أدوية داخل المستشفيات، يأتي المريض أو الجريح للمستشفى، تتدخل الطواقم الطبية لإنقاذ حياته، لكنك تتفاجأ من قائمة طلبات طويلة مطلوب إحضارها من الصيدليات خارج أسوار المستشفى وعلى نفقة المريض، لعدم توفرها في مستودعات وزارة الصحة التي تعاني واقعاً صعباً بسبب الاحتلال والحصار.

خامساً: واقع البطالة والفقر في قطاع غزة.

يواجه قطاع غزة ارتفاعا غير مسبوق في معدلات البطالة حيث تجاوزت النسبة 49%، أكثر من ربع مليون عاطل عن العمل بين فئة الشباب (بطالة الخريجين).

معدل دخل الفرد اليومي في قطاع غزة 2 دولار- في حال وجد- وهي الأسوأ عالمياً. وقد ارتفعت نسبة الفقر في قطاع غزة لتصل إلى 85%، تزداد بشكل تدريجي نتيجة الحصار المشدد والعقوبات التي فرضها الرئيس عباس على قطاع غزة، حسب حديث للنائب جمال الخضري رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار.

سادساً: الحلول الاستراتيجية لقطاع غزة.

رغم خطورة ما سبق، فرض الاحتلال الإسرائيلي حصاراً برياً وبحرياً وجوياً على قطاع غزة، وشن أكثر من ثلاثة حروب دمرت ما تبقى من بنية تحتية، حتى بات القطاع على شفا كارثة كما وصفته أربعة منظمات دولية وأممية، وهي: الأمم المتحدة – الأونروا – أمنستي – هيومان رايتس ووتش. وعليه فإن فكرة البحث والنقاش العميق لمسألة الحلول الاستراتيجية لقطاع غزة ضرورة وطنية لإنقاذ قطاع غزة. وهنا سأجتهد لوضع بعض الأفكار لدراستها وتقييمها ودراسة تداعياتها وآثارها وتبني ما يخدم المصلحة الوطنية.

  1. العمل الجاد على إنهاء الانقسام وتوحيد مؤسسات الوطن.
  2.   وضع خطة خمسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوفير الموارد اللازمة لها.
  3.  زيادة مساحة قطاع غزة،  وذلك من خلال العمل على تحقيق ثلاث أهداف هي:

أ‌.        العودة لخطوط الهدنة عام 1949م وبموجبها تكون مساحة قطاع غزة 555 كم2.

ب‌.      الربط بين الضفة الغربية وقطاع غزة، بحيث يسمح للغزيين التنقل والسكن في الضفة الغربية.

ت‌.      التوسع في البحر المتوسط.

  1. تبني استراتيجية وطنية لتعزيز عمالة الشباب الغزي في الدول العربية والإسلامية والغربية، وهذا من شأنه الحد من نسبة البطالة وتعزيز الاقتصاد الوطني، والحد من النمو السكاني الهائل في قطاع غزة.
  2. الذهاب باتجاه الدولة الواحدة الديمقراطية العلمانية وبذلك إزالة كافة الحدود بين غزة ودولة الاحتلال وبذلك تنتهي أزمات غزة ويسود الأمن والاستقرار في المنطقة.

الخلاصة: مشكلة قطاع غزة معقدة، ربما الانقسام زاد من تعقيداتها ولكن زواله لا يعني إنهاءها، ولا يمكن حل المشكلة الغزية بشكل جذري إلا عبر تحرير أرضنا المحتلة، وحتى يتم ذلك لابد من العمل على بناء رؤية استراتيجية عميقة تراعي ما سبق ويقوم المجتمع الدولي على تبنيها.

د. حسام الدجني

[email protected]