لا نكتب من اليوم ... وما بعد الاستماع الى تصريح ارعن لادارة امريكية ومبعوثين ومستشارين لها لا يدركون جذور القضية ... يريدون البحث في السراب ... وفي قلب الصحراء ... حتى يمكنهم ان يتعرفوا على العناوين في ظل عنوان رسمي لم تستطع كافة المحاولات من تحقيق التجاوز ... او احداث الاحتواء ... او التأثير على استقلالية القرار .
عواصم عديدة حاولت بكل ما تستطيع ان تؤثر ... او تتجاوز ... او تحتوي منظمة التحرير الفلسطينية ... الا ان الجميع وعلى مدار تاريخ طويل ومسيرة نضالية حافلة اقروا واعترفوا بوحدانية التمثيل ... وما تمثله الشرعية الوطنية من ارادة وقرار لا يمكن التأثير عليه من قريب او بعيد .
وانا هنا لم أبدأ الكتابة من حيث الاستماع الى هذا التصريح الذي يهدد بملئ الفراغ ... اذا لم تتم الاستجابة وفق شروطهم ونواياهم الخبيثة ... وما يسعون لتنفيذه من شطب القضية والحقوق وانهاء الجذور وحتى تجاوز وانتهاك كافة قرارات الشرعية الدولية والعربية والفلسطينية .
منذ عقود طويلة وبداية تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية ... وانطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة وما فرضته من معادلات وطنية وتطلعات وامنيات لا زالت قائمة ومعمدة بدماء عشرات الالاف من الشهداء والجرحى والاسرى وصمود شعب داخل الوطن وخارجه .
شعب لا زال على صموده ورباطه وتمسكه بثوابته الوطنية من خلال منظمة التحرير الفلسطينية التي تعددت المحاولات لانهاء وجودها .. شطبها ... تجاوزها الا ان كافة المحاولات قد فشلت فشلا ذريعا في البدايات ... وحتى عبر مسيرة النضال الطويل ... والذي لا زال مستمرا ... ومنظمة التحرير الفلسطينية وقد اكتسبت شرعيتها الوطنية .... كما اكتسبت الاعتراف العربي والاقليمي والدولي ... كما اكتسبت وجودا وحضورا سياسيا وقانونيا عبر كافة المؤسسات الاقليمية والدولية ... واصبحت تمثل العنوان الشرعي ... والقرار الوطني .
وعلى غرينبلات ان ينظر الى علم فلسطين وهو يرفرف على مبنى الامم المتحدة ... كما عليه ان يرى ما يزيد عن 130 سفارة وممثلية فلسطينية بكافة عواصم العالم ... كما عليه ان يشاهد مندوب فلسطين بالامم المتحدة ومجلس الامن ... كما عليه ان يستمع الى الخطاب ما بعد ايام للشرعية الفلسطينية ... عليه الكثير مما يجب ان يشاهده ... وان يطلع عليه ... حتى يمكن له ولادارته اعادة الحساب السياسي لما اتخذوه من قرارات جائرة وظالمة كنقل السفارة الى القدس ومحاولة انهاء اعمال الانروا وعدم تقديم المساعدة المالية لها وما يجري داخل اروقة الادارة الامريكية من محاولة الاعلان عن ما يسمى بصفقة القرن والتي سيكون مصيرها الفشل واضاعة هيبة الولايات المتحدة واسقاط سياستها الخارجية .
وحتى نذكر المبعوث الامريكي وادارته التي تجهل الجذور التاريخية ... وحتى الوقائع ومعادلات الواقع و ما يصدر عنها وما في نواياها من محاولات لن تغير من مجرى التاريخ ... ولن تحدث تغييرا في الحقوق والحقائق .... ولن تستطيع ان ترسخ واقعا سياسيا لا تقبل به منظمة التحرير والشعب الفلسطيني وقواه السياسية .
غزة كانت بداية التأسيس لمنظمة التحرير وبداية التأسيس لجيش التحرير الفلسطيني ... وبداية التأسيس لقوات التحرير الشعبية المقاومة للاحتلال ... كما انها بداية التأسيس لكافة القوى السياسية .
غزة التي يحاولون التلاعب بها والبكاء عليها وعلى اهلها ... على ارضية المعاناة والازمات الطاحنة بداخلها ... لا تبيع تاريخها ... ولا يمكن ان تتنازل عن مسيرة نضال طويل ... ولا يمكن ان تقبل بفتاة الموائد على حساب شهداءها وقادتها جرحاها وأسراها وصمود شعب لا زال على ثباته ومواقفه ... ولا زال متمسكا بحقوقه الوطنية .
شعب غزة الذي رفض التوطين والتدويل هو ذاته الشعب الذي يرفض ما يسمى بصفقة القرن .... وهو ذاته الشعب المتمسك بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني .
هذا الموقف الشعبي والمرتبط عضويا وروحيا بموقف الشعب الفلسطيني بكافة اماكن تواجده والذي لا يمكن ان يقبل بأي محاولة للتجاوز او الانقاص او الاحتواء ... لان منظمة التحرير شرعيتها لا تهتز ... ولا يمكن لاحد ملئ الفراغ كما يهدد ويتوعد غرينبلات الذي يجهل حقيقة الشعب الفلسطيني وارادته وثوابت مواقفه .
نبذة تاريخية سريعه لمن اصابهم العمى وفقدان الذاكرة ... ان منظمة التحرير قد تم استهدافها واغتيال العديد من قادتها وحتى محاصرتها سياسيا وماليا وتدمير مقرها في تونس ... وملاحقة قادتها بكافة العواصم واستشهاد العشرات من قادتها حتى وصل الامر بالإدارة الامريكية ودولة الكيان ان تقر وتعترف بمنظمة التحرير ما بعد مدريد واتفاقية اوسلو وتأسيس اول سلطة وطنية على الارض الفلسطينية .
لقد فات الاوان ... ولن يعود التاريخ للوراء ... ولن تستطيع امريكا وغيرها بكل قوتهم ان يغيروا في المشهد والخارطة السياسية للشعب الفلسطيني ... ولن يستطيعوا ان يحدثوا التغيير في عنوان الشرعية وقرارها الوطني المستقل .... لانهم لا يمكنهم ان يحدثوا التغيير بارادة شعب وحقوق وطنية ثابته وراسخة في الوجدان والعقول ... وفي صفحات التاريخ والواقع والتطلع الى المستقبل المنشود ... الذي لن تهزه رياح واشنطن ولا عواصف نتنياهو ... ولا تمنيات واحلام وكوابيس ستبقى تعيش وتسكن ... ولن تجد المناخ والوقع الذي يسمح لها بتنفيذ احلامها وكوابيسها ... وهذا للتاريخ .
الكاتب : وفيق زنداح