هل تشرق الشمس من الغرب؟

بقلم: مصطفى البرغوثي

تتوهم السيدة نيكي هيلي ممثلة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة ، وزملاؤها مثل جرينبلات وفريدمان، أن هجومهم الشرس على وكالة الغوث الدولية، ووقف تمويلها، سينجح في تصفية عنصر أساس من عناصر القضية الفلسطينية وهو حق عودة اللاجئين الفلسطينيين المقدس إلى ديارهم التي هجروا منها .

ويتوهم اللوبي الصهيوني، ونتنياهو، أن الكونغرس يستطيع بقرار سخيف منه أن يقلص عدد اللاجئين الفلسطينيين من ستة ملايين وأكثر الى أربعين الفا فقط.

مشاريع توطين اللاجئين الفلسطينيين ليست جديدة، بل سجلها طويل وحافل.

أولها كان مشروع ماكغي الأميركي عام 1948، وأشهرها كان مشروع الرئيس الأميركي آيزنهاور في أعوام 1953 – 1955، والذي اقترح عبر مبعوثه أريك جونستون توطين لاجئي غزة في شمال سيناء، ولاجئي الضفة في شرق الأردن، ومرورا بمشاريع جون فوستر دالاس عام 1955، ونائب وزير الدفاع ووزير الخارجية الأميركية سايروس فانس، وانتهاءا بمشاريع يغآل آلون عام 1968 ودونا أرزت عام 1977، و الرئيس الأميركي  بيل كلينتون عام 2000.

وعقب توقيع إتفاق أوسلو نجحت الولايات المتحدة في تعيين السفيره ابريل غلاسبي مديرة لوكالة الغوث في القدس، بعد أن أنجزت مهمتها في خداع الرئيس العراقي صدام حسين لتشجيعه على غزو الكويت، وكان على أجندتها موضوع رئيسي واحد، تصفية وكالة الغوث وترحيل مهامها ووظائفها، وفشلت.

معظم هذه المشاريع جائت من الولايات المتحدة بطلب إسرائيلي، وبأمر إسرائيلي في حالة الرباعي الجديد كوشنر وغرينبلات وفريدمان وهيلي، وجميعها ترافقت مع وعود زائفة بمساعدات إقتصادية، ومشاريع تطوير خادعة، وبأوهام سنغافورية.

وجميعها فشلت، بفضل مقاومة الشعب الفلسطيني، الذي قبر بدماء شهدائه، وبسالة أبنائه مؤامرة التوطين في سيناء، وكل المؤامرات اللاحقة، وبقي حق العودة الذي صار عاملا رئيسيا في انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة قبل عصر الإنشغال بأوهام المفاوضات، وبالإنقسامات الداخلية.

تعرف إسرائيل جيدا أن هناك ثلاثة أركان لا يمكن دون تصفيتها كسر إرادة الشعب الفلسطيني وإنهاء قضيته، القدس، وحق العودة، وحق الفلسطينيين في الحرية الكاملة وتقرير المصير .

ولذلك تنصب جهودها، وجهود أعوانها، وجهود من إشترتهم بأموالها وأصوات ناخبيها، على هذه الأركان الثلاثة.

ولكنها ستفشل كما فشلت في كل مرة، لأن كل قدراتها لا تستطيع تجاوز الحقائق المستعصية، كما لم يستطع الإستعمار البريطاني كسر شعب الهند، وكما لم يستطع الإستعمار الفرنسي كسر إرادة الجزائر، وكما لم ينجح نظام الأبارتهايد في كسر إرادة شعب جنوب إفريقيا .

لا يزعجنا الخوف من المستقبل ، فثقتنا به راسخة، و لكن ما يزعجنا شماتة أعدائنا بانقساماتنا، وبخلافاتنا الداخلية، وبتفاهات المناكفات الإعلامية بين المنقسمين.

يستطيع الكونغرس الأميركي أن يقرر أن الشمس تشرق من الغرب، ولكنها ستبقى تشرق من الشرق، شاء من شاء وأبى من أبى .

بقلم/ د. مصطفى البرغوثي