رسائل مجانية في الوقت غير المناسب ..!

بقلم: محمد السودي

لاتحتمل الساحة الفلسطينية المُربكة أصلاً المزيد من الخطاب السياسي المُبهم المثير للجدل الذي يؤدي حتماً إلى صرف الأنظارعن الأولويات نحو معارك جانبية حيث تلقي بظلالها على الملأ عبر وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة ووسائل التواصل الإجتماعي وكذا ردود الأفعال المختلفة الناجمة عن وقعها غيرالمقبول في حاضرة مقامٍ محسوب يُعتبر رأس المرجعية الشرعية الوطنية ، إذا ماتعلق الأمر حول أهمية ضرورتها من عدمها ، خاصة وأن المشروع الوطني برمّته يمّر بأوقات عصيبة شديدة الخطورة لم يشهده منذ النكبة الفلسطينية قبل سبع عقود مضت جراء تنكـّر الإدارات الأمريكية المتعاقبة جميعها ، إذ أظهرت أعلى مراحلها إدارة الرئيس المجلوب المغمور “دونالد ترمب” لحقوق وتاريخ الشعب الفلسطيني على أرضه وفي وطنه بعد حماقة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة والإعتراف بها عاصمةً لدولة الإحتلال وكأنها جزء من ولاية ايلينوي أو تكساس ، ثم أعقبها خطوة وقف تمويل نشاطات عمل وكالة تشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى الإنروا التي تم انشاؤها بقرار الأمم المتحدة رقم302 الصادر بتاريخ الثامن من كانون الأول عام 1949 بما في ذلك إقرار الإدارة الأمريكية نفسها مقرونة بتنفيذ حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم وديارهم التي شردّوا منها وفقا للقرار الأممي رقم 194 ، ضاربة بعرض الحائط كافة القوانين والمواثيق والقرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية الذي يفوق عددها سبعمائة وخمس قرار لم ينفذ منها شيئاً ، إضافةً إلى تمتّرس حركة حماس وحلفاؤها وراء حالة التشرذم والإنقسام رغبة منها الإستفادة من مغانم السلطة من جانب وإحلال مشروعها الأخواني ، محل مشروع منظمة التحرير الفلسطينية التحرري من جانب أخر، تأكيداً لما قال رئيسها “اسماعيل هنية ” غادرنا الحكومة ولم نغادر الحكم ” مما أدى إلى وعورة طريق المصالحة الوطنية وإثقالها بأوزان فصائلية عابرة للحدود ضيقة الأفق لايمكن التنبؤ بعواقبها الكارثية في مقدمتها مشروع الإتحاد العالمي للإخوان المسلمين ومراكز نفوذهم في قطر الدوحة واستانبول التركية ، وهي بالمناسبة فعل ومصلحة استراتيجية عليا وصناعة احتلالية خالصةٍ بامتياز .

لايمكن تحت أي مبرر في سياق اختراق المفاهيم الأيديولوجية المُسبقة لدى الطرف الأخر كسب تعاطف حفنة من نشطاء ” السلام الإسرائيلي”حسب وصفهم يمثـّلون عدة أحزاب صهيونية رئيسة ومنها أفراد ينتمون لحزب الليكود اليميني وحزب العمل المنضوي تحت لواء يافطة ائئتلاف احزاب الوسط إضافة لبعض الشخصيات اليسارية الذين صاغوا مخططات سياسات الإحتلال الوحشية بالتناوب طيلة مسيرة النضال الوطني الفلسطيني ، واختزال عملية الصراع المؤسساتية الصهيونية الممنهجة منذ أواخر القرن التاسع عشر حتى لوكانت من باب المناورة السياسية كأنها تعبير شاذ عن سلوك عنوان هذا الشخص أوذاك بغض النظر عن مسؤولياته القيادية ماهي إلا تعمية غبية عن حقائق الأشياء ، وهم في كل الأحوال مجرد أفراد من ذوي التأثير المحدود داخل مجتمعهم الذي يسود فيه نزعة جنون التطرف والإرهاب تجاه الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته ولم يظهر هؤلاء عند ارتكاب جيش الإحتلال وقطعان مستوطنيه أي وزن لأفعالٍ تذكر أمام الجرائم النكراء التي يندى لها جبين الإنسانية بحق الأطفال والنساء والشيوخ وسياسة التطهير العرقي في الخان الأحمر والتجمعات البدوية المحيطة بها ، كما لا يمكن أيضاً اعتبار رئيس جهاز الشاباك الأكثر بطشاً بالمواطنين الأمنين ومن تلطخت أياديهم بدماء الفلسطينيين ، بالأصدقاء والحرص على اللقاء الدوري والتفاهم معهم بنسبة تسعٍٍ وتسعين مئوية ، على حساب إستثارة احتقان غضب الشارع الفلسطيني عامة وقواه الوطنية اللذان يعانيان ابشع أنواع القهر والظلم التي عرفها التاريخ المعاصر في حين تفتقر المؤسسات الفلسطينية بما فيها القيادة التنفيذية لانتظام اجتماعاتها بالرغم من الضرورات المتسارعة التي تفرضها الظروف القائمة ورسم سياسات التصدي للعدوان الإحتلالي ، فضلاً عن غيظ الأشقاء الذين تربطنا معهم وحدة الهدف والمصير المشترك المتحسبّون لمؤامرات وخطط الوطن البديل .

إن إثارة موضوع الكونفدرالية القديم الجديد مع الأردن الشقيق في هذا الوقت بالذات يكتسب حساسية مـُفرطة لدى المواطن الأردني والفلسطيني على حدٍ سواء ، حتى ولو كان الإستخدام يأتي في سياق باب التدليل المعطوف على موقف ما ، لكن الأمر الأساس لدى العامة سابق لأوانه إذ يتفق عليه الكل الوطني من حيث المبدأ بأنه شأن أردني فلسطيني حصري يمكن الحديث عنه بعد تجسيد فلسطين دولة مستقلة بعاصمتها القدس كاملة السيادة على أرض الواقع ثم يعود الأمر في نهاية المطاف للشعبين كي يقرروا طبيعة وماهية العلاقة التي ينبغي أن تكون ، ولايمكن لأي طرف من الأطراف المعنية الحديث عن الأخر بالوكالة وبالتالي إن كان الموضوع مجرد هفوة في غير مكانها وزمانها المناسبين ، أو أُخـرجت عن سياقها فينبغي توضيح ذلك الأمر عبر الوسائل التقليدية الهادئة المعروفة حتى لاتصبح مادة دسمة للتوظيف لكل من أراد أن يدلو بدلوه بغض النظرعن النوايا في ظل هذه الظروف الإستثنائية التي تتطلب بذل أقصى الإمكانيات لغرض توحيد الجهود من أجل مواجهة المخاطر المحدقة بالمشروع الوطني الفلسطيني وعدم حرف البوصلة الوطنية عن اتجاهها الصحيح .

 

بقلم : محمد السودي .