علت هذه الايام على الساحة الفلسطينية مرة اخرى الاطروحات الخاصة بمسألة قيام كونفدرالية بين فلسطين والأردن ,ومن المعروف هذه الأطروحات كانت دوما مرتبطة بسيناريوهات الحلول المقترحة ، وهي تتزامن مع صفقة القرن , ومواكبة لضغوطات الأمريكية الإسرائيلية التي تستهدف حقوق الشعب الفلسطيني .
وهنا نرى الموقف الاردني الرافض لاقامة كونفدرالية ، و نحن نتطلع الى استمرار نضالنا بعد الصمود الوطني والشعبي بمواجهة ما تحيكه الادارة الامريكية من مشاريع ، فالشعب الفلسطيني الذي يقدم التضحيات اليومية هو مع تطبيق الحقوق الفلسطينيّة المتمثّلة بإنهاء الإحتلال الإسرائيليّ ودعم الفلسطينيّين لنيل حقوقهم.
ان خطورة المرحلة اليوم عندما نرى تسارع العرب باتجاه التطبيع مع كيان الاحتلال بشكل واضح، كما هناك تراجع في المواقف الحازمة لبعض المواقف العربيّة تجاه إسرائيل، مما يتطلّب موقفاً عربيّاً موحّداً قائماً على أساس الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني والعمل من اجل عقد مؤتمر دوليّ لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وفي مقدمة القرارات القرار 194 القاضي بحقّ العودة للاّجئين الفلسطينيّين الى ديارهم وممتلكاتهم ، لذلك نقول كفى مراهنات على المشروع الامريكي وهذا يستدعي دعم صمود الشعب الفلسطيني ونضاله حتى تحقيق مطالبه العادلة بالعودة والحرية والإستقلال وإنهاء الإحتلال، من دون الحديث عن كونفدراليّة مع الأردن وغيرها من هذه المشاريع المرفوضة من قبل الشعب الفلسطينيّ.
أن الشعب الفلسطيني يعيش مرحلة تحرر وطني، والصراع ليس نزاعاً بين دولتين على تحديد الحدود، إنما صراع وجود بين احتلال وشعب تعرض لنكبة أفضت إلى ابتلاع أرضه، واقتلاع أكثر من نصفه، واغتصاب حقوقه الوطنية والتاريخية، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، التي تكفل الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية لا يجوز التفاوض عليها، أو اختزالها ، فالحقوق الوطنية في العودة والدولة وتقرير المصير لا مبادلة أو مفاضلة فيما بينها، وحتى إقامة دولة على حدود 67، وعاصمتها القدس، كمهمة مباشرة للنضال الوطني، هي مهمة كفاحية.
من هنا نؤكد بأن المخاطر والتحديات التي تواجه شعبنا وقضيته الوطنية، تتطلب تطبيق اتفاقات المصالحة وتعزيز الوحدة الوطنية والشراكة الجادة في تقرير السياسات من الصعب النجاح في مواجهتها، وخاصة هناك التحدي الدائم بوجود الاحتلال بكل مكوناته، وسياساته التي تعمل على فرض الأمر الواقع في الأراضي الفلسطينية بما يحول دون امكانية تجسيد الدولة بل ويقطع الطريق عليها، فالاستيطان يتسارع بشكل غير مسبوق.
في ظل هذه الاوضاع نرى ان مواجهة سياسة الاستيطان تتطلب نضالاً متواصلاً وأشكال نقيضة للاستيطان، وهناك تحد سياسي آخر، وهو ما يمكن ان يبنى على نتائج صفقة القرن من مشاريع
حلول تتجاوز حقوق الشعب الفلسطيني كاملة بعد وقف المساعدات الامريكية عن وكالة الاونروا ونقل السفارة الامريكية الى القدس واعتراف ترامب بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال ، تستدعي كل هذه الامور صحوة وطنية ، ولعل خيار الكونفدرالية مع الأردن الذي يجري تداوله الآن يصبح أحد المشاريع المتداولة خلال الفترة القادمة.
إن المطلوب الآن ودون تردد هو رفض هذه الضغوط، وعدم الاستجابة لأي مبادرات تعيدنا إلى نقطة الصفر، وإلى اعتماد سياسة الصمود والتحدي التي اختبرت وثبتت نجاعتها، وان إثارة موضوع إقامة كونفدرالية بين الأراضي الفلسطينية والأردن في هذا التوقيت يعتبر مفاجئة للرأي الفلسطيني ، وخاصة ان الكونفدارلية تنشأ بين دول مستقلة، والفلسطينيون لم يحققوا هذه الدولة بعد، فالحديث عن إمكانية تحقيق كونفدرالية يقطع الطريق على إمكانية اقامة دولة فلسطينية مستقلة.
ختاما : لا بد من القول أن شعبنا الفلسطيني لديه درجة من الوعي والإدراك لحقوقه الوطنية وقادر على أن يناضل في كل الظروف من أجل استعادة هذه الحقوق، وهذا يتطلب من الجميع استثمار الظرف الموضوعي الموجود الآن لانهاء الانقسام وتطبيق اتفاقات المصالحة ، وإجراء مراجعة شاملة للمسار الفلسطيني، وتعزيز للوحدة الوطنية وحماية منظمة التحرير الفلسطينية ومشروعها الوطني.
بقلم/ عباس الجمعة