ليس لدى الشعب الفِلسطيني ما يَخسره غير الوَهم والرّهان على السّراب، والشّعوب التي قاومت الاحتلالات بشجاعةٍ ورجولةٍ، انتصرت في نهاية المَطاف، وحَقّقت تقرير مَصيرها بطُرقٍ مُشرّفة، والشعب الفِلسطيني لا يَجب أن يكون استثناء.
ولا نُبالغ إذا قُلنا أن أفضل قرار يُمكن أن تتّخذه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو ليس عدم تَجديد رُخصة وجود مكتب مُنظّمة التحرير الفِلسطينيّة في واشنطن فقط، ،لان وجود المكتب يُعطي انطباعًا خاطِئًا بأنّ العلاقات الأمريكيّة الفِلسطينيّة تَسير على ما يُرام.
عندما سَعت مُنظّمة التحرير الفِلسطينيّة إلى فَتح مكاتب في الدّول الغربيّة، ومن بينها أمريكا، كانت تَعتقد واهمةً، أن هذهِ الخُطوة ستُسقط عنها تُهمة “الإرهاب” أولاً، وتَختصر مَسيرتها السياسيّة للوصول إلى حُلم الدّولة الفِلسطينيّة المُستقلّة، ولكن لا تُهمة “الإرهاب” سَقطت كُليًّا، ولا حُلم الدّولة الفِلسطينيّة تحقّق، بل إن حل الدّولتين أُلغِيَ تمامًا.
23 عامًا، ومُنذ توقيع اتفاقيّات أوسلو في حديقة البيت الأبيض في 13 (أيلول) سبتمبر عام 1993، والسّلطة تستقبل وزراء الخارجيّة ومَبعوثي السّلام الأوروبيين والأمريكيين، وتُقدّم التنازل تِلو الآخر، تتآكل الدولة الفِلسطينيّة المُفترضة جُغرافيًّا في الوَقت نَفسه بسبب تَغوّل الاستيطان، فما فائدة هذهِ العلاقات، وهذهِ السفارة “المُتواضعة” شكلاً ومَضمونًا والقائمة في أحد شوارع واشنطن الخلفيّة المُظلمة.
رَفض الصفقه ، وعدم الترحّم على إغلاق مكتب مُنظّمة التحرير في واشنطن، والعلاقات الأمريكيّة عُمومًا، واتخاذ مواقف رجوليّة، تَعكس كرامة الإنسان الفِلسطيني وتُراثه العَريق في المُقاومة، كلها يجب أن نكون مضمون أيَّ ردٍّ فِلسطيني على هذا الابتزاز الأمريكي الوَقِح، وبأسرعِ وقتٍ مُمكن، ورَفض الإملاءات الأمريكيّة والإسرائيليّة أقل كُلفةً بكثير من الرّضوخ لها، ودُروس الأعوام السّابقة تُؤكّد هذهِ الحقيقة.
والواقع أن هذا الإجراء الاميركي “يمثل ضربة لجهود صنع السلام ويمثل كذلك مكافأة لإسرائيل التي تعمل على عرقلة الجهود الأمريكية من خلال إمعانها في سياسة الاستيطان ورفضها قبول مبدأ حل الدولتين” خاصة وأن أشكال الابتزاز
الذي تمارسه اميركا تتعدد ، تبدأ بالذهاب إلى المفاوضات دون شروط مسبقة مع اسرائيل ، ولا تنتهي عند عدم إبداء الحق في الاعتراض على السياسة الأمريكية والسياسة الإسرائيلية في المحافل الدولية بما فيها المحكمة الجنائية الدولية أو الانضمام لمنظمات ووكالات دولية بعينها .
هكذا بررت أداره ترمب إغلاق مكتب منظمه التحرير الفلسطينية في واشنطن
“الولايات المتحدة ستقف دائما إلى جانب صديقتنا وحليفتنا إسرائيل. إن إدارة ترامب لن تبقي المكتب مفتوحا في الوقت الذي يرفض فيه الفلسطينيون اتخاذ خطوات للبدء بمفاوضات مباشرة وهادفة مع إسرائيل”.
والسؤال عن الرد الفلسطيني على القرار الأمريكي وهل يكون الرد بمستوى التحديات الامريكيه المتصاعدة ضد الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية خاصة وان الفلسطينيون ليس لديهم ما يخسرونه
إن إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية هي ضمن خطوات امريكيه متصاعدة باتت تستهدف القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ضمن عملية ابتزاز وقرصنه وفتونه تمارسها إدارة ترمب مستغله الموقف العربي الخانع والمنخرط في المخطط الصهيو أمريكي للضغط على الفلسطينيين للقبول بصفقه القرن
" وبحسب أقوال. بولتون مستشار ترامب لشؤون الأمن القومي، "أن أمريكا ستقف دائما إلى جانب حليفتها إسرائيل، وان قرار إغلاق المكتب جاء بسبب رفض الفلسطينيين الانخراط في مفاوضات ذات مغزى معها".
تشترط الإدارة الأميركية على الفلسطينيين في مقابل السماح بعمل مكتب منظمة التحرير في واشنطن بأن يتوقفوا عن ملاحقة إسرائيل في محكمة الجنايات الدولية والدخول معها في مفاوضات مباشرة.
وتقول إدارة ترمب إن خطوتها بعدم تجديد ترخيص مكتب منظمة التحريرلا ترقى إلى مستوى قطع العلاقات مع المنظمة، كما أنها لا تشير إلى نية لوقف العمل مع السلطة الفلسطينية، لكن ترمب سيقرر في غضون 90 يوما ما إذا كان الفلسطينيون منخرطون في محادثات سلام "مباشرة وهادفة" مع إسرائيل.
وتأتي الخطوة الأميركية بإغلاق مكتب منظمة التحرير تماشيا مع نهج ترمب الذي لم يخف انحيازه الكامل لإسرائيل منذ جلوسه في البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2017. وقد تعهد بأنه سيكون الرئيس الأميركي الذي يحقق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وكانت صحيفة "التايمز" البريطانية ذكرت أن الولايات المتحدة تعمل على وضع خطة نهائية، تقضي بإحلال سلام دائم بين الفلسطينيين وإسرائيل، في أعقاب التحول الذي طرأ في العلاقات العربية الإسرائيلية بقيادة السعودية.
وهكذا بررت أداره ترمب إغلاق مكتب منظمه التحرير الفلسطينية في واشنطن
“الولايات المتحدة ستقف دائما إلى جانب صديقتنا وحليفتنا إسرائيل. إن إدارة ترامب لن تبقي المكتب مفتوحا في الوقت الذي يرفض فيه الفلسطينيون اتخاذ خطوات للبدء بمفاوضات مباشرة وهادفة مع إسرائيل”.
مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون قال في خطاب ألقاه في واشنطن للإعلان عن إغلاق مكتب منظمة التحرير "إذا لم يستأنف الفلسطينيون المفاوضات فلن نعيد فتح مكتب البعثة الفلسطينية في واشنطن".
واعتبر بولتون أن المحكمة الجنائية الدولية "خطرة"، وأن واشنطن لن تتعاون معها أو تنضم إليها، وستعمل بكل الوسائل لحماية مواطنيها وحلفائها من المحكمة "غير العادلة"، حسب وصفه.
وتابع بولتون "إذا لاحقت المحكمة الجنائية أميركيين سنمنع قضاتها من دخول أراضينا وسنحاكمهم ونفرض عقوبات على مموليهم، كما سنتفاوض حول اتفاقات ثنائية إضافية تمنع الدول من تسليم أميركيين إلى الجنائية الدولية".
هذا القرار الاميركي الجديد الذي لم يمض على عهد الرئيس الاميركي سوى عام ولم ينخرط مبعوثه - صهره – كوشنر عبر جولاته بالمنطقة غير محادثات استكشافية لم تتجاوز اصابع اليد فيما الرؤساء الاخرون ووزراء الخارجية امضوا في جولاتهم المكوكية سنوات عديدة ومحاثات مضنية لايجاد حل للازمة غير ان المسؤولين الاميركيين واجهوا الكثير من الرفض والصلف الاسرائيلي والمواقف المؤسفة والمتخاذلة من اسرائيل وبعض الدول الاوربية ومنها بريطانيا التي احتفلت قبل ايام با نقضاء مائة عام على وعد بلفور المشؤوم!
هذا القرار كما يقول المراقبون له خطورة كبيرة لكونه يجيء في وقت تسعى فيه اسرائيل الى تهويد الاماكن المقدسة الفلسطينية، وتجريد الشعب الفلسطيني بالمدينة من وثائقه المقدسية الثبوتية، وهو عملية ابتزاز اميركية جديدة لاعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لاسرائيل بصيغة قانون الاقرار التي رفضتها كل الهيئات العربية لتتناقضها مع قرارات الشرعية الخاصة بالصراع العربي ومقاصد الامم المتحدة التي تسعى الى حفظ الامن والسلام الدوليين وكذلك مع الاتفاقات المعقودة بين منظمة التحرير الفلسطينية وبين اسرائيل والتي كانت الولايات المتحدة شاهدة عليها عندما وقعت اتفاقية اوسلو في البيت الابيض!.
وليس ادل على هذا القرار الاميركي هو الانحياز الاميركي لاسرائيل في عهد الرئيس ترامب الا ما قاله نتنياهو رئيس وزراء الاحتلال الاسرائيلي في البيت الابيض خلال لقائه مع الرئيس الاميركيمؤخرا من أن “اسرائيل لم تر صديقا وداعما حقيقيا لبلاده كما هوالحال في عهد ترامب” “.
وهذا بالطبع يؤكد الانحياز الشامل الأميركي لاسرائيل، ومباركتها لأعمال القتل والقمع والتدمير الاسرائيلي للبنى التحتية الفلسطينية، دون الالتفات الى المواثيق والاعراف الدولية، بل ان أميركا أرادت ايضا لذر الرماد في العيون ارسال مبعوثها الخاص للشرق الأوسط كوشنر لكي تخفي ما تعد له اسرائيل من أعمال قمعية وبربرية ضد الشعب الفلسطيني في غزة وغيرها.
وهذه الإجراءات الإسرائيلية المدعومة من اميركا لن تفت من عضد الفلسطينيين بالاستمرار في مواجهة صلف الاحتلال وبربريته الوحشية المدعومة من أميركا... بل أن سياسته ستظل للاحتلال الاسرائيلي، حتى تقام دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف التي تم احتلال القدس الشرقية عسكريا وتهويدها ، وتطبيق القوانين الاسرائيلية في المدينة وتولي الجيش الاسرائيلي مهام الشرطة المدنية والشروع في ازالة الحدود الفاصلة بين شطري مدينتي القدس الشرقية والغربية “.
وهذا الإعلان المتسرع الأميركي باغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينيه في واشنطن يعد مخالفا ومتناقضا مع جهود الادارة الاميركية السابقة حيث طرح وزير الخارجية السابق جون كيري مبادرة من ست نقاط لانهاء الصراع العربي الاسرائيلي على النحو التالي:
1- اقامة حدود آمنة ومعترف بها من قبل الأسرة الدولية، بين إسرائيل وفلسطين قابلة للاستمرار وذلك عبرالتفاوض على أساس حدود 1967 مع عمليات تبادل متساو لأراض يقبل بها الطرفان”. وقال كيري انذاك إن هذا المبدأ الوارد في قرار الأمم المتحدة رقم 242 الذي تم تبنيه في 1967 “مقبول منذ فترة طويلة من الجانبين ويبقى أساس اتفاق اليوم”. وأكد أن “الأسرة الدولية لن تعترف بأي تغيير تقوم به إسرائيل لحدود 1967 ما لم يقبله الطرفان”.
2- تحقيق فكرة القرار 181 للجمعية العامة للأمم المتحدة (الصادر في 1947) بشأن دولتين وشعبين أحدهما يهودي والآخر عربي، مع اعتراف متبادل ومساواة في الحقوق لمواطني كل منهما”.
هذا كان المبدأ الاساسي لحل بدولتين منذ البداية: إقامة دولة للشعب اليهودي ودولة للشعب الفلسطيني، يمكن لكل منهما تحقيق تطلعاته فيها”.
3- إيجاد حل عادل ومقبول وعادل وواقعي لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، بمساعدة دولية، يشمل تعويضا وخيارات ومساعدة للعثور على مساكن دائمة واعتراف بالمعاناة وإجراءات أخرى ضرورية ليكون حلا كاملا منسجما مع دولتين للشعبين”. وأكد كيري أن هذا الحل يجب “ألا يؤثر على الطابع الأساسي لإسرائيل”.
4- إيجاد حل مقبول من الطرفين للقدس كعاصمة معترف بها دوليا للدولتين، وحماية وتأمين حرية الوصول إلى المواقع الدينية”. “القدس هي القضية الأكثر حساسية للطرفين، وأي حل يجب ألا يقتصر على تلبية احتياجات الطرفين فقط بل الديانات التوحيدية الثلاث كذلك”.
5- تلبية احتياجات إسرائيل في مجال الأمن بشكل مرض وإنهاء كل احتلال بشكل كامل، والعمل في الوقت نفسه على أن تكون إسرائيل قادرة على الدفاع عن نفسها بفاعلية، وأن تتمكن فلسطين من ضمان أمن شعبها في دولة تتمتع بالسيادة وغير معسكرة”. “تحقيق التوازن العادل بين هذه المطالب شكل واحدا من التحديات التي واجهناها خلال المفاوضات”.
6- إنهاء النزاع وكل المطالب العالقة ليتاح إقامة علاقات طبيعية وتعزيز الأمن الإقليمي للجميع كما هو وارد في مبادرة السلام التي تقدمت بها الدول العربية”.
“من الأساسي للجانبين كما قال كيري أن يؤدي الاتفاق النهائي حول الوضع إلى تسوية كل القضايا العالقة ويجلب تسوية نهائية للنزاع، ليدخلا في عصر جديد من التعايش السلمي والتعاون
فاذا كانت هذه المقترحات قد رفضتها إسرائيل وقبلها الجانب العربي من حيث المبدأ ولم تتخذ واشنطن قرارا حيال اسرئيل المحتلة والمتعنتة فكيف إذن بمبعوث أميركي- كوشنير – وفريدمان وغرينبلات لم يدرسوا حقيقة النزاع و يو صي بوضع قيود جديدة على الفلسطينين باغلاق مكتب السلطة لإجبارها على الاتفاق مع اسرائيل بالرغم من ان القرار جائر ويمالئ اسرائيل في توجهاتها المناقضة للشرعة الدولية “.
بقلم/ علي ابوحبله