ولأننا شعب ذاكرته قصيرة وضعيفة، فان عودة سريعة واسترجاع تذكري لما ورد في وثيقة بيلين – أبو مازن، يتبين لعامة الناس وحتى جهلاء السياسة ان ما يجري من تطبيق لصفقة القرن التي بدأ تطبيقها بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية ما هو الا تنفيذ لتلك الوثيقة التي تبناها الرئيس محمود عباس ودافع عنها باستماته، في حين يتهم غزة بانها تريد بيع الوطن، واستبداله بميناء عائم او غير ذلك من التفاهات والافتراءات، والغريب ان المطبلون انطلت عليهم الحيلة الماكرة، فأي مهزلة سياسية نعيش!؟
ان وثيقة بيلين – أبو مازن ليست عنكم ببعيد، ومن لم يقرأها فهذه اهم بنودها، فبنودها تنص على على ان القدس ستكون في أبو ديس والعيزرية، اما الااماكن المقدسة والتي تضم المسجد الأقصى وكنيسة القيامة فستكون تحت السيادة الإسرائيلية في إطار صياغة الفاتيكان، بينما تبقى المستوطنات الكبرى، اما المتوسطة فتبقى فترة اختبار نوايا لعشرين سنة، فيما تكون الدولة الفلسطينية المزعومة منزوعة السلاح ولديها قوة شرطية بأسلحة خفيفة، والبند الأبرز استبدال وكالة الانروا بهيئة دولية تنهي قضية النازحين وتوطن اللاجئين.
والسؤال الذي يطرح نفسه: أليست هذه البنود هي بنود صفقة القرن بعينها؟ ولكن لماذا يزج بغزة في معمعان الصفقة،هل هو ذر الرماد في العيون؟ ام لفت الانتباه عما سيكون؟ ام انه استهتار بالعقول؟ واستخفاف بالمواطنين الذين تاهت بوصلتهم وطاشت سهامهم، وأصبحوا في حيرة كأنها قرار بئر مجهول عميق، فيما الفصائل لم تكن أحسن وعيا ولا أركز فكرا. !!
ما استرعى انتباهي، هو ردود الفعل اللا منطقية من قبل الرئيس محمود عباس وحاشيته وحركة فتح تجاه اتفاق تهدئة مرتقب في غزة لرفع الحصار الظالم عن أهلها، تلك الردود التي زاود أصحابها على المقاومة وأصبحوا وكأنهم صقور المقاومة تجاه التهدئة في غزة، بينما هم حمائم التنسيق الأمني في الضفة الغربية، فلماذا أرادوا ان يظهروا غزة – التي لا يزاود احد على مقاومتها وصمودها وثباتها وانتمائها ومتابعتها لما يحدث بالقدس- وكأنها مستسلمة ومتخاذلة وباعت القضية الفلسطينية ، وقد كان هذا ظاهرا في موجات نشطاء التواصل الاجتماعي الذين تورطوا في هذا الردح الموجه عن قصد او دون قصد ولكن بشكل لافت ومثير للشبهات.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، وبما أننا نعيش ذكرى توقيع اتفاقية أوسلو ، فان أوسلو جاءت لوأد انتفاضة الحجارة لان اسرائيل تلجأ لخيار المفاوضات حينما تعجز في الميدان.. فعن اي سلام يتحدثون كفى سذاجة .. الثابت الوحيد هو صمود الشعب الفلسطيني لا سيما في قطاع غزة وباقي التفاصيل ضياع .. المهم ان تبقى البوصلة الأساسية موجهة نحو القدس، ان فشل تجربة ربع قرن لم نجني فيها من أوسلو غير الخيبة يستوقف ضميرنا الوطني للتمسك بخيار المقاومة .. وما دون ذلك هوان وامعان في التيه.
في الختام ما اردت ان أقوله ماقاله المثل اللبناني: سيزول الثلج ويبان المرج، ان ما أثاروه من دخان في غزة، لم يكن سوى، لفت الانتباه عن النار التي تشتعل بالقدس، والتي تشهد وتنفيذ صفقة القرن بتطبيق وثيقة بيلين – أبو مازن، وكلاهما وجهان لعملة واحدة، فاستفيقي يا أمة نائمة قبل ان تضحك من جهلك الأمم.
انتهى
كتب علاء المشهراوي