اوسلو بعد 25 عام العملية الجراحية تكللت في النجاح لكن المريض اعطاكم عمره

بقلم: ميلاد البصير

العملية الجراحية تكللت في النجاح لكن المريض اعطاكم عمره، هذا مثل دارج ومستعمل في ايطاليا وهو ينطبق تماما على عمليه السلام الفلسطينية الاسرائيلية أوسلو والتي يصادف مرور ٢٥ عاما على توقيعها.

قبل ٢٥ عاما اي ربع قرن تم التوقيع على معاهدة السلام في حديقة البيت الأبيض بواشنطن من قبل الشهيد القائد ابو عمار ورابين وكلينتون ،بحضور الكثير من زعماء العالم ، تصافحا ابو عمار ورابين امام عدسات العالم قاطبة، وتعهدا ان يسلكان طريق التفاوض من اجل الحل السلمي لدولتين متجاورتين تقوم بينهما علاقات حسن الجوار.

خلال ربع قرن من الزمن من المفروض القيام في تقييم كامل وشامل في هذا الخيار وماذا تمخض عنه لنا نحن الضحية في هذا الصراع ،لذلك اعتقد انه من ابرز النتائج التي الإيجابية ، اذ يمكن اعتبارها ايجابية، هو التالي: على المستوى الدولي قلنا نحن الفلسطينيون وأثبتنا للعالم اجمع اننا بتوقيعنا معاهده السلام اننا شعب مسالم ومحب للسلم والسلام والتعايش السلمي، وأننا نناضل من اجل الحرية والاستقلال وهكذا تخلصنا من الحكم المسبق علينا اننا ارهابيين، ليس هذا فقط بل كشفنا القناع عن وجوه الكثير من الدول لتظهر بوجهها الحقيقي فيما بخص هذا النزاع الذي يمثل نزاع العصر الحديث .

على المستوى الاقليمي والعربي قلنا للأشقاء العرب أن الشعب الفلسطيني يمثل نفسه ولم ولن نسمح لأي دولة شقيقة او غير شقيقة ان تحاول التمادي بتمثيل الشعب الفلسطيني على اي مستوى.

حصلنا على الاعتراف الاقليمي والعالمي الرسمي والعملي والسياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية والتي هي وحدها المؤهلة في توقيع اي معاهده سلام تتعلق في مصير الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.

على المستوى الفلسطيني ، دخل آلاف المواطنين الفلسطينيين الى فلسطين وتم العمل لوضع حجر الأساس لتأسيس الدوله ومؤسساتها الوطنية وهكذا تخلصنا من التنقل والترحال من بلد الى بلد عربي حسب مزاج هذا الزعيم ام ذاك او حسب التوازن الاقليمي في المنطقة  ، سمحت المعاهدة الى الكثير من جيش التحرير الى دخول ارض الوطن وأصبحنا احرار في التصرف وفي العمل السياسي وأصبحنا نرد الصاع بصاعين، لأننا كنا واقفين على ترابنا الوطني وليس ضيوف هنا وهناك في هذا البلد او ذاك.

وعلى الصعيد المحلي كشفنا وبطريقة غير كافية وللأسف عن وجه الاحتلال الحقيقي في انه احتلال غاشم وسياسته وممارساته لا يوجد لها اي علاقة في السلم والسلام، بل هو يريد التوسع واحتلال الارض وطرد السكان ويستعمل سياسة التمييز العنصري ،حتى ولو بطريقه محدودة وغير كافيه تم بناء الكثير من البنى التحتية للدولة مؤسساتها الوطنية الديمقراطية ، المدارس والمؤسسات والمستشفيات والطرق وغيرها ،وخاصة تم اعاده تأهيل المجتمع المدني .

 خيارنا في السلام والذي تبلور في النقاش السياسي لجميع فصائل منظمه التحرير في دورة المجلس الوطني الفلسطيني الذي انعقد في الجزائر عام ١٩٨٨ ، كان خيار حكيم وشجاع ،ولكن اغتيال رابين والسيطرة على الحكومة الاسرائيلية من قبل الأحزاب اليمينية المتطرفة والرافضة لعمليه السلام، وعدم قدره المجتمع الاسرائيلي في فرز قيادات محبه للسلام والتعايش السلمي، وعدم إمكانية المجتمع في نشر ثقافة السلام لتشبه مريض في حاله نزاع دائم، فهو ليس حي وصلب وليس ميت، لا يوجد عمليه سلام، وليس في امكاننا التخلص منها بسهوله .

 هكذا لم يتم احترام اتفاقية السلام ولا احترام او تطبيق المراحل التي تحتوي عليها وخاصة المرحلة الانتقالية لتشبه المريض الموجود في غرفه الانعاش وحياته معلقه على الأنابيب.

والنتيجة الأخيرة والتي سيسجلها التاريخ بغض النظر من سيكتبه هو موقف القيادة الفلسطينية الحالية ممثله بمنظمه التحرير الفلسطينية والتي هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بقيادة الرئيس ابو مازن والذي يقف شامخا ، متحديا ، وبكل اصرار وعزيمة وقناعه، رافضا الطاعة لإمبراطورية الولايات المتحدة الامريكية التي تريد تمرير صفقه القرن والهادفة الى تهويد وتصفيه قضيتنا العادلة. سيشهد التاريخ وسيكتب المؤرخين انه في في عام ٢٠١٨ في الزمن الذي يتعامل به قادة الكثير من دول العالم مع الولايات الامريكية مستعملين فقط عبارة ( حاضر سيدي انت امر وإنا ننفذ )،والمهم ان تكون امريكا راضية ، في هذا الزمن كان هناك قائد وقيادة ليس لهم دولة كاملة بل تحت الاحتلال، وقف وقال لأمريكا لا وألف لا . الجراح قام في العمليه الجراحية للمريض والعملية تكللت في النجاح ولكن للاسف المريض اعطاكم عمره ، هذه هي عمليه السلام اليوم بعد ربع قرن .

بقلم/ د. ميلاد بصير