قال تعالى:-"من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا"صدق الله العظيم "
فما أنا بصدده اليوم هو تسليط الضوء على سيرة عطرة لأحد أبطال أصغر شهداء مسيرات العودة الكبري في فلسطين والذي ارتقى شهيداً مخضباً بدمائه الطاهرة اثر أصابته في الرأس على أيدي قناص عصابات القتل والإجرام الصهيوني بدم بارد شمال قطاع غزة مساء يوم الجمعة بتاريخ 14/9/2018م عن عمر يناهز اثنا عشر ربيعاً,وهو يحتضن حقيبته الدراسية,خلال مشاركته في فعاليات مسيرة العودة على الحدود الشرقية قرب موقع أبو صفية شرق مخيم جباليا شمال قطاع غزة,والتي حملت اسم جمعة"المقاومة خيارنا"وتم تحويله من مستشفى الاندونيسي إلى الشفاء,انه الشهيد البطل/ شادي عبد العزيز محمود عبد العال.
ولد الشهيد/شادي في مخيم جباليا "بلوك 8 "مقر سكناه ومسقط رأسه بتاريخ 2/7/2007م وهو طالب في مدرسة الفاخورة بالصف السادس الابتدائي وتتكون عائلته الفاضلة من الأم والأب والذين هم على قيد الحياة وله من الإخوة 8 أفراد بما فيهم شادي وهم على النحو التالي/محمود- توأم "شادي"- محمد-هاني- والأخوات/دنيا- ميساء- ريهام- دعاء- ياسمين-ويأتي شادي في الترتيب الرابع,وقد نشأ وترعرع الشهيد الطفل/ شادي في أزقة مخيم جباليا وعاش في كنف أحضان أسرة فلسطينية لاجئة مناضلة ملتزمة بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف ومحافظة على تقاليد المجتمع الفلسطيني وتعود جذور عائلته إلى بلدة هربيا والتي هاجروا منها كباقي الأسر الفلسطينية تحت تهديد السلاح...
محطات مأساوية في حياة عائلة الشهيد شادي/
من باب العلم إلى من جفت ضمائرهم وتحجرت قلوبهم وصمت أذانهم وعميت أبصارهم على وجع وآلام الناس وعذابات المذبوحين من الوريد إلى الوريد, حيث يعيش المواطن عبد العزيز عبد العال"أبو محمود" والد الشهيد شادي في أسرة مكونة من 10 أشخاص تعيش في أوضاع مأساوية"فقر مدقع"لا يحتمله بشر فهو لا يستطيع توفير ابسط الاحتياجات لأبنائه من مأوي وطعام وكساء...الخ وقد تم طرده أكثر من مرة من البيوت المستأجرة بسبب عدم مقدرته على دفع الإيجار ويعيش الآن ببيت العائلة بغرفة مكونة 3 ×3لا تستطيع إيواء أكثر من شخصين فما بالكم بعشرة أشخاص عاطلين عن العمل ولديه أبناء لديهم مشاكل مرضية فهو لا يستطيع تلبية احتياجاتهم اليومية...
صاعقة الاستشهاد /
ارتقى الطفل شادي ابن الإثني عشر ربيعاً شهيداً في ساعات المساء من يوم الجمعة الموافق 14/9/2018م عقب أصابته برصاص قناص الاحتلال الإسرائيلي في رأسه قرب موقع أبو صفية شرق مخيم جباليا شمال قطاع غزة ،خلال مشاركته في الجمعة الخامسة والعشرين"المقاومة خيارنا"من مسيرة العودة وكسر الحصار السلمية, وتم تحويله من مستشفى الاندونيسي إلى الشفاء..
وفور نبأ استشهاد الطفل توجهت حشود من الجماهير إلى مستشفي الاندونيسي في المخيم وكان بالصدفة والد الشهيد يقوم بعلاج طفلة هاني اثر تعرضه للإصابة بقطع أصبعه نتيجة غلق الباب على يده وفي هذه اللحظات يسرد عم الشهيد هاني عبد العال" قائلا: لقد جاءني اتصال يفيد بوجود شهيد مجهول الهوية،ويرجح أحدهم أنه من عائلة عبد العال وأحد أبنائي،فاتصلت بوالد الشهيد "أبو محمود" لوجوده في المستشفى ليذهب إلى ثلاجة الموتى ويلقي نظرة على الشهيد وأغلقت خط الهاتف،عاودت الاتصال مرة ثانية حتى يظمئن قلبي، فقال لي:"إنه ابني أنا شادي"كانت لحظات مفجعه وصاعقة عندما شاهد ابنه فلذة كبده وهو مسجي في ثلاجة الموتى والدم الساخن يقطر من رأسه دون توقف...
حيث انطلق موكب الشهيد في مراسم جنائزية شعبية مهيبة من أمام المستشفى الاندونيسي في بلدة بيت لاهيا المجاورة وصولاً إلى منزله في مخيم جباليا "بلوك8" شمال القطاع محمولاً على الأكتاف ملفوف بالعلم الفلسطيني وسط صيحات الغضب والتنديد بجرائم الاحتلال,حيث ألقيت نظرات الوداع الأخيرة عليه من قبل عائلته والمحبين وأقيمت عليه صلاة الجنازة في مسجد عز الدين القسام في مشروع بيت لاهيا،ودع جثمانه الطاهر الآلف من أبناء شعبنا,وقد شارك في تشييع جنازة الشهيد جماهير غفيرة من أهالي شمال القطاع يوم السبت الموافق 15/9/ 2018م وقد ضمت شخصيات قيادية من حركة فتح والقوى الوطنية والإسلامية وسار الموكب الشهيد إلى مثواه الأخير،حيث وارى الثرى في المقبرة الشرقية شرق مخيم جباليا
المجد والخلود لشهيدنا البطل/ شادي عبد العال
والمجد كل المجد لشهدائنا الأبرار...
اللهم ارحم الشهيد شادي عبد العال
واسكنه فسيح جناته مع الأنبياء والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً...
بقلم الكاتب// سامي إبراهيم فودة