المصالحة ومواقف الأطراف !

بقلم: وفيق زنداح

مهما استمعنا الي مواقف الاحباط ...وكلمات التراجع والتعثر وما يحاول بعض فلاسفة السياسة ...والعالمين بما يجري ....والعارفين بالغيب ..... من يتوهمون أن المصالحة( أبعد من ابليس للجنة )...... وأنها من المستحيلات وأنها قد ماتت سريريا .....وأنها .....وأنها .....وانها !!.
الا أنني ومن خلال متابعتي وقراءتي الموضوعية على قناعة تامة أن المصالحة قادمة ..... بل وقادمة بأسرع مما يتصور المتشائمون والعارفون والمنجمون .
لكن سيبقي السؤال لماذا انا على قناعة تامة بأن المصالحة قادمة ؟؟!! ....بجواب بسيطة ومختصر أننا جميعا بمأزق ..... وان مخرجنا المصالحة ....واننا نريد أن نخرج من أزماتنا وما يتداخلنا ويحيط بنا ....وما يمكننا من مواجهة ما يدبر ضدنا .....كل هذا وغيره لا يمكن أن يتحقق الا بالمصالحة .
أولا : منظمة التحرير الفلسطينية ممثلنا الشرعي والوحيد وعبر القيادة والسلطة الوطنية وحتى يمكن لهم من انجاز مشروع التسوية السياسية ومفهوم حل الدولتين ومواجهة صفقه القرن واستمرار حشد المجتمع الدولي برعاية مفاوضات سياسية من خلال لقاءات سرية أو علنية أو حتى مؤتمرات دولية يحتاج الي وحدة سياسية ..... والي وحدة النظام والأهداف بما يزيد من عوامل قوتنا ويسحب البساط من تحت أقدام عدونا .
ثانيا : حركة فتح وبعيدا عن السلطة الوطنية تعيش حالة مخاض عسير وتباين بوجهات النظر..... وما يجري بداخلها من اجتهادات وتباينات وما انعكس على وجودها وانتشارها وحضورها.... تحتاج الي حالة اصطفاق لتعزيز قوتها باعتبارها القوة الاكبر داخل الساحة الفلسطينية وذات القاعدة الجماهيرية الاوسع والتي بامكانها أن تعبد المسار والقرار..... وما يعني بالنسبة لها تحقيق المصالحة...... من ضرورة وطنية ....تخدم فتح كما تخدم الوطن والشعب والقضية.... وهذا ما تحرص عليه فتح بقياداتها وبقواعدها وجماهيرها .
ثالثا : حركة حماس الطرف الاخر بمعادلة الانقسام والأصعب بأحوالها والاكثر من غيرها بأزمات تحيط بها..... والتي تتعدي حدود قوتها وامكانياتها والتي لا تجد بغير المصالحة امكانية لمعالجة ما يواجهها من تحديات تنظيمية أمام قاعدتها وامام الناخبين لها في ظل عدم مقدرتها على تنفيذ ما وعدت به .....وما اعلنته في برنامجها الانتخابي والذي سيكون له ما بعده من موقف انتخابي لن يكون لصالح حماس . ...اضافة الي أن حماس تجد نفسها بحاجة الي تطمينات وشراكة حقيقية وعدم شعورها بالعزل والمحاسبة لما قامت به ....بكل الاحوال حماس ومهما اشتد خطابها المعلن وتصريح قادتها..... الا أنها لا تري امكانية بعدم السير على طريق المصالحة وانهاء الانقسام بما يحقق مصالحها وامكانية شراكتها داخل المؤسسات وعلى رأسها منظمة التحرير والسلطة الوطنية وايجاد حلول عملية لما وعدت به ....وما يتداخلها من أزمات في ظل سيطرتها وحكمها ل 2 مليون فلسطيني لا تمتلك مقومات خدمتهم والتخفيف عنهم .
من هنا نجد ان الاطراف بحاجة الي بعضهم البعض لتحقيق المصالحة ...حتي وان كان بمقدار متفاوت ......الا ان التفاوت حتى يحقق كل طرف أفضل ما يتمني .

لا تتوقف المصالحة على أطرافها الداخلية .....لكن هناك لاعبين اساسيين يؤثرون كل بقدره وحسب احتياجاتهم ومصالحهم ....... وتاريخ علاقاتهم بفلسطين .
أولا : الاحتلال الاسرائيلي والولايات المتحدة وما حدث من تطور بمواقفهم اتجاه ضرورة انهاء الانقسام ....ووجود السلطة الوطنية بقطاع غزة في تحول بالمواقف بعد أن استفادت اسرائيل على مدار 12 عام من هذا الانقسام .....وبعد أن ظهرت الولايات المتحدة بادارتها للصراع وكانها قد بذلت أقصي ما لديها ......وهذا على عكس الحقيقة وما كان يدبر ضد قضيتنا ومصالحنا الوطنية وما تم تمريره في ظل انقسام أسود .
ثانيا : بعض الاطراف الاقليمية واخص هنا قطر تركيا ايران والتنظيم الدولي للاخوان والذين لا يرون بانهاء الانقسام وتحقيق المصالحة أدني فائدة لهم ...... باعتبار أن الاوضاع الحالية تسهل عليهم ولا تصعب من اهدافهم ....لكن الغلبة للقرار الوطني الداخلي وليس لهم وعلى الاقل بحسب الامال والتوقعات .
ثالثا : الشقيقة الكبري مصر والتي لها كل الاحترام والتقدير على مواقفها وسياستها الثابتة والتاريخية ومدي تحملها للمماطلة واهدار الوقت في ظل حاجة فلسطينية ملحة لتحقيق المصالحة .
مصر تتحرك بمنظور استراتيجي لا يخضع لتكتيكات ولا الي مصالح ضيقة..... بل تعمل بكل طاقاتها وحتي هذه اللحظات لأجل اتمام المصالحة وانهاء الانقسام ....وثقة الشعب الفلسطيني وقيادته وفصائله بالدور المصري الشقيق .
بكل الاحوال المصالحة قادمة ...... حتى وان تأخرت قليلا أو كثيرا .....لأنها المخرج من الازمة ...... كما أن المصالحة مطلب شعبي فلسطيني يستوجب من الجميع الرضوخ له والعمل من أجل انجاحه ..... فلا يوجد من يستطيع مواجهة ارادة الشعب .... وحقه بوحدته وحريته .
الكاتب : وفيق زنداح