ما هو الجامع بين تصريحات ترامب وبين تصريحات نتنياهو في نيويورك؟
ترامب قال أنه مع إسرائيل 100% "مئة بالمئة" واضاف أنه " يحب حل الدولتين ولكنه مستمر بمشروع صفقة القرن، وهو فخور بنقل السفارة للقدس وإخراجها من معادلة التفاوض"، وادارته فخورة بقطع المساعدات عن "الاونروا" وبنفي حقوق اللاجئين الفلسطينيين، ونتنياهو قال : "لا مكان لدولة فلسطينية ذات سيادة غرب النهر"، أي في فلسطين.
وكل ذلك يجري في ظل إقرار الكنيست لقانون القومية العنصري دون أي احتجاج من الإدارة الأميركية ، وفي خضم الإستعداد لإزالة وهدم تجمع الخان الأحمر، والبدء بتهويد ما يسمى بمنطقة " E1 ".
ما معنى ذلك ؟ إنه يعني أن هناك مخططا تتضمنه صفقة القرن لتزوير وتشويه ما يسمى بحل الدولتين، وجعل فكرة الدولة الفلسطينية مجرد معازل وكانتونات، بدون القدس، وبلا حدود، وبلا سيادة، وبلا تواصل جغرافي، وبدون سيطرة على الموارد الطبيعية، وتحت السيطرة الإسرائيلية الأمنية والاستعمارية الكاملة، مع تصفية حق اللاجئين في العودة، وحق الفلسطينيين في القدس.
إنه نظام الأبارتهايد العنصري، ومخطط لتهويد الضفة الغربية بالكامل، في محاولة لتكرار ما جرى في أراضي 1948، ولتكريس الفصل الكامل بين غزة والضفة.
ولمن لم يلاحظوا لا بد من التذكير بما حمله قانون القومية الخطير الذي أقره كنيست إسرائيل.
القانون ينص على أن ما يسميها " أرض إسرائيل" هي الوطن القومي لليهود، وأن حق تقرير المصير فيها محتكر ومحصور باليهود فقط، وأن القدس العاصمة الموحدة لإسرائيل، ولايحدد القانون حدود " أرض إسرائيل"، ثم ينص على أن الإستيطان قيمة قومية يهودية يجب تشجيعها وتعزيزها وتثبيتها، في حين لايتخلى الخطاب الإسرائيلي، من يمينه الى يساره، عن تكرار تسمية الضفة الغربية ب" يهودا والسامرة".
الإستيطان لا يجري في الهواء ، بل في الضفة الغربية بما فيها القدس، وبالتالي فإن قانون القومية العنصري يؤشر إلى شيء واحد، اعتبار الضفة الغربية جزءا من "أرض اسرائيل" وتهويدها بالإستيطان، وبقانون القومية، وفرض نظام الأبارتهايد عليها أيضا.
وهكذا يصبح "حل الدولتين" الذي تحدث عنه ترامب غطاءً، وذراً للرماد في العيون لتسهيل هدف نتنياهو "لا دولة فلسطينية ذات سيادة غرب النهر" ولضم وتهويد الضفة الغربية بالكامل.
وهذا بمجموعه ليس حلا، بل تصعيد للمواجهة القائمة بين الشعب الفلسطيني والاستعمار الإستيطاني اليهودي .
الخلاصةُ لا يحق لأحد مواصلة الحلم بالمفاوضات، أوالمراهنة على حلول وتسويات مع حكومات كهذه، وما دامت إسرائيل محكومة بالتطرف والعنصرية اليهودية، فلا يحق لأحد أن يتواني للحظة، عن بذل كل جهد لتوحيد الصف الفلسطيني في مواجهة الخطر، ولتقديم الرواية الحقيقية لما يجري لعالمٍ أمعن نتنياهو وداعموه في تضليله .
ولم يعد هناك حل دون افشال وإسقاط نظام الأبارتهايد والتمييز العنصري في كل فلسطين، ولن يتأتى ذلك إلا بإستراتيجية تركز قبل كل شيء على تغيير ميزان القوى، وتنحي كل الخلافات، والإختلافات، لصالح ذلك الهدف النبيل.
بقلم/ مصطفى البرغوثي