حماس والجهاد بالقاهرة ... ماذا بعد ؟!

بقلم: وفيق زنداح

وصول وفود حماس والجهاد الاسلامي للقاهرة في ظل اجواء داخلية فلسطينية ... أقل ما يمكن ان يقال عنها انها الاسوأ بتاريخنا ... والاصعب والاخطر بما يتهددنا ... والاشد قسوة بظروف حياتنا وما يمكن ان يطرأ علينا من عدوان جديد لالة حرب ظالمة ومنفلتة وفي واقع علاقات وطنية تسر كل عدو ... وبالتأكيد لا تسر أحد منا ... ولا صديق يريد مساعدتنا ... ولا حتى شقيق يريد ان يواصل طريقه للتخفيف عنا ودعمنا واسنادنا بمقومات قوة اضافية ونوعية .

زيارة ليست هي الاولى ... في اطار سلسلة الزيارات المتكررة ... لكنها الاهم بتوقيتها ... وملفاتها ... وما ستشهده من صراحة القول وعدم القبول بالمجاملة على حساب الوقت والزمن المفتوح وما يشكله كالسيف على رقابنا ... والمكابرة بمواقفنا ... والى درجة الاقتراب بدوائر المجهول ... ولربما ان تحدث المصادفة التي تأتي على مقاس كل منا .

الاجواء السائدة ما قبل خطاب الرئيس عباس ... وحتى ما بعد القاء الخطاب .. وما اظهرته العلاقات الداخلية من هشاشة واضحة .. وضعف بمستوى الوعي ... وعدم معرفة بقادم الايام ... ومخاطر الزمان ... وغلبة الاحادية والنظرة الضيقة والاجندات الخاصة على كافة المصالح العليا والمحددة لحقيقة التوجهات واعتماد السياسات والاحساس بواقع شعب مل الفصائلية ومماطلاتها وتلاعبها ... وحكم نفسها بضيق مصالحها ... وليس بمصالح وطن لا زال ينزف ... ويودع الشهداء والرحمة لهم .... وطلب المغفرة لنا على قصورنا وعدم اهتمامنا والى درجة غياب مسؤوليتنا واحساسنا بشعب ظلم ... ولا زال يظلم ويجوع ويمرض ... لا زال لا يعيش حياة كريمة ... ولا تتوفر له الخدمات المطلوبة ... ولا حتى يجد الفرصة لإثبات نفسه من خلال اجياله العاطلة عن العمل والتي تجد نفسها بحالة فراغ قاتل ومدى المخاطر المحدقة بهذا الفراغ .... وما يمكن ان يجلبه من ظواهر وسلوكيات وافعال ... ستكون موضع بحث وندم كبير سنجد انفسنا فيها وبنتائجها اننا مخيبين للآمال ولا نتمتع بأدنى روح للمسؤولية .

بصراحة تامة فصائلنا مجتمعه وقد اثبتت فشلها بحكم نتائج الواقع والذي يتحدث عن ضيق الافق وعدم ترتيب الاولويات ... وتخبط المواقف وتناقضها ... وعدم المعرفة الحقيقية .... بحقيقة المواقف ومحاولة التغطية عليها وكأنها ذكاء سياسي ... لكنه مكشوف لدى عامة الناس التي تتابع جملة التصريحات والمواقف ... والتي تتأكد يوما بعد يوم ان ما يحكم المواقف المصالح ... ولا يحكمها متطلبات الواقع ومصالح الناس .

بكل الاحوال فالمشهد يحمل عناوين التصعيد الاسرائيلي ... وعلى الاقل التهديد بارتكاب حرب عدوانية جديدة في ظل الافراط باستخدام القوة ضد مسيرات العودة ... وكأنها رسالة اسرائيلية تطلقها من جديد وهي على وشك الانتهاء من الاعياد اليهودية وما بعد جلسات الامم المتحدة والانتظار لما ستسفر عنه النتائج حول الحوارات الفصائلية وامكانية عودة السلطة الوطنية وحكومة التوافق الى قطاع غزة .

حماس والجهاد الاسلامي وبطبيعة الحال مع الاختلاف بينهم بحكم سيطرة الاولى على القطاع ... وعدم اقحام الجهاد بنفسه بأي تصرفات تدفع الى استمرار الانقسام وتغذيته والمطالبة بإنهائه بما يخدم الواقع الفلسطيني الا ان ما يجمع الحركتين اكثر مما يفرق بينهم بحكم خياراتهم وبرامجهم السياسية .

الملفات التي سيجري نقاشها ... قد لا تتجاوز المصالحة ومدى الضرورة لها ومدى التنفيذ الامين لمتطلباتها والمعروفة للجميع .... وعدم القبول بإرجاعنا الى اتفاقيات قديمة واهمال اتفاقية جديدة كانت حيز التنفيذ وتعطلت بفعل الفاعلين واقصد اتفاقية 2017 والتي يجب الاستمرار بتنفيذ بنودها من حيث النقطة التي وصلت اليها ... وليس العودة للبحث من جديد واطالة الوقت وتسويف القضايا والملفات .

الملف الثاني ذات علاقة بالتهدئة وتثبيتها والعمل على فك الحصار وعدم ابقاء القبضة الاسرائيلية على القطاع وهذا ما ينسجم مع الرؤية العربية ... والرباعية الدولية والتي تبدي استعدادها لمعالجة كافة القضايا الانسانية على شرط وجود السلطة الوطنية وحكومة التوافق ... أي ان الرؤية الدولية بمجملها تدفع باتجاه الحكومة والسلطة للقطاع لتنفيذ المشروعات ... ومعالجة الازمات الانسانية .

فاذا كان كل الكلام عن مصالح الشعب ... والعالم بأسره يدفع بالسلطة وحكومة التوافق للعودة للقطاع ... فلماذا الاعتراض ؟ّ!

اذا كان الحديث حول ملفات وازمات والخوف على الشعب الفلسطيني فالطريق اسهل وايسر بتمكين الحكومة وعودة السلطة الوطنية وتحملهم للمسؤوليات كافة دون تداخل او تضارب من احد وعلى قاعدة السلطة الواحدة ... والقانون الواحد والقرار الواحد والامن الواحد والسلاح الواحد .

وهذا لا يثير مخاوف احد ... ويجب ان لا يثير أي اعتراضات ... طالما كانت الامور والقضايا والملفات تحل بصورة توافقية ... وبرعاية مصرية كريمة ... وبمتابعة مصرية لآليات التنفيذ لما يجري على واقع الارض .

كل هذا يتطلب ان لا يتولد لدى أحد فكرة السيطرة واهمال الاخر... ولا يتولد لأحد فكرة التسلط على أحد .... لكن الجميع يجب ان يعيش ويمارس فكرة الواجب الوطني واولويات المصالح العليا والتي تخدم الجميع دون استثناء .

القاهرة التي تفتح ابوابها ... وقلبها وعقلها للقاء الحركتين .. كما لقاء كافة الفصائل الفلسطينية تهدف الى مصالح القضية والشعب وانهاء هذا الانقسام الاسود وطي صفحته للابد ومعالجة كافة الازمات الانسانية في اطار سياسي وطني .

مصر تجدد الترحيب بمساعيها الحميدة والكريمة والتي تحتاج الى ارادة فصائلية واضحة وملتزمة بقوة الواقع ومتطلباته ... وما يواجه الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية من تحديات ومخاطر تحتاج الى الوحدة والاصطفاف الوطني وبالتأكيد لا تحتاج الى ما شاهدنا بالأيام الماضية من مناكفة وتجاذبات وحملات اعلامية ... اقل ما يمكن ان يقال عنها ... انها خارج المسؤولية المطلوبة من تلك الفصائل .

بقلم/ وفيق زنداح