المواقف التي استدعاها خطاب أبو مازن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة ، من قبل العديد من الفصائل الفلسطينية ، التي رأت في القسم الأول من الخطاب تكراراً واستجداءً وبكائيات وضعف وتسول ، عندما تعلق الأمر في مواجهة السياسات والإجراءات والقرارات التي اتخذتها وتتخذها كل من إدارة الرئيس الأمريكي " ترامب " ، وحكومة نتنياهو بحق الشعب الفلسطيني وقضيته وعناوينها الوطنية . وبقي مصراً أن يقدمّ نفسه كما هو ، وعلى سابق عهده فلا بديل عن المفاوضات إلاّ المفاوضات وفي أي زمانٍ ومكان . أما القسم الثاني من خطابه الممل والهزيل ، فقد تجلت نبرات صوته بالقوة والصرامة والحزم والشدة ، وكأنه شخص أخر ليس ذاته أبا مازن الذي كان يسعل وتتهدج كلماته وكاد أن يفقد توازنه من خلف المنصة في القسم الأول من خطابه ، فالأمر اختلف لأنه تعلق بغزة شعباً ومقاومةً ... فأبو مازن بشرَّ الشعب الفلسطيني هناك بمزيدٍ من العقوبات وقطع الهواء عنه إذا استطاع إلى ذلك سبيلا ... ومقاومةً وصمها بالعنفية والإرهاب ، هادراً دمها أمام عدوٍ مجرمٍ لا يجيد إلاّ لغة القتل والقتل فقط .
إذا كان الأمر يتعلق برئيس السلطة فهو قد أكد المؤكد ، أنه الضعيف والرحيم والمتصالح مع أعداء قضيتنا وشعبنا ، والقوي والحازم والصارم مع أبناء شعبنا ومقاومته وإن كانت سلمية فأجهزة التنسيق الأمني بالمرصاد . وإذا كان أبا مازن متهم على أنه علة العلل في الساحة الفلسطينية ، وهو المجرب مراراً وتكراراً ، من دون الحاجة الاستماع إلى خطابه وبؤسه . ليطفو وبقوة السؤال الذي يطرح نفسه ، لماذا تعيش الفصائل المعترضة والمعارضة لسياسات أبو مازن ونهجه الحالة الإنتظارية وبؤس المراوحة بالمكان فلا حولّ لها ولا قوة سوى الشجب والإدانة وتشخيص المواقف من دون أن تحرك ساكناً بالمعنى الفعلي والجدي المسؤول ؟ ، ومن الذي يمنعها من التلاقي ، لتصوغ رؤيتها في الخروج من المأزق الذي نعيشه ؟ ، ومن ثم تضع الآليات العملية لذلك .
الوقت ليس بيدنا ، ولم يعد هناك متسع لدى الجميع في الساحة الفلسطينية ، حتى يبقى يفكر ويمحص ويقلب المواقف ويتفحصها ، لأن أعدائنا عاقدون العزم على تصفية قضيتنا ، وهم لا يخفون الأمر ، بل يعملون ليل نهار على تنفيذ ذلك . و" صفقة القرن " دخلت حيز التطبيق ومن دون الحاجة للإعلان عنها ، لأن الأمر لا يستحق ذلك من خلفية ، أولاً في ظل نظام رسمي عربي متهاوي ومتهالك ومرتهن وعنوانه " الجامعة العربية " ، وثانياً في ظل انقسام فلسطيني حاد على ما يظهر قد أصبح متجذر ولا شفاء منه . والمثل العربي يصدقنا القول : أنّ " الوقت كالسيف ، إن لم تقطعه قطعك " .
رامز مصطفى
كاتب فلسطيني