ما بين الانتفاضة الاولى وذكرى رحيل الزعيم جمال عبد الناصر حكاية نضال ومقاومة شكلت نتائجها الفلسطينية والعربية والدولية شعار العودة الحرية والاستقلال والعدالة الاجتماعية، حيث اتت كل هذه النتائج بمواجهة الكيان الصهيوني باعتباره ظاهرة استعمارية، كما اعطت تلك النتائج للانتفاضة الاولى اعلان قيام الدولة الفلسطينية المستقلة التي كان للرئيس الشهيد الرمز ياسر عرفات الدور الرئيسي في الاعلان عنها في الجزائر .
إن الانتفاضة الاولى، حملت مضامين كبيرة ومعاني كثيرة... ومثلت مرحلة جديدة في النضال الوطني الفلسطيني، مرحلة جديدة لها سماتها المحددة، حيث ظهر الوجه الفلسطيني ليقول، أنا محور وجوهر هذا الصراع وان الشعب الفلسطيني قادر على تحقيق الانتصار، هذه هي الانتفاضة.
نكتب في ذكرى رحيل الزعيم العربي الراحل جمال عبد الناصر بان لا خيار امام الشعب الفلسطيني الا خيار المقاومة في مواجهة "صفقة القرن" التي تستهدف تصفية القضية، نعم اكتب عن الرئيس جمال عبد الناصر في ذكرى رحيله، لأنه ليس ذكرى بل روح الأمة العربية التي لا ولن تموت، ولأنه روح المقاومة الفلسطينة التي قال عنها "لقد وجدت المقاومة الفلسطينية لتبقى ولتنتصر" ، فكان صوت مسيرات العودة وابناء الخان الاحمر والمقاومة الشعبية في الضفة في مواجهة مشاريع الكيان الصهيوني، فهؤلاء شابات وشباب فلسطين يملكون ارادة المقاومة التي تعطي فكرة واضحة عن وعي شعبي يتطور ويتسلح بأدوات ونماذج نضالية متعددة، مقابل عجز سياسي رسمي عربي ودولي، وتهافت على التسوية والتطبيع، ورهان على الدور الأمريكي.
إن المناضل الرئيس جمال عبد الناصر بروحه وشجاعته وبفكره الخلاق وبحلم الوطن العربي الأكبر ليس ذكرى وليس قضية الأمس، إنه الحاضر، فهو قضية الغد العربي المشرق الذي اعطى حياته كلها وسقط شهيداً قومياً عربياً ووطنياً مصرياً ومقاوماً فلسطينياً على أرض الصراع والمواجهة ضد الاستعمار قديمه وحديثه وضد اغتصاب فلسطين واستعمارها واستيطانها وضد التجزئة والتمزق، إنه العزة والكرامة.
إن قضية المناضل الرئيس جمال عبد الناصر ورسالته وكفاحه هي قضية كل عربي من المحيط إلى الخليج سواء كان حاكماً أو مواطناً، لأن مبادىء جمال عبد الناصر هي المبادىء التي على أسسها تنهض أمتنا العربية وتأخذ مكانها تحت الشمس، فقد كرس الشهيد القائد الامين العام السابق لجبهة التحرير الفلسطينية" ابو العباس " مقولة الرئيس الراحل ما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة ، فكانت عملية نهاريا " عملية الشهيد القائد جمال عبد الناصر" التي قادها الاسير الشهيد القائد سمير القنطار لتشكل نقطة تحول هامة في مجرى الصراع مع العدو الصهيوني .
والان يقف الشعب الفلسطيني شامخاً في معركة تحرره الوطني من الاحتلال الاسرائيلي ومن الاستعمار الاستيطاني، ونحن نتطلع بكل أمانة الى مواقف المناضل الرئيس جمال عبد الناصر التي تحمل معاني التضحية والفداء، فكراً ورجولة وروحاً خلاقة، وقامة لا تعرف الانحناء، ولا التراجع مهما اشتد الخطب وعظمت التضحيات.
وفي ظل هذه الظروف نرى إن الاضراب الوطني العام التي دعت اليه القوى الوطنية والفعاليات والاتحادات شكل في أماكن تواجد الشعب الفلسطيني تعبير وتجسيد لرفض قانون ما يسمى "قانون القومية", الذي تبنى عملياً نظام الفصل العنصري على كامل فلسطين التاريخية دون تفريق بين الضفة والقطاع والقدس والداخل.
لذلك فنحن أن قضية مكافحة الابرتهايد والفصل العنصري والتصدي للتنكر لحقوق الشعوب على ارضها وفي وطنها ليست قضية "محلية او داخلية" الأمر الذي يستوجب أن يتخذ المجتمع الدولي المواقف والإجراءات الكفيلة بإلغاء هذا القانون العنصري وكل التشريعات العنصرية الإسرائيلية والتي يجب ان تقود إلى انصياع إسرائيل إلى المواثيق والقرارات الدولية المتعلقة بحقوق الشعب الفلسطيني بما فيها حق العودة وتقرير المصير في دولة مستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.
من هنا نرى ضرورة وحدة الصف الفلسطيني والتزام بقرارات المجلسين الوطني والمركزي وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية في مواجهة معسكر أعداء رهيب لديه تكتيكات معينة، يريدون خسارتنا خطوة بعد خطوة، وهذه يستدعي أن نأخذ حركة الجماهير الفلسطينية بعين الاعتبار عند الإقدام على أي خطوة، من خلال نضالنا ونشاطاتنا على العمل الدبلوماسي، وعلى الاتصالات السياسية، وعلى المستوى النضالي من خلال تجذير المقاومة الشعبية، في مقاومة الاحتلال ، وهذا سيكون لها دور كبير في تعديل ميزان القوى .
ختاما : يجب أن تشكل ارادة الشعب الفلسطيني صرخة بالنسبة للأحزاب العربية التقدمية في كل الوطن العربي، صرخة عنوانها: لماذا لم تتحركوا دعما لصمود الشعب الفلسطيني نصرة قضيته العادلة , والى تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته القانونية والأخلاقية لتخليص شعبنا من الظلم التاريخي الذي لحق به منذ عام 1948.إن الشعب الفلسطيني لم يستسلم للمؤامرة، ولن يفرط بالثوابت الوطنية وسيواصل مسيرته النضالية الرافضة للخنوع والذل والمهانة دفاعاً عن حريته وكرامة أمته وصولاً إلى تحقيق طموحاته الوطنية في نيل الحرية والاستقلال.
بقلم / عباس الجمعة
كاتب سياسي