الطرف الممانع للمصالحة الفلسطينية

بقلم: هاني العقاد

كشف الانقسام عورة الشعب الفلسطيني بأكمله دون استثناء وكشف اقتراف  المحرمات الوطنية بامتياز عندما تجاوزت لغة المتخاصمين أي مبادي انسانية او وطنية وعندما يتباهى احد الاطراف بانه استطاع ان يكشف سوءة اخيه ويجند ما يحلوا له من مرتزقة ليصطفوا الى جانبه ليخونوا ويكفروا ويعتبروا انفسهم الهة لا تخطئ ولا ترتكب أي ذنب لم تساهم في المأساة البشرية في غزة, كشف الانقسام بين الفلسطينيين عن عبث اقليمي في شؤوننا الداخلية واستخدام ذات اللغة التي نعهدها على مدار مسيرة نضالنا الفلسطيني لغة التحريض ولغة المال السياسي  , ضرب الانقسام عمق النسيج الاجتماعي  الفلسطيني الذي تهتك وانهار وضرب البناء الفكري والوطني والتربوي للإنسان الفلسطيني , عندما يتطاول فقراء العقول على رأس النظام السياسي هذا يعني انهم لا يعترفوا باي نظام سياسي غير نظامهم الحزبي ولا باي حزب غير حزبهم  ولا  أي ايدلوجيا غير ايدلوجيتهم ,وهذا يعني ان التعبئة الفكرية للحزب  ابتعدت كل البعد عن النضال والمقاومة واحترام الاخر ووحدة المصير و وحدة الهدف فقد وجهت كل طاقات ابنائها للسب والشتم والتخوين بل اكثر من ذلك فاصبح الصغير والكبير يقول هذا يمثلني وهذا لا يمثلني وكأننا امام سؤال دولي كبير لهؤلاء الناس من يمثلكم ..؟ لا احد يهتم يا فقراء  العقول والانتماء الوطني الى اجاباتكم غير مسؤوليكم في الفصيل الذي سيعتبر اخلاصكم للحزب بقدر اهانتكم لنظامكم السياسي وهذا ما اصبح يعني الكثيرين.

النخب السياسية التي اختارها الشعب لتمثله لأربع سنوات كفترة دستورية باتت اليوم أبعد ما تكون تمثل الشعب  لأنها  اعتقدت ان القانون والدستور يعطيها الحق في اسقاط النظام السياسي وعزل الرئيس دون دعوة الرئيس لإعلان الانتخابات العامة وتحديد موعدها  وهذه النخب تعرف ان ولايتها انتهت قبل احدي عشر سنوات  ولم يعد احد يعرف انها مازالت تمثل الشعب غير مرافقيهم  وابنائهم وزوجاتهم واقربائهم وابناء احزابهم وتياراتهم والمنتفعين والمطبلين , لو صمتت تلك النخب لحفظت ماء وجهها وحافظت على ما تبقي لها من احترام في الشارع الفلسطيني ولا نريد هنا ان نقول ما الذي كان يتوجب فعله لتبقي هذه الفئة تتمتع بالثقة التي منحها اياها الشعب لتخفف عن الآمه ومعاناتها وتقف مع المكسورين وتتفقد الجوعى وتناصر المحرومين دون النظر للانتماء السياسي . الامة تخسر قضاياها  الكبرى الان  , القدس لا احد يناضل من اجلها الان سوي اهلها , اما الاخرون اتبعوا ترامب الذي اخرجها من الصراع واعلن عنها عاصمة لإسرائيل فنالت منها الامبريالية والصهيونية ,قضية اللاجئين وضع لها مخطط التفكيك وحق العودة  بات بيد ترامب وبعض العرب ,الأونروا التي شهدت وتشهد جريمة النكبة  والجرائم التي تتراكم عاما بعد عام وعلي مدار سبعة عقود قد تفلح ادارة ترامب في شطبها  , القطاع يبرمج له بدقة متناهية مستغلين حالة الانقسام التي افسدت كل حياته ورحل ابنائه الى خارجه  ليصنعوا منه مقبرة الدولة الفلسطينية  المستقلة وعاصمتها القدس ويدفنوا في رمالها  حل الدولتين لينتهي الى الابد حق تقرير المصير؟.

 مصر تقطعت انفاسها وذابت احذية رجال مخابراتها وهي تجري وراء الطرف الممانع  لتطبيق اتفاقات 2017 وما بات معروفا ان كل اتفاق اصبح يتطلب مباحثات للوصول الى اتفاق لتفعيل وتطبيق بنود  الاتفاق  الاخر وكل تطبيق يتحاج الى ضمانات والضمانات  المصرية وحدها قد لا تكفي, مصر تبدأ اليوم المحاولة من جديد لإلزام الطرف الممانع بالنزول عن الشجرة والتماشي مع المصلحة الوطنية للشعب الفلسطيني والقبول باقل ما يمكن من خطة تمكين  متدرج للحكومة الفلسطينية يكون مهمتها السماح بوصول البرامج الانسانية الى غزة  وحل بعض الازمات والاعداد للانتخابات التشريعية والعامة واستيعاب موظفي حماس وتسلم سلطة الاراضي الى لجنة مخصصة وتسليم القضاء لاحد الكفاءات الوطنية   ,اعتقد ان هذا ليس تمكينا كاملا بل يعتبر الحد الأدنى من التمكين وهنا استدعت مصر كل من قال انا قيادي في حماس الى القاهرة لمحاولة اقناعهم بخطورة استمرار الوضع على ما هو عليه الذي لن تسمح مصر باستمراره والا فان مصر ستعلن عن الطرف الممانع رسميا دون ايحاءات  لان مصر تدرك ان الوقت ينفذ وغزة تنهار وينهار كل شيء حتى البيوت المستورة فلم يعد بيت في غزة الا ويعيش تحت خط الفقر لان التقارير تقول ان 1 من 3  اشخاص لا يجدو قوت يومهم في غزة والفقر وصل مستويات خطيرة والبطالة تجاوزت نسبة 70%  والمصانع اقفلت ابوابها والتجار اكثر من 120 الف بالسجون على زمم ماليه  , ومع هذا الانهيار فان غزة امام تهديد حقيقي من قبل اسرائيل التي بدأت  تقنع كل اطراف المجتمع الدولي ان  الحرب على غزة مسالة وقت اذا ما استمرت مسيرات العودة واطلاق البالونات , لان اسرائيل تعتقد ان هذه الحرب تحقق لها ما تريد وتمكنها علي فرض  شروطها للحصول على تهدئة طويلة الامد  تستعيد من خلالها اسراها دون الحاجة لإطلاق سراح الاسري الفلسطينيين بالمقابل وتترك غزة كومة من الدمار والدماء والثكلى  ليتدخل العالم ويعيد اعمارها من جديد .

اذا ما فشلت جولة الحوارات الحالية والتي اطلقت عليها مصر جولة الفرصة الاخيرة  ( الحد الأدنى من التمكين )  ولم تحقق مصر ادني اختراق في جدار الرفض والمماطلة  والتسويف وانتقاء الاولويات حسب الصالح الحزبي  , فانا اعتقد ان مصر لن تقف مكتوفة الايدي هذه المرة ولن تنتظر  وتعطي فرصة اخري ليتعقل الطرف الممانع  ولن تبدا من جديد او تحاول خفض مستوي الحد الأدنى من التمكين الحكومي في غزة وتأتي بلجنة ادارية مصرية انتقالية  بل  ان مصر بالتأكيد ستتحول الى حكم وتستجب لكل من نصحوها في هذا الاطار من خبراء استراتيجيين وباحثين ومراقبين وقاده بان على مصر التحول من راعي الى حكم للضغط على الطرف الممانع للمصالحة والذي بات يتلكك عند كل مرحلة  وينتقل من موقف الى اخر ويستخدم عوامل ضغط غير تقليدية ويعتقد انه يستطيع أي يحسم القضية  في النهاية لصالحه   ويفوز بكل شيء.

بقلم/ د. هاني العقاد