* الخطوات العملية لتهويد المدينة المقدسة وأسرلتها “ 3“

بقلم: عبد الحميد الهمشري

المسجد الأقصى يتهدده خطر التقسيم المكاني فكل المؤشرات من خلال ما أقدم الاحتلال على صنعه توحي وتدلل على ذلك ، حيث نعلم أن الحكومات الصهيونية المتعاقبة سعت لذلك ، فمنذ منتصف عام 2015 شهد مخطط تقسيم الأقصى مكانيًّا تطورات متسارعة منذ حاول الاحتلال إغلاق المسجد كليًّا أكثر من مرة، وشنّ حملة غير مسبوقة ضدّ روّاده خاصة حركة المرابطين منهم ومن كلا الجنسين التي حظرها في 8/9/2015 بعد وصفه لأعضائها بأنهم يتبعون لتنظيمات خارجة عن القانون ألحقها في 17/11/2015 بحظر الحركة الإسلامية ومؤسساتها في الأراضي المحتلة عام 1948 . وقد تعززت فكرة التقسيم هذه لدى الاحتلال لتوافر عوامل عديدة تمكنه من صنع ذلك ، أهمها ضعف الموقف العربي والإسلامي الرسميّ وتعالي أصوات التطبيع، ومجيء ترامب بدعمه المطلق للاحتلال على رأس الإدارة الأمريكية، بالإضافة إلى شعور الاحتلال بأنه نجح إلى حدٍّ كبير في تقييد أو تحييد مكوّنات الدفاع عن الأقصى، فضلًا عن تطور تبني المستويات السياسية والأمنية والقانونية والدينية الإسرائيلية لما يُسمّى الحق اليهودي في الصلاةِ والوجود الدائميْن به.
وبتتبع إجراءات الاحتلال يتبين أنه يركّز على منطقتيْن ضمن مشروع التقسيم المكانيّ للأقصى، الأولى تقع داخل الأقصى وهي الساحات الشرقية المقابلة لقبة الصخرة، بالقرب من باب الرحمة المغلق، والثانية تقع خارج المسجد مقابل سوره الشرقيّ لا سيما المنطقة المقابلة لباب الرحمة، ومن ضمنها مقبرة باب الرحمة فالاحتلال يتعامل مع هاتيْن المنطقتيْن في سياق مشروع تهويديّ واحد يهدف إلى اقتطاع قسمٍ من ساحات الأقصى الشرقيّة وتخصيصها لصلاة اليهود، وإيجادِ ممرٍّ سريع يوصل إلى هذا القسم من دون الاحتكاك بالمصلين المسلمين، وإنشاء شبكة مواصلات تسهّل الوصول إليه.
فجملة الإجراءات التنفيذية التي أقدم عليها الاحتلال في إطار تنفيذ المخطط من منع المصلين المسلمين من الوجود في الساحة الشرقية في معظم الأحيان إلى السماح للمتطرفين اليهود بإقامة الشعائر التلمودية فيها فمحاولات الحفر في جدار باب الرحمة المغلق لفتحه إلى نصب نقطة عسكرية على سطح مبنى باب الرحمة، والبدء بإنشاء قطار هوائي حول الأقصى، وتجريف أجزاء من مقبرة باب الرحمة والسيطرة عليها، والبدء بإنشاء حديقة تلمودية حول البلدة القديمة تحاذي سور الأقصى كاملًاً ، كل ذلك عوامل توحي بأن الطريق قد أصبحت وفق تصور الاحتلال سالكة لتنفيذ ما يرمون إليه لتقسيمه مكانياً بعد أن نجحوا إلى حد بعيد لتقسيمه زمانياً فهل سيفضي تصميم الاحتلال على ما يقدم عليه لتوافق يمكنه من ذلك ؟؟؟ .

* عبدالحميد الهمشري - كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني
Aabuzaher_2006 @yahoo .com