العدو الصهيوني منذ احتلاله للضفة الغربية وعاصمتها القدس لم يأل جهده في سبيل التضييق على الفلسطينيين من إقامة نقاط التفتيش والجدر والسياج والمستوطنات والمعسكرات حول التجمعات السكانية الفلسطينية وكل ما من شأنه يحد من تحركاتهم ويحول دون تواصلهم ، إلى درجة أن عدد المواقع الاستيطانية والقواعد العسكرية الإسرائيلية قد بلغت في نهاية العام 2015 في الضفة الغربية 482 موقعاً ، منها 150 مستوطنة و119 بؤرة استيطانية، فيما نحو 48 في المائة من مساحة المستوطنات مقامة على أراضٍ ذات ملكية خاصة للفلسطينيين ، ويؤكد هذه المعلومات تقرير إحصائي صادر بمناسبة ذكرى «يوم الأرض» ينبه إلى أن دولة الاحتلال صادقت في عام 2016 على 115 مخططاً استيطانياً جديداً يشتمل على بناء أكثر من خمسة آلاف وحدة سكنية تسمينية في مستوطنات الضفة الغربية.. ترفع من أعداد اليهود في الأراضي المحتلة سواء في عاصمة الدولة الفلسطينية القدس أو الضفة الغربية حيث بلغ عدد اليهود في الضفة الغربية المحتلة وفق إحصاءات موثقة نحو 435708 أشخاص حتى العام 2016على أقل تقدير. فيما تفيد البيانات الصادرة عن معهد أبحاث القدس الإسرائيلي أن 49.8% من المستوطنين يسكنون في محافظة القدس مؤكدة أن عدد اليهود الذين أصبحوا يعيشون في المدينة المقدسة المحتلة تضاعف مرتين تقريبًا منذ احتلال الجزء الشرقي منها سنة 1967، حيث ارتفع من 197700 إلى 542000 يهودي، ينتشرون في جميع أرجائها شرقها وغربها.. وجراء ذلك أصبحت نسبة المستوطنين اليهود إلى الفلسطينيين في الضفة الغربية تشكل حوالي 21 مستوطناً مقابل كل 100 فلسطيني، في حين بلغت أعلاها في محافظة القدس حوالي 68 مستوطناً مقابل كل 100 فلسطيني ، بطبيعة الحال هذه النسب في تغير دائم لصالح اليهود جراء الهجمة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة . .
وحول جدار الفصل العنصري الذي ابتدئ بإنشائه في العام 2002 إثر انتفاضة الأقصى لتضييق الخناق على الفلسطينيين والحد من تحركاتهم والاستيلاء على مزيد من أراضيهم كونه أقيم على حساب الأراضي الفلسطينية التي احتلت في حزيران والمزمع وفق اتفاق أوسلو إقامة الدولة الفلسطينية عليها بهدف إحكام حصار التجمعات الفلسطينية ليجري التحكم بتحركاتهم دخولاً وخروجاً ، والأدهى أنه احتجز أراضٍ زراعية وقرى فلسطينية بين ثنايا هذا الجدار الذي سار بطريق متعرج استهدف من ورائه التنغيص على الفلسطينيين وسلطتهم التي تشكلت وفق اتفاق أوسلو للحيلولة دون إقامة الدولة الفلسطينية ، وتشير التقديرات حسب مسار الجدار إلى أن مساحة الأراضي الفلسطينية المعزولة والمحاصرة بين الجدار والخط الأخضر بلغت حوالي 680 كم2 في العام 2012 أي ما نسبته حوالي 12.0% من مساحة الضفة الغربية، منها حوالي 454 كم2 أراضٍ زراعية ومراعي ومناطق مفتوحة، و117 كم2 مستغلة كمستوطنات وقواعد عسكرية و89 كم2 غابات، بالإضافة إلى 20 كم2 أراضٍ فلسطينية مبنية.. ويعزل الجدار نهائياً حوالي 37 تجمعاً يسكنها ما يزيد على ثلاثمائة ألف نسمة.. حيث بلغ طول مقطع الجدار في محافظة القدس المحتلة إلى نحو 168 كم ، وتسارعت أعمال بنائه فيها عامي 2006 و2007 بشكل كبير، ففصل تجمعات فلسطينية مكتظة بالسكان عنها "القدس كـ "مخيم شعفاط للاجئين الفلسطينيين" و"سميراميس" و"كفر عقب" والتي تضم ما يقارب الـ 30 ألف نسمة من حملة الهوية المقدسية وحرم أكثر من 50 ألفاً من حملة هوية القدس من الوصول والإقامة فيها، ناهيك عن أنه يحاصر 173 تجمعاً سكانياً يقطنها ما يزيد على 850 ألف نسمة.
* عبدالحميد الهمشري - كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني
Aabuzaher_2006 @yahoo .com