تسريب العقارات المقدسية ...وضرب الحالة المعنوية

بقلم: راسم عبيدات

نعم علينا ان نعترف بالحقائق ....حتى نستطيع ان نعالج وان نضع النقاط على الحروف .... بأن هناك مافيات وعصابات وشلل منظمة جلها مرتبط بطريقة وأخرى بالإحتلال ..تعمل على تتبع ملكية العقارات والأراضي في القدس،وتعمل كذلك على ايجاد الثغرات التي تمكنها من شراء العقار او الأرض لصالح الجمعيات التلمودية والتوراتية ...ومما لا شك فيه بان حالة الضعف وعدم المتابعة من قبل السلطة واجهزتها في هذا الجانب،وغياب الفعل والجهد المنظم وطنياً ومجتمعياً...ساهم في تسريب العديد من العقارات والأراضي في البلدة القديمة وسلوان والشيخ جراح على وجه التحديد،ولكن عمليات التسريب والبيع لتلك العقارات،تعني بان الجمعيات التلمودية والتوراتية،ومن يقف خلفها في المستويات السياسية والأمنية،لديهم استراتيجية شاملة للسيطرة على المزيد من العقارات والأراضي في تلك المناطق،او ما يسمونه بالحوض المقدس،لتغيير طابع المدينة الجغرافي وواقعها الديمغرافي ومشهدها الشمولي،والسطو على حضارتها وتزوير تاريخها،لكي يبدو مشهدها وروايتها تلمودية توراتية وليست عربية إسلامية،وبالمقابل نحن كسلطة وفصائل وقوى وطنية ومجتمعية،نعمل على الهمة وردات الفعل،دون ان نبني ونضع رؤى واستراتيجيات واضحه،لكيفية المجابهة والتصدي لتلك المشاريع والمخططات،والعمل على إفشالها،ولعل خير دليل ومثال على ذلك
انه من بعد " تسونامي" تسريب العقارات في سلوان تشرين ثاني /2015،والذي كانت واحد من أهدافه،ضرب الوحدة الداخلية للمجتمع المقدسي،وبث الفتن والشكوك بين أفراده،ودفعه نحو الإحتراب الداخلي،من خلال خلط الأوراق وبث الإشاعات وإصدار البيانات المشبوة،وخلط الحابل بالنابل،ونشر ثقافة التخوين،وتشريع ثقافة البيع والتسريب للجمعيات التلمودية والتوراتية،تحت شعارات ومقولات زائفة،تؤشر الى تدني الوعي وإنهيار لكامل منظومة القيم والأخلاق،"إذا فلان بايع،انا بدي أبيع بيتي،بدكم تشتروه بالسعر إلا بقول عنه،او ببيعوه لليهود"،وأيضاً في عمليات البيع والتسريب تلك،فإن الروح المعنوية والإرادة للمقدسين كانت هي المستهدفة،وبما يقود من خلال ضرب تلك الروح المعنوية المتقدة وتدمير الإرادة،إلى حالة من فقدان الثقة بأي قيادة وطنية،وخاصة بأن الثقة بالسلطة الفلسطينية واجهزتها بين المقدسيين متدنية،ويشعرون بانها لا تقوم بدورها وواجباتها تجاههم والعمل على معالجة همومهم وقضاياهم المطلبية الحياتية والإقتصادية والإجتماعية،ولعل الهزة والصدمة الكبرى للمجتمع المقدسي،كانت نتيجة لتسارع وتائر عمليات التسريب،حيث في اقل من 48 ساعة جرى تسريب ثلاث عقارات بمساحة ستمائة وستون متراً مربعاً وقطعة أرض مساحتها 800 متر مربع،في بلدة سلوان والبلدة القديمة من القدس .....وعمليات التسريب تلك وما رافقها من حالة واسعة من الجدل والإحتقان في المجتمع المقدسي،تقول بشكل واضح انه لولا وجود حالة من التراخي وانعدام المسؤولية والمحاسبة والمساءلة والإجراءات والتدابير الرادعة ...بما يشمل المقاطعة الإجتماعية والدينية وعدم الدفن في المقابر أو الصلاة على جثمان بائع الأرض والسمسار وغيرها،لما وصلت الأمور الى ما وصلت اليه ... صحيح بان زمر مأجورة ومشبوهة وجشعة ومجردة من قيمها الوطنية والأخلاقية،سربت وباعت،العديد من الأراضي والبيوت المقدسية،وهذه لا يمكن حسب بيان القوى الوطنية والإسلامية المؤرخ في 11/10/2018 الذي إطلعت عليه عبر وسائل التواصل الاجتماعي،ان تأخذ حجة على المقدسيين ونضالاتهم وتضحياتهم وإخلاصهم وإنتمائهم وحسهم الوطني،فهناك الكثير من العائلات المقدسية من تتشبث بأرضها وعقاراتها وتدافع عنها وتحميها،ومستعدة ان تخسر كل ما تملك في سبيل أن لا تتسرب أو تباع عقاراتها وأراضيها للجمعيات الإستيطانية والتلمودية ....نعم هناك إخفاقات ونجاحات تسجل للمحتل والجمعيات التلمودية والتوراتية بشراء العديد من العقارات والأراضي في القدس،ولكن المقدسيون لن يكونوا في يوم من الأيام بائعي أرض او عقارات،وإن طفى على السطح بعض العفن...ولكن هذا لا يعكس حقيقة المجتمع المقدسي،الذي يشهد له بالنضال والتضحيات من أجل حماية أرضه وعقاراته ومقدساته...علينا أن لا ننساق الى الإشاعات المغرضة والأخبار المدسوسة والأبواق الماجورة التي تسهم في حالة البلبلة والإرباك في المجتمع المقدسي.
لا بد من إجراء عملية " نبش" كبيرة وواسعة حول خلفيات المحامين والمهندسين ورجال الأعمال والعاملين في دوائر الأراضي والطابو هنا وفي الأردن،حيث انهم شكلوا عناصر أساسية في العمليات التي جرت لتسريب وبيع العقارات والأراضي...وهناك ضعاف النفوس والمجردين من انتماءاتهم الوطنية والدينية والأخلاقية يستغلون بعض الحالات المريضة في تلك المواقع ويجندونها لصالح اهدافهم ومصالحهم ....ولأن الجماهير في الكثير من الأحيان لا تطلع على الحقائق،حيث لا يتم توضيح الأمور لها بالشكل الصحيح...نرى بان هناك ماكنة اعلامية تبدا ببث الإشاعات والترويج لها ،بأن البلد مبيوعة وبان السلطة وأجهزتها باعوها والقوى الوطنية مساهمة في عمليات البيع والتواطؤ ....وكل ذلك يندرج في إطار دفع الناس الى المزيد من الإحباط واليأس والذهاب نحو خيارات لا وطنية ....وإظهار المقدسيون على انهم تجار وباعة لأرضهم وعقاراتهم ...والذين هم في اغلب الأحيان ضحايا لمافيات مركبة وممتدة وعابرة للحدود ..ولذلك لا مناص من البقاء والصمود ومقاومة كل عمليات البيع والتسريب عبر أساليب وقائية ... فالسلطة ومؤسساتها وأذرعها منوط بها بالتعاون مع كل القوى والمكونات والمركبات الوطنية والمجتمعية رسم خطط واستراتيجيات،تمكن من حماية الأراضي والعقارات من التسريب وضياع وخراب البلد .
والمقدسيون واجبهم اذا ما شعروا بان هناك تحركات مريبة حول عقاراتهم وأراضيهم،او التخوف من قيام البعض بتسريبها وبيعها للجمعيات التلمودية والتوراتية مخاطبة الجهات الرسمية والمسؤولة،من اجل إجراء مسح شمولي عن أولئك الأفراد وتلك الجهات التي تسعى الى شراء عقاراتهم وأراضيهم،ومنحهم التصريح أو الأذن بالبيع من عدمه .
المهم الحلقة المركزية هنا في مثل هذه القضايا،قوة وصلابة وتماسك المجتمع المقدسي،والتوعية المستمرة للمخاطر والتداعيات المترتبة على ضياع العقار والأرض ....فهذا صراع مستمر ومفتوح مع المحتل على المكان والفضاء الذي يحاول أن يقصينا عنه،ولعل قانون ما يسمى بالقومية الصهيوني الدليل الحي والعملي والملموس،لما يخطط له المحتل بالنسبة لوجودنا وحقوقنا في هذه المدينة،فهو يريد طردنا وتهجيرنا وإقتلاعنا،ويحلم باننا سنكون هنوداً حمر نختفي ونتبخر،ولكن هذا الشعب لن يحقق للمحتل وأبائه المؤسسين حلمهم بالنسيان والذوبان ،فنحن أصحاب أرض ووطن ولن نغادر المكان.


بقلم :- راسم عبيدات
القدس المحتلة – فلسطين
11/10/2018
0525528876
[email protected]