الساعات والايام الماضية حملت الكثير من التهديدات كان ابرزها ما قاله نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال والذي تحدث فيها عن توجيه ضربة قاسية الى حركة حماس في قطاع غزة ... مضيفا ان حماس لم تفهم الرسالة التي تقول انهم اذا لم يوقفوا الهجمات والاحتجاجات سنعرف ايقافهم بطريقة اخرى !!! وسيكون ذلك مؤلما !!! ومؤلم جدا !!!
واضاف نتنياهو كما اوردت القناة 14 العبرية نحن اقرب جدا من نوع اخر من التصرف !!! وسيكون هناك ضربات قوية للغاية !!! اذا كان لديهم وعي سيتوقفون !!!
التصريح الثاني من نوعه لنتنياهو خلال اسبوع بعد تهديدات مماثلة من وزير الحرب ليبرمان ووزير البناء غلانت .
عقد الكابينت الاسرائيلي اجتماعه دون ان يخرج بإعلان عما تمخض من الاجتماع بصورة كاملة وواضحة الا الجزء اليسير الذي يتحدث عن اعطاء فرصة اخيرة حتى يوم الجمعة القادمة !!!! رافضا الكابينت ما جاء ببعض المواقع الاخبارية حول العودة الى سياسة الاغتيالات .
من هنا فالمشهد يتحدث حول التالي :-
اولا :- اسرائيل لا تحتاج الى مبررات وذرائع لكي تقدم على شن حرب عدوانية جديدة على قطاع غزة .
ثانيا :- قرار الحرب بالنسبة للحكومة الاسرائيلية وفي واقع الائتلاف الحالي يخضع لاعتبارات حزبية تحدد التوجهات .. وما يمكن ان يعود على الائتلاف الحاكم .
ثالثا :- التهويل والتضخيم حول مشاعر الخوف وزعزعة الامن بما يحدث على الحدود الشرقية للقطاع أمر مبالغ به ومحاولة بائسة ويائسة من قبل حكومة نتنياهو لإظهار مدى الخطر الدائم عليهم .... رغم قوتهم وتفوقهم العسكري .
رابعا :- اسرائيل تريد باختصار ان تعود الامور لمنطقة الحدود والسياج الفاصل الى سابق عهدها وتأمينها وعدم الاقتراب من السياج .
خامسا :- ستعمل اسرائيل بما لديها من نفوذ وعلاقات لأجل التخفيف من المعاناة الانسانية كما التخفيف من الحصار بزيادة عدد ساعات الانارة من خلال دخول السولار القطري وزيادة مساحة الصيد وفتح المعابر بصورة منتظمة كما امكانية فتح سوق العمل لبضعة الاف من العمال للتخفيف من ازمة البطالة كما العمل على ادخال بعض البضائع والتخفيف من ملف الممنوعات بما لا يعرض أمنهم للخطر حسب ادعاءهم .
سادسا :- الجمعة القادمة حاسمة وفاصلة فأما العودة الى ما كانت عليه الحالة الحدودية قبل 31/3 واما توجيه ضربات محدودة وليست حربا شاملة الا اذا كانت وتيرة الاحداث قد تؤدي الى مثل هذه الحرب التي لا تريدها اسرائيل لأنها تحقق اهدافها ومرادها في ظل الاوضاع الانقسامية ودون حرب وكلفة .
سابعا :- حركة حماس واذ وجدت نفسها أمام مأزق الحصار تحرك المسيرات لأجل انهاء الحصار والتخفيف من الازمات والكوارث التي يعيشها القطاع وليس لأجل التمهيد لحرب قادمة ... لاعتبارات عديدة لها علاقة بحماس والحالة الداخلية والعلاقات الوطنية والتي لا تحتمل الدخول بمواجهة واسعة وشاملة وما يمكن ان يترتب عليها من زيادة الازمات والكوارث ... وربما تكون الاصعب .
ثامنا :- حتى الجمعة القادمة والفاصلة سيكون هناك من التحركات الهادفة الى التهدئة واتمام المصالحة والتي سيقوم بها وفد أمني مصري شقيق برئاسة وزير المخابرات العامة اللواء عباس كامل وما يمكن لهذه الزيارة الهامة بتوقيتها واهدافها المعلنة وغير المعلنة من امكانية التخفيف من حدة التوتر ومعالجة الكثير من الازمات والمشاكل القائمة .
اذا ما كانت اللقاءات التي ستتمخض عنها تلك الزيارة قد توصلت الى انهاء بعض الازمات والحالة الانقسامية بما يعزز من وحدة الصف الفلسطيني وتمكين حكومة الوفاق وعودة السلطة الوطنية للقطاع فان الحلول ستكون سهلة ومتاحة وبالإمكان تجاوز ما يدبر من حرب عدوانية على القطاع .
اما اذا ما استمرت تعقيدات المشهد الداخلي الفلسطيني .. فان عوامل الانفجار قادمة والنتائج قد لا تكون متوقعة .
اجتماع الكابينت الاسرائيلي ليس للحديث واحتساء القهوة ... وتناول وجبة الغداء .. فقد طرحوا بالتأكيد كافة تفاصيل المشهد الداخلي الفلسطيني بعوامل قوته وضعفه ... وما يجري من محاولات وجهود مصرية شقيقة لنزع فتيل نار قد تحرق الكثير .
بكل الاحوال اسرائيل بسياستها المخادعة والمعهودة وبكل التضليل والمكر المستخدم بأفعالها وسياستها قد يكون لها قرارها العدواني حتى في ظل ما يتحدثون عن سفر رئيس الاركان ايزنكوت الى امريكا ... وعدم استدعاء الاحتياط كمؤشر لعدم رغبتهم بالحرب والاعلان على عدم العودة الى سياسة الاغتيالات كمؤشر ايضا لتخفيف حدة التوتر ... وغيرها من الاعلانات والتصريحات التي يمكن ان تكون خارج الصورة الحقيقية والتي يراد منها الخداع والتضليل .
لا اطمئنان ولا ثقة بعدو مجرم ... محتل وغاصب ... لكن ما يمكن ان يطمئن قلوبنا ... وان يعزز الثقة والآمال بداخلنا ان تحدث المعجزة وان نكون على درجة من المسؤولية الوطنية والتاريخية وان نكون قارئين ومدركين بخطورة القادم .. وعدم افساح المجال للمتربصين وللشياطين ان يتلاعبوا بنا وان يأخذوننا الى منزلقات الخطر الشديد .
لا مجال لنا الا ان نثق بقدرة وحكمة وروية القوى السياسية والسلطة الوطنية ومدى مهارتهم في تجاوز ضربة قادمة سواء بالميدان من خلال حرب عدوانية ... او بحلبة السياسة وما ينفذ من صفقة القرن .
لكنني اذكر ... واسلط الضوء على ما لم يقله الكابينت الإسرائيلي باجتماعه الاخير .. وعلى الاقل بالعلن وقد يكون بالخفاء حول هؤلاء الشباب الذين يواجهون الجندي المحتل من نقطة الصفر بصدورهم العارية وبإيمانهم العميق والمتجذر ومدى تطلعهم للحرية ... وللحياة الادمية وان يزول الاحتلال والحصار وان تزول كافة اثار الانقسام بكل ازماته وكوارثه على طريق حريتهم واستقلالهم وحياتهم الكريمة هذا ما لم يقله الكابينت ... ولم يطرح للإعلام ...ولا على لسان الساسة الاسرائيليين ... لكنه هو صلب القضية .
بقلم/ وفيق زنداح