يواصل الفلسطينيون نضالهم ومقاومتهم شرقي قطاع غزة عبر وسائل المقاومة الشعبية المتاحة لهم، ويواصلون مشاغلة العدو الصهيوني وإرباكه على كل النقاط الميدانية بالقرب من السياج الزائل، الأمر الذي يرهق الكيان الصهيوني، وباتت تشكل قلقًا دائمًا جراء النفس الطويل للفلسطينيين في مواصلة مقاومتهم الشعبية بالقرب من السياج الزائل، فيما تزداد مشاركة الجماهير في مسيرات العودة وسط تلاحم شعبي أسطوري بين كل فئات المجتمع الفلسطيني، فقد أصبحت انتفاضة العودة جزءًا مهمًّا من حياة الفلسطينيين الفلسطينية النضالية اليومية من أجل الحرية والكرامة لشعبنا الفلسطيني ورفضًا لمشاريع التسوية والتوطين وصفقة القرن التي تستهدف قضيتنا ضمن مشروعنا الوطني الكفاحي التحرري لتحرير أرضنا ومقدساتنا من دنس المحتلين الصهاينة.
وقد أثرت مسيرات العودة على الكيان الصهيوني، خاصة أن المستوطنات المتاخمة لغزة أصبحت شبه خالية من المستوطنين، حتى البيئة السكنية أصبحت غير ملائمة للمستوطنين بسبب دخان إطارات السيارات (الكاوتشوك) والبالونات الحارقة التي يرسلها الأطفال والصبية إلى أرضنا المحتلة خلف الحدود الزائلة، وقد أصبح موعد مسيرات العودة في كل جمعة يسبب أرقًا وقلقًا للمستوطنين في مستوطنات غلاف غزة؛ فإن قطعان المستوطنين في مستوطنة (كير شالوم) يجهزون أنفسهم في كل جمعة لإغلاق الأبواب والنوافذ بسبب دخان (الكاوتشوك).
وتحدثت الصحافة العبرية عن حياة المستوطنين في مستوطنات غلاف غزة التي أصبحت مضطربة بفعل مسيرات العودة؛ فمثلا في مستوطنة (كيرم شالوم) يصفون أيام الجمعة بأنها بمنزلة حرب عليهم، ولديهم أجواء مسممة بسبب دخان الإطارات الكثيف، حيث يقوم الكثير منهم بإغلاق منازلهم لساعات متواصلة حتى تنتهي المسيرات؛ وهناك مستوطنون يفرون لأيام من مستوطنات غلاف غزة؛ أما فرق الإطفاء في الكيان فهي تعيش حالة طوارئ، فمنذ صباح كل جمعة يستعد قائد فرق الإطفاء في مستوطنات غلاف غزة لمواجهة يوم عسير لإطفاء الحرائق التي تسببها (البلالين) الحارقة؛ فيما يشتكي المستوطنون دومًا للحكومة الإسرائيلية بأن الحياة الطبيعية انعدمت في مستوطنات غلاف غزة؛ فقد صرح عضو الكنيست الصهيوني (حاييم يلين) من حزب (يش عتيد) وهو من سكان مجمع (أشكول) الاستيطاني قرب غزة أن الحياة صعبة والعيش في المستوطنات أشبه بالعيش تحت سحابة سوداء بسبب الدخان الكثيف الآتي من مسيرات العودة على الحدود مع القطاع مطالبا الحكومة الصهيونية أن تجد حلًّا جذريًّا لهذه المسيرات التي أصبحت تشكل خطرًا على حياة المستوطنين في مستوطنات غلاف غزة؛ فيما قال أحد المستوطنين للصحفيين: من غير المعقول أن يستمر الوضع هكذا لنصف عام، ونحن نعيش أوضاعًا صعبة بسبب مواصلة حرق الإطارات والدخان الكثيف المنبعث منها ودخان قنابل الغاز المسيل الذي يرتد علينا.
إن مسيرات العودة شرقي القطاع هي هدف وخيار إستراتيجي وأصبحت تؤتي ثمارها الميدانية والسياسية؛ بل إن الهدف البعيد هو أن يعرف الجيل الفلسطيني الجديد أن لنا أرض محتلة وأن هذه السياج مصيرها إلى زوال.
إن المراقبين والخبراء في الكيان الصهيوني يؤكدون القلق الدائم الذي شكلته مسيرات العودة للكيان، حيث كتب الخبير الأمني (يوسي ميلمان) في صحيفة (معاريف) العبرية أن الجيش (الإسرائيلي)، قد لا يستطيع التكيف مع حالة الاستنزاف الدموي على حدود قطاع غزة حتى إشعار آخر، وربما يسعى لاتباع إجراءات لمواجهة المسيرات الشعبية المتواصلة التي قد تحاول اقتحام (خط الهدنة) وهو سيناريو مرعب لم تعهده (إسرائيل) منذ سنوات طويلة، مشددا على أن مسيرات العودة تشكل ضررا كبيرا على الأوضاع الأمنية على حدود غزة بل وتمس بالبنى التحتية الأمنية، وتعمل على تخريب المعدات الهندسية لجيش الاحتلال، وطالب الخبير العسكري في صحيفة (إسرائيل هيوم) (يوآف ليمور) الجيش الصهيوني بتحضير خطة عمل ميدانية لمواجهة استمرار المسيرات الأمر الذي يتطلب من الجيش أن يكون في حالة جاهزية وتأهب مستمر على مدار الساعة على طول حدود غزة.
لقد حققت انتفاضة العودة الشعبية أهدافها، وآتت أكلها وهي جزء من أساليب مقاومة الاحتلال من خلال الالتحام الشعبي في مواجهة المخططات التي تستهدف القضية الفلسطينية وتستهدف حقوقنا وثوابتنا الوطنية؛ لذا يجب استمرارها وتطويرها من أجل تحقيق ما نصبوا في مشروع تحرير أرضنا الفلسطينية المباركة.
إلى الملتقى ،،
بقلم/ غسان الشامي