منذ فجر اليوم قامت الطائرات الاسرائيلية بشن العديد من الهجمات داخل القطاع على خلفية اطلاق صاروخين اصاب احدهما منزلا بمدينة بئر السبع بحسب المصادر العبرية وعلى الفور قام وزير الجيش الاسرائيلي ليبرمان بإغلاق معبر بيت حانون وكرم ابو سالم وتقليص مساحة الصيد .. كل هذا حدث ما بعد تصريحات عدوانية وتهديدات بشن حرب واسعة وساحقة ضد القطاع من خلال وزير الحرب ليبرمان الذي تحدث بصراحة بأنه سوف يطرح على المجلس الوزاري المصغر للقيام بعملية عسكرية واسعة ويبدو ان ليبرمان يحاول ان يؤكد لخصومه ولمنتقديه انه وزيرا للحرب وليس سياسيا ... (وبياع كلام ) وان تهديداته بحرب عدوانية ... تهديدات جادة تعبر عن قناعة ليبرمان بأهمية استخدام القوة العسكرية لإنهاء حالة الاشتباك الدائرة على السياج الفاصل ما بين دولة الكيان وقطاع غزة .
اولا وقبل كل شيء فان اطلاق صاروخين او قذيفتين يحتاج الى وقفة ... والى مراجعة وتقييم باعتباره خطأ تكتيكي لا يعود علينا بأدنى فائدة تذكر ... بل بحقيقة الامر يخدم التصعيد التكتيكي الاسرائيلي ... ويسهل عليه في خياراته العدوانية وحتى في لقاءاته السياسية .
هذا التصعيد العسكري اذ يأتي في ظل وجود الوفد الامني المصري والذي يمهد لزيارة وزير المخابرات المصرية اللواء عباس كامل ..... يدلل على سياسة تكتيكية .. لتصعيد مؤقت ومحدود الهدف منه... تسخين القضايا وطرحها وايجاد الحلول لها وخاصة بالنسبة لإسرائيل والمحددة بتثبيت التهدئة ووقف مسيرات العودة والبالونات الحارقة وفرق الارباك الليلي وغيرها من الاساليب المستخدمة بالمناطق الحدودية ... مع العمل على اتمام صفقة التبادل .
اسرائيل وبرغم كافة التصريحات المتناقضة والتي تبعدنا عن امكانية نشوب حرب رابعة ... او التي تقربنا .... وكأن الحرب على الابواب ... سياسة مخادعة وماكرة وخبيثة لا يجب الاعتماد على قراءة حالة التردد والبعد عن شبح الحرب من قبل اقطاب الحكومة الاسرائيلية بين من يتحدث عن التفكير عشرة مرات عن القيام بعدوان ... واهمية التهدئة وعدم القيام بحرب جديدة .... وبين من يطالبون بأهمية توجيه ضربات سريعة وحاسمة ومزلزلة .
هذا الخلاف المصطنع ما بين اقطاب الكابينت الاسرائيلي ... خلاف تكتيكي لكل ما هو استراتيجي في السياسة الاسرائيلية ..... والتي تعمل على الابقاء على حالة الانقسام الفلسطيني والتلاعب كما يرونه مناسبا بما بخص الحصار والانقاذ الانساني والحلول للازمات والمشاكل بطريقة متدحرجة يقدمون لنا مساحة صيد وفي اليوم التالي يقلصونها .. يفتحون المعابر وفي اليوم التالي يغلقونها ... أي ان السياسة الاسرائيلية لا تخرج عن اطار العصى والجزرة .... ومحاولة ابقاءنا بحالة التوتر وعدم الاستقرار في ظل ازماتنا وكوارثنا ومشاكلنا المستعصية والبحث عن حلول لها من خلال المنظور الانساني وليس المنظور الوطني والسياسي .
الصراع بيننا وبين المحتل الاسرائيلي صراع سياسي ... والحقوق الفلسطينية وطنية وسياسية بامتياز .... وان حقوقنا الانسانية ومتطلباتها امرا واجبا على المجتمع الدولي ... بحكم نكبة المت بنا وحروب عدوانية شنت علينا ... وتهجير وتشريد لشعبنا ... حقوقنا الانسانية واجبة على هذا المجتمع الدولي كما حقوقنا السياسية والوطنية وحقنا بإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس .
ما نشاهده منذ صباح هذا اليوم من تصعيد اسرائيلي تكتيكي يراد منه ايصال رسالة ان الاوضاع على حافة الهاوية وان الحرب على وشك الوقوع ... وان اسرائيل لن تقبل باستمرار استفزازها وانتهاك امنها !!!! ... وانها مضطرة للدخول بحرب رابعة حتى تحقق الامن لسكان غلاف غزة ولمجمل السكان داخل الكيان .. هذا ما تحاول اسرائيل ان تبعث به وان ترسله في ظل حراك تقوم به مصر الشقيقة عبر الوفد الامني الذي سيمهد لزيارة الوزير عباس كامل رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية والذي سيلتقي قادة حماس والرئيس محمود عباس ورئيس الحكومة الاسرائيلية نتنياهو .
هذا الجهد المصري المكثف وعلى هذا المستوى .... وبهذا التوقيت .... له مدلولاته العديدة كما له اهدافه التي تسعى مصر لتحقيقها بما يخدم سكان القطاع وامنهم واستقرارهم وتخفيف معاناتهم .... وفي ذات الوقت لجم العدوان وعدم القيام بحرب عدوانية رابعة .... لان القطاع لا يتحمل حرب عدوانية جديدة والحالة الفلسطينية الداخلية ليست على استعداد لمثل هذا الحرب العدوانية والعلاقات الوطنية الداخلية ليست على ما يرام وازماتنا لا تعد ولا تحصى كلها مسائل وقضايا تدلل على اننا لسنا بنية حرب جديدة ... كما اننا لسنا بنية احداث التوتر ... بل نسعى للتخفيف وانهاء هذا الحصار وتوفير متطلبات الحياة الانسانية ... في اطار الحقوق السياسية والوطنية وتجسيدها بقيام دولة فلسطين بحدود الرابع من حزيران 67 وعاصمتها القدس ... هذه رزمة المطالب الفلسطينية والتي لا يجب على اسرائيل استمرار تجاهلها .... ومحاولة التلاعب بها
الجهود المصرية المباركة والتي تسعى الى تثبيت التهدئة ودفع عجلة المصالحة على اعتبار ان المصالحة وعودة السلطة الى القطاع مدخلا هاما واستراتيجيا للتهدئة والتنمية وتحسين ظروف الناس بعد اثنى عشر عاما من الالام والعذاب ... وجود الوفد الامني المصري برئاسة الوزير عباس كامل فرصة قد لا تعوض باتجاه وقف التصعيد الاسرائيلي وامكانية حرب رابعة وفي الاتجاه الاخر دفع عجلة المصالحة واتخاذ خطوات عملية على طريق تمكين الحكومة وعودة السلطة الوطنية وطي صفحة الانقسام للابد .... وحتى نخرج من سياسة التصعيد التكتيكي وحتى امكانية حرب عدوانية رابعة .... تعيدنا الى نقطة الصفر .
الكاتب : وفيق زنداح