بعد أن تكشفت الحقائق، وظهرت أدلة بأن الصحفي جمال خاشقجي قد قتل أثناء التحقيق معه في القنصلية السعودية في مدينة استانبول، فان الجهود السعودية الرسمية ستبذل من أجل طمس الحقائق، وكذلك لاخفاء ما جرى، وكيف جرى، وماذا كانت الأوامر: هل بالقتل أو التحقيق، ولماذا في مبنى القنصلية السعودية وليس في الخارج، ولذلك فانه متوقع أن تكون هناك سلسلة من الاجراءات الأكثر فظاعة وبربرية من تصفية الخاشقجي نفسه، وهذه الاجراءات تهدف أولاً وأخيراً الى تبرئة ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان مع انه، حسب الدلائل والاشارات، هو من أمر بهذه العملية البشعة جداً ضد أحد معارضيه، الخاشقجي. ومن أهم هذه الاجراءات المتوقعة التي بدأت بالفعل القاء القبض على الأشخاص الـ 15 الذين نفذوا عملية التصفية، بحجة أنهم تجاوزوا الأوامر، وكانوا هم "الأشرار" في تصرفاتهم. وقد يبقى هؤلاء رهن الاعتقال الدائم، أو لربما، ومن أجل طمس الحقيقية وتأمين ذلك للأبد، تصفيتهم جسدياً من دون أن يعرف أحد بذلك!
ولن يتم الاكتفاء بذلك، فان كل من شاهد عملية قتل الخاشقجي أو ساهم فيها بصورة غير مباشرة في القنصلية السعودية، وخاصة الموظفين السعوديين الكبار، فان التصفية قد تصلهم حتى لا يكشف أحدهم عن حقيقة ما جرى، وبالتالي يتم اغلاق الملف نهائياً. ولذلك فان هؤلاء العاملين في القنصلية سيعمل على انهاء خدماتهم في استانبول، وسيستدعون الى السعودية حيث يتم اخراسهم للأبد عبر التصفية الجسدية بشتى الطرق والوسائل والأعذار.
والشخص الذي في مقدمة قائمة التصفيات القنصل السعودي في استانبول، إذ أن الامير محمد بن سلمان لن يطمئن الى اخلاصه ووفائه، والى سكوته، لأنه قد يحاول تبرير ذاته من مسؤولية ما جرى. ولذلك فهو قد عاد الى السعودية بناءً على أمر استدعاء له، وسيبقى تحت المراقبة، وقد تتم تصفيته لاخراسه للأبد.
قد يقول قائل ان سيناريو التصفيات بالجملة غير منطقي، ولكن هل تصفية خاشقجي بهذه الطريقة منطقية ومقبولة.. وقد يدعي آخرون بأن من نفذ الاوامر هو مخلص للامير نفسه ومن الممكن وضعهم جميعاً تحت اقامة جبرية غير معلنة!
إن الامير محمد بن سلمان وغيره من المسؤولين مضطرون لايجاد "كبش فداء" لما جرى، وقد يقوم هؤلاء المسؤولون بتلبيس التهمة لهم واصدار احكام الاعدام بحقهم، وبمن فيهم قنصل السعودية في استانبول نفسه بحجة التورط والمساعدة في تنفيذ القتل.
مهما كانت الاجراءات والأعذار سواء أكانت قضائية أو بربرية، فان تصفية هؤلاء متوقعة، قد لا تكون خلال أيام أو أسابيع، ولكنها ستحدث عاجلاً أم آجلاً حتى يبقى الامير بريئا، وتتم عملية اغلاق ملف قضية بشعة، وتتم عملية اسكات الاصوات المنادية بانزال العقوبات بحق الاشرار مرتكبي الجريمة من خلال الادعاء والقول بأن هؤلاء عوقبوا، وان المسؤولين السعوديين عاقبوا من قام بالعمل البربري الفظيع ضد خاشقجي. ولا يستبعد أحد أن يقيم الامير محمد بن سلمان خلال الاسابيع القادمة حفل تأبين لهذا الصحفي خاشقجي، لاظهار أنه لم يكن هو نفسه معادياً لهذا الصحفي المرموق، بل تألم عندما سمع أو علم عن مقتله، وانه أنزل أقسى العقوبات بحق المتورطين.. وهنا ينطبق على الامير بن سلمان المثل القائل: قتل القتيل ومشى أو سار في جنازته!!
وانطلاقاً من هذه التوقعات المؤلمة، فان المطلوب من العالم أن يكون حذراً وواعياً لكل ما يتم طبخه، وان يعمل بجدية لمنع ارتكاب جرائم بربرية جديدة لتبرئة شخص على حساب حياة العديدين، والذين سيكونون ضحية اخلاصهم في تنفيذ أوامر "سيدهم" البشعة والخطيرة!.
بقلم/ جاك خزمو