رسالة مفتوحة إلى رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بخصوص جمال خاشقجي.

بقلم: أسامة نجاتي سدر

يخاطبك يا سيدي كاتب بسيط، يطمح أن يصل صوته إلى الناس ليعبر عن واقعهم ويرسم بعضا من معالم مستقبلهم كما ترسمه أوضاعهم الاقتصادية والسياسية، لا أفكر بالمال أو المنصب لكني أحلم أن أكون لسان حال للناس وحامل مشعل يكشف لأعينهم ما يؤثر على حياتهم إيجابيا أو سلبيا في كل المجالات، وسفيرا للناس بشتى درجاتهم الاجتماعية والاقتصادية لمن يؤثر في حياتهم بحيادية ومصداقية؛ وأعلم أنك قائد خرج من بين الناس بإخلاص ليعيد المجد لبلاده وأمته، يمشي بخطوات واثقة ليخدم شعبه ويرفع من شأن أمته، وبرغم ما وصلت إليه بلادك بهمتك وعزمك ما أقفلت بابك أمام سائل أو كاتب أو حتى منتقد، ولقد جعلت العالم كله ينظر لشخصك أولاً ولحكومتك ومؤسساتها ثانيا نظرة احترام وتقدير.

ولقد تابعت عبر وسائل الإعلام مصير الكاتب السعودي جمال خاشقجي بكل الاهتمام منذ لحظة اختفاءه، لأنه بدايةً إنسان، راجع سفارة بلاده على أرضكم ثم لم يخرج منها، أراد أن يتم معاملة رسمية تتم في جميع سفارات العالم بسهولة ويسر فاختفى دون أثر، ولقد تناثرت الادعاءات والسيناريوهات المؤلمة والمرعبة حول لحظاته الأخيرة، والاتهامات الصريحة لقيادة بلاده وأجهزتها الأمنية لدور محتمل لها في اختفاءه.

ولأنه صحفي متمرس وكاتب رأي له باع طويل في الكتابة عن شعبه وأمته، ودور مميز في الدفاع عنها في المحافل الدولية، ودعم الديمقراطية وحقوق الإنسان والربيع العربي، منفتح لكن بضوابط وضعها لنفسه فلم يختر بساطة الحكم على حكومة بلاده أو غيرها بوجوب إسقاطها كما رأى الكثيرين غيره، بل رأى أنها يجب أن تتخذ الخيار الديمقراطي كنظام حكم وحياة، وأن تتعلم الشعوب اختيار قادتها لحل مشكلاتها وفتح أفق مستقبلها، ومن غيرك يطبق ذلك كقائد.

عائلة خاشقجي هي عائلة تركية أصلاً اختارت مجاورة النبي في المدينة المنورة قبل خمسة قرون، و"جمال" ذلك الصحفي الذي حاورك بعقل صافٍ وإخلاص منقطع النظير في خدمة بلاده وبلادكم وحب واحترام في لقاء تلفزيوني قبل عامين، خطيبته تركية استنجدت بعد أن افتقدته وصرخت بصوتها الحزين "وامعتصماه" وما بين الناس معتصم فأنى لها النصر وأنى لها الاطمئنان وراحة البال وقد فقدت الحبيب وزوج المستقبل، وما علمنا أنكم تسمحون بالمس بأبنائكم، والعائذين بباكم العالي.

وضع ترامب نفسه كطرف في الجريمة وأراد أن يفرض على حكام بلاد الحرمين الإتاوة مقابل السكوت أو إخفاء الجريمة، فما به من المروءة ليحزن على إنسان قتل ظلما ومُثّل بجثته بأبشع الصور، ولا أعلم فيه نخوة المسلم ولا عزته ليعاقب من قتله، ولقد راجع المغدور سفارة بلده في واشنطن قبل وصوله إلى بلادكم، فهل كان من الممكن أن تتم الجريمة هناك، ومن يدري ما كان يمكن أن يتصرف به؛ وأحسبه كان على علم بنية الغادرين واختار تركيا كموقع لهذه الجريمة، بل لابد أنه قد رسم السيناريو الذي طبقه أولئك الجزارين ... إن صدق.

سيدي الرئيس؛ لست سياسيا، وأنزع عن نفسي صفة الصحفي أو كاتب الرأي وأي صفة أخرى وأخاطب فخامتكم كإنسان عربي مسلم قتل أخوه بغير وجه حق، أخاطبكم بكل ما يجمعنا وإياكم من رابطة الدين والثقافة والأخلاق والعرق، أسألكم وأنتم الأقوى في الحفاظ على كرامة بلادكم وأمتكم داخل تركيا وفي المحافل الدولية، والأكثر حرصا على رد أسباب التدخل الأجنبي في أمتنا الإسلامية، وأثق أنكم تحترمون قانون بلادكم والقانون الدولي وتؤمنون بضرورة الشفافية والمصداقية، وتعرفون مكانة الدول الشقيقة والصديقة وتلتزمون بميثاق منظمة التعاون الإسلامي، والأكثر تقديرا للبعد الدولي للحادثة وتأثيراتها المستقبلية على الامة العربية والإسلامية، أسألكم أن تسرعوا بتقديم بيان حو نتائج التحقيقات يوضح مصير جمال خاشقجي وما حصل هناك في السفارة وأسماء من اشترك في الجريمة إن حصلت مهما علت رتبته ومهما كان له تأثيره في العالم العربي أو الإسلامي والعالم ولا تأخذكم في الله لومة لائم.

بقلم/ أسامة نجاتي سدر