تتعرض مدينة القدس كلها باستمرار لجرائم الاحتلال الصهيوني بدءا من التدنيس والتهويد وسرقة التاريخ والتراث ومواصلة طرد المرابطين وأهلها وحرمانهم الصلاة فيها.
وقد تعرض البشر والحجر في مدينة القدس للإيذاء والسحل من قبل الصهاينة، ولم تسلم – بطبيعة الحال – كنائس القدس وأديرتها ورهبانها حيث تعرض الأسبوع الماضي رهبان القدس للضرب والإيذاء من قبل شرطة الاحتلال في القدس، وتم احتجاز عدد من الرهبان، حيث رفض الكيان الصهيوني قيام رهبان القدس بأعمال ترميم في دير قبطي ( دير السلطان ) الملاصق لكنيسة ساحة القيامة وتم الاعتداء على الأقباط والرهبان والآباء بصورة مجرمة وتم احتجاز عدد منهم .
يشدد الكاتب على أن الكيان لا يعترف بالمعاهدات والشرائع السماوية والدولية عندما يعتدي على المصلين والمرابطين والشيوخ وها هو يعتدي على الرهبان والآباء المسيحيين والأقباط دون أن يحسب أي حساب لأي تنديد هنا أو هناك أو مسائلة، وهي امتداد لمسلسل جرائم الاحتلال بحق القدس والمسجد الأقصى وأهلها الساكنين فيها وأصحابها الأصليين.
ويؤكد الكاتب على أن الاحتلال يسعى باستمرار لسرقة ممتلكات الكنائس والأديرة في القدس عبر عقود ووثائق مزيفة في ظل صمت أممي على ما يحدث من جرائم صهيونية تستهدف سرقة أملاك الكنائس في القدس ولم نسمع أحد من الغرب يتحدث في هذه القضايا التي تمسهم عندما يقدم الصهاينة على تنفيذ هذه الجرائم بحق كنائس وأديرة القدس.
منذ أن فتح المسلمين القدس أخذ النصارى الأمن والآمان على كنائسهم وصلبانهم؛ فقد أعطى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه النصارى في القدس الأمن على كنائسهم بموجب العهدة العمرية لتكون وثيقة تاريخية تشهد على سماحة الدين الإسلامي وتؤكد على أن هذه الدين العظيم انتشر بالأمن والأمان والسلام والوئام ولم ينتشر بحد السيف كما يكذب علينا المستشرقون وعدد من المؤرخين الذي يسيرون في فلكهم.
قبل أيام جمد رئيس الوزراء الصهيوني (نتنياهو) مشروع قانون للمصادقة عليه في الكنيست يستهدف ممتلكات الكنائس والأديرة في مدينة القدس المحتلة في ظل مواصلة الكيان فرض الضرائب على كنائس القدس، حيث يقضى مشروع القانون الإسرائيلي مصادرة وسرقة أراض تملكها الكنائس الأرمنية والأرثوذكسية والكاثوليكية في الأراضي المقدسة، بالإضافة إلى تهديد 13 كنيسة في القدس حيث سيعمل الصهاينة في قادم الأيام بكل هدوء ودون ضجيج من أجل تمرير هذا القانون والبدء بمصادرة وسرقة هذه الأراضي وبناء الكنائس اليهودية والمستوطنات عليها .
وإن قيام ( نتنياهو) بوقف عرض هذا القرار على الكنيست الصهيوني لا يعني أن القضية انتهت بحيث لا يتم التعرض لممتلكات الكنائس والأديرة في القدس ومصادرة أراضيها وتهويدها لمشاريع استيطانية بل إن هذه الممتلكات ستبقى في بؤرة الاستهداف الصهيوني .
إن الكيان يسعى منذ عشرات السنين الماضية لسرق ممتلكات الكنائس والأديرة في القدس وفرض السيادة الإسرائيلية الكاملة عليها وقد ثبت تورط بعض الشخصيات المسيحية الدينية التي تتولى مسؤولية البطريركية الأرثوذكسية في القدس المحتلة بشكل عام في صفقات بيع ممتلكات الكنيسة للمستثمرين الصهاينة حيث تعد الكنائس بحسب المصادر المقدسية من ممتلكات الكنيسة البطريركية الأرثوذكسية من أكبر الكنائس أوقافا وحجما الموجودة في القدس المحتلة وإن صفقات سرقتها وبيعها للصهاينة تعتبر جريمة خيانة كبيرة للقدس والمقدسات وفلسطين وأهلها المرابطين .
إن تجميد نتنياهو مشروع القانون الباطل لسرق ممتلكات الكنائس في القدس المحتلة هي مراوغة ذكية من الصهاينة حتى تهدأ موجة الاحتجاجات والانتقادات الداخلية والخارجية وبعد مدة يتم تمرير هذه القانون للكنيست الصهيوني بما يسمح للصهاينة السيطرة الكاملة على ممتلكات الكنائس والأديرة في القدس .
إن النصارى وغيرهم في بيت المقدس يتعرضون للانتهاكات من قبل الصهاينة ويحصلون على تصاريح للسماح لهم للوصول إلى كنائسهم فيما يتعرض المسلمين والمقدسين في كل ساعة لانتهاكات تستهدف إبعادهم وطردهم من المسجد الأقصى المبارك ومنع الصلاة ورفع الأذان فيه.
إن الإعلان عن هذا المشروع يستهدف المس بمشاعر المسيحيين في كل العالم ومحاولة ابتزاز صهيونية للكنيسة من أجل وضع اليد على ممتلكاتها والسيطرة الكاملة على الأوقاف والمقدسات في القدس .
إن كنائس القدس وأديرتها تحظى بالأمن والأمان منذ ألاف السنين وقد أخذ المسلمون على أنفسهم يوم فتح القدس عدم المساس بالكنائس والأديرة وعدم المساس بأهلها وظل المسلمون على عهدهم في زمن الخلافة الأموية والعباسية وزمن العثمانيين واليوم في عهد الوصاية الأردنية الهاشمية على الأوقاف الإسلامية في القدس ولكن اليهود الصهاينة لا يحفظون العهد ولا وفاء لهم واليوم يحيكون المؤامرات والدسائس من أجل سرقة ومصادرة أملاك الكنائس والأديرة في القدس.
يجب العمل على تشكيل لجنة عربية إسلامية مسيحية أممية لمتابعة الجرائم الصهيونية بحق أوقاف القدس والوقوف في وجه المخططات والجرائم الصهيونية التي تستهدف مصادرة ممتلكات الكنائس والأديرة في القدس والمطلوب أيضا العمل على فضح جرائم الكيان بحق أوقاف القدس الإسلامية والمسيحية .
بقلم/ غسان الشامي