لم يستطع افيجدور ليبرمان الانتظار طويلا حتى الإعلان عن رئيس أركان جيش الاحتلال الجديد، فقام بتسريب الاسم إلى الإعلام حتى يضع نتنياهو تحت الأمر الواقع بعد فترة من التسويف في هذا التعيين، وهو ما وافق عليه نتنياهو ولم يرد أن يدخل في أزمة بهذا الخصوص، ليكون كوخافي رئيس الأركان رقم 22 في تاريخ دولة الاحتلال.
نتنياهو كان يسعى من اجل تعيين ايال زمير سكرتيره العسكري السابق، بينما حاول ليبرمان فرض نيتسان الون على هذا المنصب الكبير، ويبدو أنهما ارتضيا في النهاية أن يكون كوخافي هو الحل الوسط بعد استبعاد رئيس الأركان السابق يائير جولان اثر خطابه (الصادم) حول بروز أشكال من النازية داخل دولة الاحتلال.
بعد الانتهاء من تعيين رئيس الأركان الجديد، سوف تكون المعركة الجديدة بين نتنياهو وليبرمان حول منصب نائب رئيس الأركان، فنتنياهو سيضغط ليكون زمير هو الذي يتولى هذا المكان، في المقابل سيعمل ليبرمان على تعيين ألون خاصة وان تعيين نائب رئيس الأركان تكون بالتوافق بين ليبرمان وكوخافي.
اما بالحديث عن الجنرال أفيف كوخافي فهو يعتبر داخل دولة الاحتلال ذو سيرة عسكرية رفيعة لولا بعض الملاحظات التي واجهها أثناء عمله، فهو كان قائدا للواء المظليين خلال عملية (السور الواقي) واجتياح الضفة الغربية وإعادة احتلالها عام 2002م، وقائد فرقة غزة العسكرية عام 2004م وبعدها قائدا للمنطقة الشمالية، ومن ثم مسؤولا عن الاستخبارات العسكرية، ليتم تعيينه بعدها في منصب نائب رئيس الأركان.
هذه المراتب العسكرية المتعددة تكشف ان كوخافي المعروف عنه العناد والقدرة على الإقناع والتركيز على الجانب العلمي قد أدى الخدمة في جميع المناطق والجبهات بالضفة ومن ثم غزة وأخيرا الجبهة الشمالية وبعدها مسؤولا عن الاستخبارات العسكرية، أي انه يعتبر خبيرا في جميعها ويستطيع التعامل معها كما يقول المراقبون الإسرائيليون.
إلا أن هذه السيرة العسكرية الكبيرة شابتها العديد من الإخفاقات أبرزها عملية اختطاف الجندي جلعاد شاليط في عام 2006م عندما كان كوخافي يتولى قيادة فرقة غزة العسكرية والتي كادت أن تنهي مستقبله العسكري لولا وقوف الجنرال جيورا ايلند رئيس لجنة التحقيق بجواره وعدم تحميله المسؤولية الكاملة عن هذا الاختطاف.
الإخفاق الآخر كان خلال حرب غزة عام 2014م حينما كان يتولى كوخافي رئاسة الاستخبارات العسكرية والذي تم توجيه الاتهام له بأنه لم يعطي الأنفاق من غزة الأهمية المطلوبة ولم يحذر من خطورتها.
إلا انه ورغم ذلك تم تجاوز هذه الإخفاقات والتي ستظل بقعة سوداء في تاريخه العسكري، ليتقلد هذا المنصب الرفيع ويصبح الجندي رقم واحد في جيش الاحتلال، ليخلف الجنرال جابي ايزنكوت والذي يعتبر من أبرز من تولى رئاسة الأركان في السنوات الأخيرة.
الجنرال المتقاعد جيورا ايلند والذي أنقذ مستقبل كوخافي العسكري أشار في مقال كتبه في صحيفة (يديعوت احرونوت 28-10-2018م) إلى خمسة تحديات تواجه رئيس الأركان الجديد وهي الوصف الصحيح للواقع وعدم إهمال أي شيء، والتصرف بشكل صحيح إزاء القيادة السياسية وتصميم الإستراتيجية الواضحة، والملاحظة الدقيقة لسلم الأولويات، وتعزيز قدرات المستويات الأدنى لأداء المهام بنجاعة في لحظات الأزمة الصعبة وانهيار المنظومات، حماية إحساس العزة داخل الجيش والثقة تجاه الجيش من جانب المجتمع في إسرائيل.
يبدو أن هذه النصائح من جانب أيلند إلى كوخافي بمثابة خارطة طريق حتى يستطيع الانجاز في منصبه الجديد، وكأنه يقول له بأنني وكما أنقذت مستقبلك العسكري فإنني سأظل أقف إلى جوارك حتى تنجح.
بقلم/ عاهد فروانة