زيارة غير متوقّعة

بقلم: عطاالله شاهين

في ليلةٍ خريفيّة اجتاحي الملل على غير عادته، فرحتُ أكتبُ نصّا عن امرأة تركتني ذات زمن ولّى لأسباب تافهة، ورحلت مع رجل غنيّ إلى دولة أوروبية.. كانت الرياح في تلك الليلة الخريفيّة تضرب نوافذَ بيتي المُهلهل.. صفير الرياح أزعجني، لكنني بقيتُ غارقا في أفكاري المُضطربة من رحيلِ امرأةٍ أعطيتها كلّ الحُبّ.. المللُ ظلّ يلازمني تحت ضوءِ إنارة الغرفة المٌكركبة بأوراقٍ بيضاء مبعثرة على أرضيتها التي يعلوها الغبار..
وبعد مرور وقتٍ قصير من بدايةِ كتابتي للنصِّ، سمعتُ طرقاً على البابِ، فاعتقدتُ للوهلة الأولى بأنّ الرّياحَ تُطيّر عيداناً صوب البابِ الخشبي، فلمْ أكترث، لكنّ الطّرقَ استمرّ على البابِ، فهرعتُ صوب البابِ لأرى منْ الطّارق؟ فصحتُ: من على الباب؟ فردّت عليّ امرأة بصوتِها المبحوح: أنا، ففتحتُ البابَ، ورأيتُ امرأةً تقفُ على البابِ، ومن شدّةِ الظّلمة لم أعرفها، وحين أدخلتها إلى غرفةِ الصّالون المكركبة عرفتها إنها تلك المرأة، التي تركتني ورحلتْ، فقلت لها: أعُدتِ؟ فردّت بلى، لقد تركني الحقير وراحَ مع امرأةٍ أجمل مني.. كانتْ تبكي كبكاء الأطفال، فأدخلتها وسقيتُها ماءً، وبعد أن استراحتْ على الأريكة، تنهّدت وقالت: أدركتُ الآن مدى حُبّكَ لي، فأنا أعتذر عمّا سببته لكَ من ألمٍ، فقلت لها: لا بأس، وبعد حوارٍ قصير دارَ بيننا، تركتها ترتاحُ، ورحتُ أكملُ نصّي عن امرأة تركتني ذات زمنٍ ولّى، لكنها عادتْ وها هي الآن تحتلّ أريكتي بكلِّ أُنوثتها، وبعدما أنهيتُ نصّي المجنون، عدتُ إليها، فنظرتْ صوبي وقالت: ما أروع حُبّكّ! لقد اشتقتُ إلى روحكَ المفعمة بالحُبِّ.. فنظرتُ صوبها وقلت: أنتِ سبّبتِ لي كلّ الألم برحيلكِ عنّي، وبت أكتب نصّا عنكِ كل ليلة، فزيارتكِ لي هذه الليلة غير متوقّعة، لم أفكّر يوما ما بأنك ستعودين، فنظرتْ صوبي وقالت: ألم تسرّكَ عودتي؟ فابتسمتُ لها وقلت: عودتكِ لي هي كلّ سروري، فكيف لي أن أغفو بلا أنوثتكِ أيتها المتشيطنة في الحُبِّ..


عطا الله شاهين