مَلَكتُ نفسي

بقلم: بثينة حمدان

 (1)            بدايات

في محطة القِطار.. نقف

قرب نبتة "المجنونة"..

أتأملها..

ثم ننطلق معاً..

يُمسِكُ يَدَي

تتعلّقُ عيوني بالنبتة البنفسجية..

أترُكُها.. تَترُكني

ونغادر!

(2)            الليلة الأولى

في الليلة الأولى.. زفاف

والليلة الثانية.. زفاف؛

ضجيجٌ مُستمر

بلا ألحان،

صورٌ زائفة بلا ألوان.

ضجيجُ حربٍ تلوح بي،

حربٌ باردة

حربٌ ساخنة.

حربٌ تؤرقني..

توقِظُ مدفني عنوةً.

أبكي.. أصمتُ

صمتٌ لا يخيفني

أصمت أكثر..

لا أكون أنا..

هل بِعتُ نفسي!

(3)            الكواكب

أتى من رحم مجروح

إنه الكوكب الأول!

سقط من رحم مجروح

حاول الالتصاق أكثر..

إلى أن لفظ رائحة الحياة..

سقط؛

إنه الكوكب الثاني.

أسير بين الكوكبين وحدي،

لا هواء يُمسك بي

لا أرضَ تحملني

أتنفسُ وحدي؛

غيمة ماطرة.. بلا أرض!

أصمتُ أكثر

سكونٌ لا يُخيفني؛

سكون الزلازلَ المرتقبة

لستُ أنا؛

هل بِعتُ نفسي؟

(4)            فصلٌ طويل

صيفٌ ساكنٌ لا يتحرك

أفكارٌ سريعة..

نبضات قصيدةٍ جاهلية.

وهبتُ نفسي..

وهبتُها لصخرة مُتعرّجة

لذكورةِ متطرفة

في عُمرٍ أجوف.. تائه..

عمرٌ نديٌ من العاطفة.

وهبتُ نفسي..

لأفكارَ.. لا تتوقف

لا تتأنى

لا تُفكِّر!

وهبتُ نفسي

لقصيدةٍ شرقية ليس إلا..

تنحني لكلماتٍ جوفاء..

تتكسّرُ إثرَ حِوارٍ عاجز

وكلمات لا تكتمل.

وهبتُ نفسي لفصل واحدٍ طويل

(5)            سُقوط

حباتُ رملٍ قادمة..

في زمنٍ بلا صوت،

العقارب ساكنة،

وضَوء حفيف هناك للشمس!

هذه سماءٌ ثابتة

فيها فصلٌ واحدٌ؛

إنه الصيف على مدار العام

الجو حار.. وضوء هناك للشمس!

شمسٌ تلتهم أوراق الخريف.. 

تُجَفِّفُ غيمةً الشتاء

تُهمِلُ أزهار الربيع

تُسكِتُ ندى الصباح.

(6)            العدالة

هذه ورقةُ الوداع

قولي له: وداعاً

انتزعي كواكِبَك واذهبي..

اقطفي شمسَك وارحلي

غادري إلى منعطفٍ آخر..

لا تقولي وداعاً

لا تبحثي عن مُقاتل

فالمقاتل يأتي وحده.

لا تقولي وداعاً

ليس رجلاً من يُقاتِلُ امرأة

وليست أنثى من تُقاتِل رَجُل.

بعتُ نفسي.. لا بل ملكت نفسي.

(7)            مَلَكتُ نفسي

تُشرِقُ الشمس في اليومِ ثلاثَ مرات!

لم أكُن أراها

تُشرق الشمس مِن هُنا،

من أقرب نقطة إلى قلبي،

شمسٌ للفصول الأربعة،

شمسٌ للقلم الجاف،

وأُخرى لرقصةِ الخِنجر

وثالثة للقادم.. على غيمة بيضاء

ملكتُ نفسي؛

هاهي تسير في الضوء..

تمسح فصلاً طويلاً

ملكتُ نفسي؛

حملتُها..

أطلقتُها للأطفال

لفقراءَ بلا مأوى

لأحلامَ بلا صديق

مَلَكتُ نفسي؛

قلّمتُها.. شذّبتُها

أزلتُ عنها شوائِبَ الماضي

رويتُها..

أعدتُ لها جذورَها

ملكتُ نفسي؛

تُشرِقُ الشمسُ في اليومِ كثيراً

لم أكن أراها

ملكتُ نفسي

أمسكتُها.. عَشِقتُها.. لحّنتُها..

أسكنتها..

هاهي تشرق

شموس أيلول.. ملكتُها

ملكتُها

ملكتُها.

بقلم/ بثينة حمدان