قلقنا من سياسة التطبيع العربي مع اسرائيل نابع من أن عدة دول عربية ستسير بركب صفقة القرن الاميركية، أي في صفقة تصفية القضية الفلسطينية. ويزداد القلق يوماً بعد يوم عندما يقوم قادة اسرائيليون يمينيون متطرفون لا يعترفون بأن من حق شعبنا الفلسطيني الحصول على دولته المستقلة يتم استقبالهم بحفاوة واستقبال كبيرين في حين ان استقبالهم لقادتنا أقل بكثير من الحفاوة والتقدير التي يجدها ويتلقاها هؤلاء المتطرفون.
وقلقنا ناجم عن أمر مهم الا وهو ضعفنا نتيجة انقسامنا وتشرذمنا، وغياب استراتيجية عمل واحدة يدعمها ويلتف حولها كل أبناء فلسطين بشتى انتماءاتهم وعقائدهم الدينية والسياسية.
لو كنا أقوياء وموحدين، فان التطبيع لن يكون علنياً ومكشوفاً، وحتى انه لن يفكر به احد خشية من رد فعل فلسطيني قوي، وردود فعل شعبية قوية في العديد من المدن والعواصم العربية. لو كنا أقوياء عبر وحدتنا، فان بعض القادة او المسؤولين "العرب" سيحسبون ألف حساب وحساب قبل المضي قدماً بأية خطوة تطبيعية حتى ولو صغيرة.
انطلاقاً من هذا الواقع الذي نعيشه، واقع الانقسام والتشرذم الذي أدى الى ضعف كبير، فان مسؤولية حدوث التطبيع وتطوره تقع على عاتقنا نحن، وليس على عاتقهم فقط، لأن انقسامنا منح ضعاف النفوس أرضية خصبة للسير في ركب التطبيع، والمجاهرة به من دون خجل أو حياء، بل بلغت الوقاحة الى حد التباهي به، واللهاث نحوه لأنهم يعرفون ان شعبنا ضعيف بانقسامه وتشرذمه، ويعاني من خلافات حادة في النهج بين قواه وفصائله المختلفة.
القضية الفلسطينية في خطر لأن هناك مؤامرات عليها، ولأن هناك مخططاً يهدف الى تصفيتها. ولذلك فان على جميع القادة الفلسطينيين، وبخاصة الأمناء العامين لكل الفصائل، وللقيادة الفلسطينية العمل الجاد لتحقيق الوحدة الوطنية لأن مصلحة الوطن فوق كل المصالح الذاتية والفئوية. وكلنا، ومن دون استثناء، ضد مؤامرات التصفية، وضد ما يشاع عن صفقة القرن، فلماذا لا نتوحد ونتحد ونقف صفاً واحداً، ونشكل سداً منيعاً أمام كل خطوات التطبيع التي هي جزء لا يتجزأ من صفقة القرن المتوقع الاعلان عنها، ومحاولة فرضها علينا مع بداية العام القادم 2019.
الوحدة الوطنية هي سلاح فعال جداً، وقوي، وتشكل السد المنيع لكل أنواع التطبيع، وسيشكل حماية لقضيتنا. ان أي خلل، أو تراجع في معالجة وحماية قضيتنا العادلة يتحمل مسؤولياته جميع الفلسطينيين .. فليكن هدفنا تحقيق وحدتنا، لأن التطبيع لن يؤثر علينا ولن يقلقنا ما دمنا نحن جميعاً بخير وبقوة نتيجة تعاضدنا الحقيقي والفعال، ونتيجة الاهتمام بالمصالح العامة لشعبنا وليس اللهاث وراء المصالح الذاتية والفئوية التي تضعفنا.
بقلم: جاك خزمو
رئيس التحرير/ مجلة البيادر
القدس 3/11/2018