قال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس: «إن القدس وفلسطين ليستا للبيع والمساومة، مشدداً على رفضه لخطة السلام المعروفة بـصفقة القرن»، وفي كلمة له أمام المشاركين في الدورة الـ30 للمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية التي انطلقت الأحد في رام الله قال عباس: إن المرحلة الحالية التي تمر بها فلسطين «قد تكون أخطر المراحل في حياة الشعب الفلسطيني لأننا مقبلون على قرارات في غاية الأهمية، في غاية الصعوبة»، حيث يقف الفلسطينيون «أمام لحظة تاريخية.. فإما أن نكون أو لا نكون».
وتساءل عباس: «ماذا بقي من صفقة العصر؟ القدس بعتَها ونقلتَ سفارتك إليها، اللاجئون وحقهم أنهيتَه وأغفلتَ وكالة الغوث»، مؤكداً أن «وعد بلفور هو أساس المشكلة وإذا مر وعد بلفور فلن تمر صفقة العصر».
وأضاف: إن الفلسطينيين هم «الكنعانيون أصحاب هذه الأرض، ولدنا عليها، وسنعيش فوقها، وسندفن تحت ترابها المقدس»، مؤكداً: «وليعلم العالم أجمع أنه لم يولد ولن يولد من يتنازل عن حقوقنا وثوابتنا التي أقرتها الشرعية الدولية».
ظاهرياً يبدو كلام عباس استراتيجياً وأنه يمكن البناء عليه في سياق الصراع الوجودي مع المشروع الصهيوني، لكن ما يجري على الأرض يخالف ذلك تماما.
لن نذهب بعيداً فعباس نفسه قال في الخطاب ذاته: إن «القدس الشرقية عاصمتنا ولن نقبل بمقولة في القدس أو القدس عاصمة لدولتين.. ونرفض الدولة ذات الحدود المؤقتة»، وهذا يناقض شعار الدورة الحالية للمجلس المركزي الفلسطيني تحت عنوان «الخان الأحمر والدفاع عن الثوابت الوطنية».تؤكد الثوابت الوطنية الفلسطينية أن فلسطين كل فلسطين هي وطن الشعب الفلسطيني وليست الضفة الغربية أو قطاع غزة وأن مدينة القدس هي عاصمة الشعب الفلسطيني وليس الجزء الشرقي منها فقط وأن اتفاقات أوسلو مثلت استسلاماً كليا للعدو الصهيوني وتفريطاً واضحاً بحقوق الشعب الفلسطيني وفتحاً للأبواب على مصارعها أمام الأنظمة العربية الرجعية للتطبيع مع هذا العدو حيث لسان حالها بات يتبجح جهارا نهارا بالقول: «لن نكون أكثر حرصاً من الفلسطينيين على حقوقهم».
من السعودية إلى قطر والبحرين وسلطنة عمان وغيرها من دول الخليج والمغرب العربي والقارة الإفريقية ومزيد من بلاد «العرب أوطاني» يصول ويجول الصهاينة فيها اليوم والضحكات ملء أشداقهم في المؤتمرات والألعاب الرياضية واللقاءات الرسمية وفي الشوارع والمساجد، يحققون مزيدا من مشاريع التطبيع والسيطرة على الصعد كافة، وهذا وغيره قصّت اتفاقات أوسلو شريطه منذ سنوات خلت وانتقل العهر السياسي للرجعية العربية من السر إلى العلن نتيجة إصرار قيادة منظمة التحرير والسلطة على التمسك بهذه الاتفاقات وإفرازاتها في مختلف المجالات.
يضاف إلى ذلك الصراع بين حركتي فتح وحماس على السلطة وقيادة الساحة الفلسطينية نحو المجهول، ولذلك لن تجد هذه الساحة سبيلا إلى المصالحة والوحدة طالما استمرت هذه السياسية التدميرية ضد حقوق الشعب الفلسطيني ورضوخ جزء كبير من قيادة هذا الشعب للضغوطات والمساومات.
آن الأوان أن يعود المساومون والمفرطون والمطبعون والصامتون والمتملقون والمنتفعون إلى رشدهم وأن يعلنوها من جديد، صرخة مدوية أمام العالم أجمع وفي وجه العدو الصهيوني: لا صلح ولا تنازل ولا اعتراف، وأن المقاومة بكل أشكالها هي الخيار الوحيد ضد «صفقة القرن» وغيرها من مشاريع التآمر على قضية العرب المركزية، فلسطين، الأرض والإنسان.
بقلم/ نعيم إبراهيم