بلا ادني شك فان الجميع بمأزق كبير .... والجميع يمتلك من الاوراق التي يمكن اللعب بها ... كما ان الجميع يقوم بالتعامل على مبدأ الظروف الضاغطة ... والحاجات الملحة.... والانقسام الحاد ... وفقدان الثقة .. وما تولد عبر سنوات من كراهية التباعد ... وصراع السلطة والحكم .
ازمة الانقسام الاسود وقد أخذت حيزا كبيرا وجهدا لا يوصف وكان من نتيجته صفرا كبيرا ... والام عظيمة ... وخيبات أمل ... وفشل على اليمين واليسار .... ولكل جهد حتى اصبح الفشل عنوان ... وبداخله تفاصيل عديدة لا يمتلك الشطار قدرة تغطيتها او لفلفتها .
الفشل الحاصل والحادث بتفاصيل حياتنا ... كما الفشل في خطابنا ... كما الفشل في لقاءاتنا وعدم التزامنا ... كما الفشل وعدم الانجاز في أي جهد او قضية او حتى خيار ... والشاهد والمشهد يتحدث بكل صراحة عما نحن عليه .
وحتى لا يفهم بأني ضد أي جهد للتخفيف عن السكان داخل القطاع لانني منهم واليهم وحتى يكون القارئ على علم ومعرفة فكاتب المقال لديه ستة ابناء خريجين جامعيين ودراسات عليا وذات مهارات ... الا انهم جميعا عاطلين عن العمل ... أي ان الاسرة فاقدة للدخل ... ما دفعني للقول حتى لا يقوم المزايدين بالقول بأنني صاحب مصلحة بالمعارضة حول ما يجري تحت عنوان التسهيلات ... وهي بحقيقتها (خوازيق) سنشعر بها مع كل يوم ومع كل لحظة ... ومع كل تغير بموقف اسرائيل وامريكا وقطر الانسانية الاسلامية التي يتباكى اميرها على غزة ... وكأن غزة تتألم منذ اليوم ... ولم تتألم على مدار 12 عام .... وكأن الشعب الفلسطيني لم يتألم منذ النكبة والهجرة والتشريد ومخيمات اللجوء ... وكأن الدموع كانت محبوسة ... والجيوب لم تكن ممتلئة .... والاصح والاقرب الى العقل ان المخطط لم يكن على هذا النحو وبهذه الاهداف الخبيثة التي تعمق الانقسام .... بل أكثر من ذلك ستأخذنا الى مربعات الفصل ... كما تريد امريكا بصفقتها الملعونة ... وكما تريد اسرائيل باستمرار احتلالها وحصارها .. وفرض الحل الذي يتناسب ومخططاتها الاستيطانية ... وسيطرتها الكاملة .. وسيادتها على ارضنا دون منافس او منازع .
البعض يحرف الانظار ... ويحاول الاجتهاد خارج السياق ... كما يحاول استثمار الازمات الطاحنة مدخلا ونتيجة لما يجري العمل عليه .
النتيجة النهائية وبحسب ما جاء بالاعلام في ظل التكتم وسرية ما يجري ... وكأن الامور غير معروفة ومعلومة ... مع انها مكشوفة وعارية لرجل الشارع الذي يمتلك من الوعي والقدرة على الفصل حول ما يجري تحت عنوان الانسانية .. وهو بحقيقتها سياسية بامتياز .
قطر المتباكية علينا تدفع رواتب 6 شهور لموظفي حماس ... ليبقى السؤال ماذا بعد الستة شهور ؟! كما ان كرم اميرها سيرسل السولار لمحطة توليد الكهرباء والسؤال الى متى سيبقى يمد تلك المحطة ؟! والحديث يدور عن تشغيل الاف العمال فالى أي مدى يمكن اذا حدث ذلك ان يستمر العمال بعملهم ؟! والحديث يدور حول مشروعات عديدة والسؤال حول كفاية او عدم كفاية مثل هذه المشروعات لمعالجة البنية التحتية المدمرة والحاجات الخدمية والانسانية والاجتماعية التي يحتاجها 2 مليون فلسطيني داخل القطاع ... ومحاولة استقطاب الاف الاسر المحتاجة من خلال مساعدات نقدية ضئيلة تكفي لايام معدودة ... ليبقى السؤال .. ماذا بعد ذلك ؟!
اطراف التسهيلات وان تجمعت مصالحهم في نقطة واحدة اليوم ... الا انه ليس من المضمون ان تبقى مصالحهم مجتمعة الي الغد ... والتجربة غنية واستخلاصاتها عديدة .
لا يوجد احد ضد ان يتقاضى موظفي حماس رواتبهم ... وليس هناك من احد ضد ساعات اكبر للكهرباء بعد ان مللنا ظلمت الليل ... وعلى اعتبار ان حركة الاموال ستحرك الاسواق وقد تكون انقاذ لحالة الشلل الحادث بالاقتصاد المحلي ... كما ان امتداد ساعات الكهرباء ذات فائدة اقتصادية ... اضافة الى فوائدها العديدة حتى تستمر الة الانتاج والعمل بصورة افضل من السابق .
الفوائد لا احد يتنكر لها او يمكن ان يرفضها لكن سيبقى السؤال حول السولار والدولار وما يقابلهم وما بعدهم .
ليس عيبا ان نراجع انفسنا ... كما ليس عيبا ان نعترف بأخطائنا ... كما ليس عيبا ان نقر بفشلنا ... لان حركة التاريخ والذي يجب ان نتعلم منه كيف يمكن صياغة الشعار وان لا نتعجل وان نبني شعاراتنا بما يخدم مواقفنا ... وبما يجعلنا بموقف الحرج والتغيير والحياد عن تلك الشعارات .
اختصار القول كل ما يجري والحديث عنه انه مدخل انساني له نتائجه السلبية على المسار الوطني والسياسي ليس لاننا ضد التخفيف من المعاناة ... لكن التخفيف يجب ان يكون نتيجة لانهاء الانقسام ... واتمام المصالحة ... وتمكين الحكومة ... وعودة السلطة الوطنية ... والبدء بمعالجة الملفات وايجاد الحلول لها .
لان ما يجري سيعمق ويجذر الانقسام ولا يمهد للمصالحة هذه حقيقة لا تحتاج لدليل او اثبات ... لانه لا يمكن لاي مجتمع ان يجد الحلول لمشاكله وازماته في ظل تعدد العناوين ... كما تعدد القرارات والتوجهات والسياسيات .
استمرار حالة العناوين المتعددة والخطابات المتناقضة ... والتباينات الحادثة ... يزيدنا ضعفا وتشتتا .
ما يجري تراجع ... وما يجري تعميق للانقسام وتسهيل للفصل ولا يمهد للمصالحة نطوق اليها وهذا ما يتناقض كليا ومصالحنا الوطنية العليا وما يهدد مشروعنا الوطني وما يجعل قضيتنا بمهب الرياح العاتية والقادم منها اخطر .
ما يجري تحسين وانعاش مؤقت وجزئي ولشرائح محددة ولا يمكن البناء عليه باعتباره تغييرا بظروف سكان القطاع ... كما ان ما يجري سيزيد قدرة التحكم بالضفة الغربية والقدس ... وسيضعف من خطابنا السياسي وقدرتنا على مواجهة المحتل الاسرائيلي .
أي ان الفاتورة باهظة التكلفة وان من سيدفعها ابناء الشعب الفلسطيني بكافة اماكن تواجدهم وانه لا يمكن ان يختصر ويختزل بهذا الذي يجري الحديث عنه .
رغم المرارة والحسرة والالم الكبير لما وصلنا اليه ... الا ان التاريخ يسعفنا في لحظات الضعف والتشتت والانقسام .. ليقول لنا التاريخ الذي لا نريد قراءته ولا الاطلاع على تفاصيله ان غزة جزء من فلسطين .... وان سكان غزة جزء من الشعب العربي الفلسطيني ... وان غزة لا يمكن ان يتم فصلها عن الجسد الفلسطيني ... وان كافة الاوهام والمخططات والخيال لمن يتباكون على غزة لن يمر ولن يكون واقعا مقبولا ومشرعا بل واقعا استثنائيا طارئا لحين الادراك والمعرفة وامتلاك الوعي .... ان ما يجري ضد قضيتا وشعبنا ووحدتنا الوطنية ... وان طريقنا صوب الوحدة .... وانهاء الانقسام هو الاقرب والايسر والافضل ... وعلى الجميع قراءة التاريخ حتى لا يخرج احدا منه .
بقلم/ وفيق زنداح