توافق اليوم الذكرى السنوية الـ14 على رحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات "أبو عمار"، الذي توفي في العاصمة الفرنسية باريس متأثرًا بالمرض.
ووافت "أبو عمار" المنية عن عمر يناهز "75عامًا"، بعد فترة من وعكة صحية ألمت به في 11 نوفمبر 2004، ولا يعرف سبب الوفاة على التحديد، وقد قال الأطباء أن سبب الوفاة هو تليف الكبد.
وأٌثيرت شبهات بإمكانية تعرض الراحل "أبو عمار" للسُم، غير أن ملفه الصحي في المستشفى الفرنسي العسكري، الذي رقد فيه ترك الكثير من الغموض بشأن أسباب وفاته.
وأثار تحقيق أعدته قناة "الجزيرة" بعد سنوات من وفاته شكوكًا بشأن أسباب وفاة عرفات، وإمكانية تعرضه لإشعاعات البلوتونيوم، ما دعا السلطة إلى فتح تحقيق جديد لهذا الغرض.
وكان محققون فرنسيون استخرجوا رفات الراحل عرفات في نوفمبر، في محاولة لمعرفة سبب وفاته، إلا أن لغز وفاته لم يُحل بعد تعدد فرضيات ذلك.
وأشار القضاة الفرنسيون المكلفون بالتحقيق في "الاغتيال" والذي بدأ بطلب أرملته سهى عرفات أعلنوا إغلاق الملف وقد استأنفت عليه.
لكن الخبراء المكلفين من قبل القضاة الفرنسيين استبعدوا مرتين فرضية التسمم. وقال الخبراء الروس أن وفاة عرفات هي "موت طبيعي". وعلى العكس من ذلك، قال خبراء سويسريون استشارتهم أرملة عرفات أن نتائجهم "تدعم فرضية التسمم" بالبلوتونيوم.
ونقل جثمانه من باريس إلى القاهرة، ثم إلى مدينة رام الله عبر طائرات مروحية، وكان في انتظاره مئات الألاف من جماهير شعبنا، ودفن في مقر المقاطعة في تشييع شعبي مهيب بعد رفض إسرائيلي شديد لدفنه في مدينة القدس المحتلة.
وولد "أبو عمار" في العاصمة المصرية القاهرة في الرابع والعشرين من أغسطس/أب 1929، سياسي فلسطيني وأحد رموز حركة النضال الفلسطيني من أجل الاستقلال، واسمه محمد ياسر عبد الرحمن عبد الرؤوف القدوة الحسيني ويُكنى "أبو عمار"، وكان الولد السادس لأسرة فلسطينية تتكون من "سبعة أفراد".
وخاض خلال حياته نضالًا وجهادًا على مختلف الجبهات، وأعاد الحياة لاسم فلسطين ولقضية شعبها في الوعي الانساني، ووضع القضية الفلسطينية على الخارطة السياسية العالمية.
يُشار إلى أن الراحل "أبو عمار" وافق في عام 1993 على اتفاقية أوسلو، وعاد عام 1994 إلى فلسطين رئيسًا للسلطة الفلسطينية في غزة وأريحا.
وترأس منظمة التحرير الفلسطينية عام 1969 كثالث شخص يتقلد هذا المنصب، منذ تأسيسها على يد أحمد الشقيري عام 1964، وهو القائد العام لحركة فتح أكبر الحركات داخل المنظمة التي أسسها مع رفاقه في عام 1959.
بعد الخروج من لبنان، ركز الراحل "أبو عمار" جهوده على العمل السياسي، الذي يبرع فيه؛ فكانت ذروة هذا العمل السياسي إعلان الاستقلال الفلسطيني وذلك سنة 1988 من قبل المجلس الوطني الفلسطيني، والقاء ياسر عرفات خطاب في 13 ديسمبر أمام الجمعية العامة في جنيف، والتي نقلت مقرها إلى جنيف بشكل مؤقت بسبب رفض الحكومة الأمريكية منحه تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة.
كذلك أطلق ياسر عرفات مبادرته للسلام العادل والشامل في الشرق الأوسط، والتي كان قد أقرها المجلس الوطني الفلسطيني، والتي تعتمد اقامة دولة فلسطينية في الأراض التي احتلت 1967، تعيش جنبًا إلى جنب، مع إسرائيل.
وبناءً عليه فتحت الإدارة الأمريكية، برئاسة "رونالد ريغان" حوارًا مع منظمة التحرير الفلسطينية؛ ونظرت إسرائيل بكثير من التوجس والقلق، إلى السياسة البراجماتية التي اتبعها "أبو عمار"، والتي كانت في محصلتها، محو آثار العمليات التي قامت بها بعض التنظيمات الفلسطينية في أوائل السبعينات، والتي لاقت في حينه استنكار عالمي ووصفت "بالإرهابية"؛ وحصول المنظمة على مقعد مراقب في الأمم المتحدة، واعتراف كثير من المحافل الدولية بمنظمة التحرير الفلسطينية، ودولة فلسطين التي كانت قد اعلن عن قيامها من الجزائر.
وحدث "لأبو عمار" حادث، في أبريل من عام 1992 عندما تحطمت الطائرة التي كان يستقلها، في الصحراء الليبية، قتل خلال الحادث ثلاثة من مرافقيه، لكنه نجا من الحادث، فبشهادة من كانوا معه أشار عليه أحد الطيارين، بأن المكان الآمن في الطائرة هو مؤخر الطائرة، فتوجه له، وقام مرافقوه بالإحاطة به وضمه بالبطانيات والحشايا.
لكنه اصيب بارتجاج في المخ، أدى إلى اصابته برجفة خفيفة في شفتيه لم تفارقه حتى مماته.