بذكراك ... غزة لن تنساك

بقلم: وفيق زنداح

الذكرى الرابعة عشرة لرحيل سيد الشهداء .... وأبو الثائرين والثوار .... ومفجر ثورة المستحيل من رسم على مدار عمره محطات النضال الوطني ... وما تم انجازه وما تم الاخفاق فيه .

الشهيد ياسر عرفات هذا الفدائي الثائر والمؤسس لأول حركة وطنية فلسطينية .... والذي انطلق بالأول من يناير 65 معلنا انطلاقة الثورة الفلسطينية ... ومتحديا بانطلاقته ما كان يحيطه من تحديات ومصاعب كانت تحول دون الانطلاقة ودون اعتماد الكفاح المسلح خيارا وطنيا لتحرير فلسطين .

ياسر عرفات وباختصار واختزال لمسيرة نضاله الطويل وملامحه الانسانية ومواقفه الوطنية ... وما شهدته اغوار الاردن والشونة والكرامة ... وما قام برسمه عبر مسيرة نضاله ما بين عمان ودمشق ... وما استمر عليه من ثورة نضال وكفاح مسلح في الجنوب والعرقوب والبطنية وقلعة اشقيف وجبل الشيخ ... من حافظ على الهوية الوطنية وجعل من المخيمات في عين الحلوة والمية مية وصبرا وشاتيلا وبرج البراجنة وحتى البداوي ونهر البارد قلاعا للثورة ورمزا للصمود .... من جعل من منطقة الفاكهاني في بيروت الغربية منطقة وجود وحضور ثوري ... ومن أكد على الالتزام باستقلالية لبنان ووحدة ترابه وقراره الوطني .... من احترم الاتفاقيات وأكد عليها وتمسك بها ولم يخالف أي مبدأ من مبادئ الثورة .... من تم مهاجمته ومحاولة اغتياله وبعديد المرات ... ومن كان قد تم توجيه الانتقادات له والسهام من حوله من القريب والبعيد .

ياسر عرفات القائد الانسان ... والثائر الوطني والذي أكد عبر مسيرته الوطنية الطويلة انه بحق زعيم ثورة وقائد كفاح وطني بالأفعال والاقوال ... ثائرا ومناضلا بالخنادق والجبال والسهول والوديان ... كما كان قائدا وطنيا ودبلوماسيا بارعا من على المنابر ومن داخل المؤتمرات واللقاءات ... لم يحسب حسابا الا لربه وشعبه .

ياسر عرفات الذي نعيش ذكرى استشهاده الرابعة عشرة اليوم ينظر الينا بألم وحسرة وكأنه يقول لنا لو تمسكتم بما تركت لكم ... وبما قلته لكم على مدار السنوات .... لكان حالكم أفضل بكثير مما انتم عليه اليوم .

ياسر عرفات وكأنه يقول لنا ان تمسكتم بوحدتكم ... وان تمسكتم بشرعيتكم المتمثلة بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب العربي الفلسطيني ... واذا ما تمسكتم بخيار الوحدة الوطنية خيارا وحيدا ... واذا ما تمسكتم بثوابتكم واهدافكم الوطنية ستحققوا ما تريدون .... مهما كانت التضحيات ... ومهما زادت المؤامرات التي تحاك بظلمة الليل وفي عاصمة القهر والظلم والطغيان .

ياسر عرفات الذي استبق سلفه الرئيس محمود عباس بالقول (لا) لأمريكا في كامب ديفيد وواي ريفر ... والذي قال (لا) لإسرائيل في طابا وفي كافة اماكن اللقاءات التي كانوا يحاولون فرض شروطهم عليه .

ياسر عرفات الذي قال (لا) لأمريكا واسرائيل ... والذي تم محاصرته في مقر الرئاسة بمدينة رام الله ... هو ذاته ياسر عرفات الذين قاموا بقصف مقره في تونس قبل العودة .... وفي المنتدى بمدينة غزة ما بعد العودة واتفاقية اوسلو والمرحلة الاولى غزة اريحا اولا .

غزة هاشم واهلها لهم تاريخ مع الشهيد ياسر عرفات فهم من استقبلوه بعودته ... وهم من كانوا الاوفياء دوما لزعيمهم وقائدهم ... هم من يؤكدون على مدار اللحظة تمسكهم بشرعيتهم الوطنية ووفائهم واخلاصهم لمسيرة النضال الوطني وشرعية منظمة التحرير .... هذا الشعب الذي استقبل ياسر عرفات من معبر رفح حتى مقر الرئاسة المنتدى بمدينة غزة هو ذاته الشعب الذي التف من حوله مناصرا ومؤيدا وحاميا للثورة ومكتسباتها .

ياسر عرفات الذي أحب غزة وعشق بحرها ... كما احب اهلها بسخائه وعطائه وكرمه بمنحه لكل سائل وطالب .... ولكل امرأة وعجوز .... اسير وجريح وشهيد .

ياسر عرفات كان عبارة عن ملحمة نضالية .... و تعبير انساني ورمزا من رموز التاريخ الوطني الفلسطيني الذي سيبقى خالدا وساكنا بالقلوب وبذاكرة الاجيال .

ياسر عرفات بقتله واغتياله .... ظن الواهمون المتآمرون ... خونة هذا الزمن ان بمقتله ستكون النهاية ... لكنها كانت البداية .... باستكمال مرحلة نضالية طويل قادها الرئيس محمود عباس بكل ثبات وشموخ وحرص اكيد على الثوابت الوطنية والتمسك بالوحدة الوطنية وعدم المجازفة بها .

نحن واذ نعيش الذكرى بواقع الامها ومدي الحزن الذي ينتاب القلوب ... الا اننا نجعل من الذكرى منطلقا دائما للإصرار على الحقوق والتمسك بالثوابت والتأكيد على وحدتنا الوطنية .

وصية ياسر عرفات يحفظها عن ظهر قلب كل من يؤمن بربه و وطنه وعدالة قضيته .... لأنها وصية القائد والزعيم والرمز والتي ستبقى محفورة بذاكرتنا وبذاكرة الاجيال التي تؤكد الوفاء لرمز نضالها وثورتها الشهيد ياسر عرفات .

الذكرى اليوم الرابعة عشرة لاستشهاد ياسر عرفات يجب ان تشكل بالنسبة لنا مراجعة وطنية على كل ما جرى ما بعد رحيله واين اصبنا واين اخطأنا ... واين يجب علينا ان نسير ونؤكد لان مثل هذا اليوم ليس للحزن ... ولكن لتأكيد الثوابت وخيار الوحدة ... وحتى يكون للذكرى معانيها ودلالاتها واستخلاصات تجربتها .

بقلم/ وفيق زنداح