في الحقيقة أن الوحدة الوطنية ليست حلمًا رومانسيًا، وإنما هي ضرورة موضوعية وخيار استراتيجي، فهي السبيل والضمان الوحيد لتحقيق الاهداف الوطنية المرتجاة والمأمولة، ولمواجهة حملة التوسع الاستيطاني والسيطرة الاسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وفي مواجهة كل التحديات المقبلة والمشاريع الأمريكية والصهيونية، ولأجل التصدي لصفقة القرن المزمع الاعلان عنها قريبًا، الرامية الى تصفية حقوق شعبنا العادلة، ومصادرة حق العودة.
إن خيوط المؤامرة آخذة في الاحتدام والاشتداد، والطرف الاسرائيلي يحاول كسب الوقت وانتهاز الظرف العام والفوضى الخلاقة في الأقطار العربية والانقسام على الساحة الفلسطينية للتوسع أكثر وابتلاع المزيد من الاراضي الفلسطينية وتكريس الاحتلال. ولذلك لا سبيل أمام شعبنا الفلسطيني سوى الاصرار والتمسك بالوحدة الوطنية قبل اي خيار، فوحدها القادرة على اجهاض المؤامرات المحدقة بشعبنا وقضيته التحررية.
لا ريب أن القيادة الفلسطينية تواجه اليوم وضعًا يحمل الكثير من التناقضات، وملغومًا بمخططات ومؤامرات لا حدود لها، ومن الموجع والمؤلم هو مشاركة بعض الأنظمة العربية الرجعية المشاركة في هذه المؤامرات.
وعلى امتداد مسيرة النضال الوطني التحرري الاستقلالي الفلسطيني كان الموقف الصلب والسلاح الأمضى هو التمسك بالخيار الاستراتيجي والأهداف الصريحة في اقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وفي صون القرار الوطني الفلسطيني ومنع مصادرته، وفي الاصرار على وحدة الحركة الوطنية الفلسطينية سبيلًا وحيدًا للحفاظ على المكتسبات والمنجزات الوطنية ومنع هدر كفاح الشعب الفلسطيني.
ولعل أهم انجازات المقاومة الفلسطينية التي حققتها، رغم التشرذم والانقسام، تبلور الشخصية الوطنية الفلسطينية والاصرار على القرار الوطني الفلسطيني المستقل، وذلك بوجود منظمة التحرير الفلسطينية، ممثلًا شرعيًا وحيدًا للشعب الفلسطيني، ومن أجل ذلك دفعت دماء غزيرة، وسقط آلاف الشهداء الأبرار ، عدا عن الجرحى الذين لا يعدون ولا يحصون.
وعليه فإن أحد الشروط الأساسية لضمان انتصار نضال وكفاح شعبنا الفلسطيني، هو انهاء الانقسام الحاصل في الشارع الفلسطيني، الذي له أضرار وآثار سلبية كثيرة، وتوحيد فصائل الحركة الوطنية الفلسطينية بكل ألوانها وأطيافها وتشكيلاتها ومسمياتها، فلا خيار ولا بديل آخر عن غير ذلك.
بقلم/ شاكر فريد حسن