نتنياهو بين احتمالية السقوط .. والتطرف الاشد !!!

بقلم: وفيق زنداح

تاريخ الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة وبأغلبيتها الساحقة منذ بن غوريون ... وايغال ألون ... وجولدا مائير ... ومناحيم بيغين ... وأرئيل شارون .... واسحاق رابين ... وشمعون بيريز... ويهود باراك .. واولمرت وحتى نتنياهو ... جميعهم بحساباتهم المحددة لسياساتهم وبائتلافاتهم وبقاعدتهم الانتخابية وما يحركهم داخليا وخارجيا .. وما يحدد سياساتهم وعلاقاتهم المحكومة بمصالحهم الذاتية الحزبية وحتى الشخصية ... يتوافقون بما هو ضدنا ... ويختلفون حول ضرباتهم ومساحة جرائمهم ... والتي يتنافسون فيها لكسب بعض القواعد الانتخابية من الجماعات المتدينة واليمينية المتطرفة والمستوطنين ومن ورائهم من الحركة الصهيونية والايباك .... جميعهم يمارس الاستغلال السياسي ان لم نقل الابتزاز السياسي بما يحرك مصالحهم التي تحرك جوانب عديدة .
بكافة الاحوال اطلاعنا وقراءتنا للخارطة الحزبية السياسية الاسرائيلية ..... لسنا بوارد البناء عليها في تحديد المواقف الخاصة بنا ... بقدر ما تعبر بحكم التجربة والسياسات المتبعة من دلائل ومؤشرات تم استخلاصها بأنه لا فرق بين اليمين واليسار ... ولا بين الليكود وحزب العمل ولا ما بين شاس واسرائيل بيتنا ولا ما بين المفدال وحزب البيت اليهودي .... جميعم احزاب صهيونية يمينية تتنكر لحقوقنا وتعمل على ايذائنا ونهب ارضنا والاستيطان بارضنا ونقل المستوطنين الى داخل أرضنا .
لا زالت اسرائيل بحكوماتها المتعاقبة وعلى مدار عقود تجهل وتتجاهل مفاهيم الامن الذي يمكن ان يسود ويتحقق في ظل مفاهيمهم الامنية والاستراتيجية والقائمة على حقهم بالامن دون غيرهم ... وعلى حقهم بنقل المعارك الي ارض الاخرين وقناعتهم ان الامن يتحقق حيث تصل الدبابة والجندي الاسرائيلي ... وان ما لهم حقا بوجهة نظرهم ليس لغيرهم حق فيه ... وان اصوات المدافع والصواريخ ومشاهدة الدماء يجب ان يسمعها ويراها العرب لا ان يسمعها او يراها الاسرائيليون .
مفاهيم واستراتيجيات عفى عليها الزمن ... واصبحت تحت الاقدام ولا طائل منها ولا فائدة من ادراجها بقاموسهم الاعلامي وفكرهم الايدلوجي .... ولن تكون مثل هذه المفاهيم مقبولة كمحددات للصراع او يمكن ان تكون كافية ومقبولة لكتابة السيناريوهات الاخيرة في صراع محتدم ما زال لم يحسم .
الظروف الموضوعية والذاتية وقد تغيرت كليا واصبحنا نحن والمحتل الاسرائيلي برقعة صغيرة .... وهناك الكثير من التداخل والذي ينذر بالقنبلة الديمغرافية والاشد خطرا وفتكا بهم اذا لم يستوعبوا الدرس ... ولم يستخلصوا العبر ... ولم يتعاطوا مع خطاب السلام الفلسطيني والايادي الممتدة لصنع سلام الشجعان والقائم على حل الدولتين وحقنا المشروع والكامل بدولة فلسطينية بحدود الرابع من حزيران 67 وعاصمتها القدس الشرقية .
اذا ما تم اضاعة المزيد من الفرص والتموضع حيث يشعرون بالقوة والسيطرة وامكانية الوصول الى حيث يريدون ..... فان هذه المعادلة قد لا تدوم ... وقد اصبحت والى حد كبير تضعف امام الحجر الذي يحمله الطفل الفلسطيني .
الامن الاسرائيلي بيد الشعب الفلسطيني وهذا ما يفرض على الاحزاب الاسرائيلية وحتى على الائتلاف الحكومي القائم امتلاك الشجاعة واتخاذ خطوة عملية للاستجابة لمتطلبات السلام والتسوية السياسية على قاعدة حل الدولتين .
لا مفر لاسرائيل بيمينها ويسارها وحتى بائتلافها اليميني واليميني المتطرف من التهرب من استحقاقات التسوية السياسية وما تشهده القضية الفلسطينية من دعم واسناد دولي .... ومن يقف ويساند اسرائيل وتحديدا امريكا قد لا يكون لها استمرارية البقاء في ظل عالم المصالح والاقتصاد العالمي وازماته وتغير موازين القوى العالمية .
نتنياهو الذي يتلاعب بعامل الوقت واستمرار المماطلة حتى لا يسجل عليه انه بمفهوم اليمين واليمين المتطرف قد تنازل لصالح الفلسطينيين وابرم اتفاقا معهم .. ويحاول ان يستمر بالتلاعب لاضاعة المزيد من الوقت في ظل زيادة مساحة الاستيطان وعدد المستوطنين وتهويد ما يستطيع من ارض فلسطينية وتغيير معالم الارض ظنا ووهما بأن مثل هذه السياسة يمكن ان تصنع حقوقا ... او يمكن ان توفر استقلالا او امنا لدولة الكيان ... وهذا على عكس الحقيقة والواقع وما جرى بالمحافظات الشمالية والقدس لا يقل بنتائجه ورسائله عما حدث بالمحافظات الجنوبية ... وهذا ما يحتاج من الطبقة الحاكمة باسرائيل الي فكر جديد ... وشجاعة اكبر ... ومعرفة اشمل ... بان للاحتلال ثمن يجب ان يدفع ... وان للسلام استحقاقاته التي تستوجب ان تطرح وتدفع لاصحابها .... وانه لا يمكن الاستمرار بسياسة الاعتداء والمطالبة بالامن الكامل دون ان يكون للفلسطينيين امنهم وسيادتهم على ارضهم وحريتهم بدولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية .
حكومة نتنياهو والازمة التي تعيشها مع استقالة ليبرمان قد سقطت بمجال السياسة كما الامن ... كما انها سقطت اخلاقيا بعدم احترامها لحقوق الانسان أي انها حكومة ساقطة حتى وان كانت قائمة .... وهي حكومة عرجاء احتمالية سقوطها اكثر من احتمالية بقائها .
جولة المواجهة الاخيرة وما حدث من نتيجتها استقالة لبيرمان ... وحالة الارباك في حكومة نتنياهو التي تبقى لها 61 مقعد بالكنيست من عدد 120 مقعد وان ائتلافها سينتهي في نوفمبر 2019 بصورة اعتيادية ... مع امكانية اجراء انتخابات مبكرة في مارس 2019 ... وان حل الكنيست بتطلب 61 صوتا اذا ما نجح نتنياهو في حل الكنيست ستجرى الانتخابات بعد 90 يوما وعلى ان لا تزيد عن خمسة شهور .... اما في حالة حل الكنيست بواسطة التصويت على حجب الثقة فانه يجب ان تجرى الانتخابات خلال ثلاثة شهور فقط .
الاحزاب المشاركة مع نتنياهو بائتلافه اليميني واليميني المتطرف وما بعد استقالة لبيرمان سيبحث كل حزب عما يمكن ان يحققه من مكاسب سياسية وحزبية وحتى شخصية .... وما يسعى اليه نفتالي بينت زعيم حزب البيت اليهودي والذي يهدد بالانسحاب من الائتلاف اذا لم يتولى وزارة الحرب .... علما بأن حزبه له خمسة مقاعد بالكنيست كما ان موشي كحلون وزير المالية يطالب بانتخابات مبكرة .... هذه العاصفة السياسية والحزبية والتي يتعرض لها الائتلاف الحكومي في ظل استطلاعات الرأي والتي وصلت الى 74 % من الاسرائيليين غير الراضيين عن الاداء الامني لحكومة نتنياهو يؤشر على فتح شهية الاحزاب داخل الائتلاف بأن تطالب بأكثر مما هو حق لها .... مما سيفرض على نتنياهو العمل على اجراء انتخابات مبكرة من خلال حل الكنيست .
المشهد الحزبي داخل الكيان الاسرائيلي يدلل على احتمالية سقوط حكومة نتنياهو على طريق حكومة متطرفة اشد .... سواء داخل حكومة نتنياهو الحالية .... او ما يمكن ان تفرزه نتائج الانتخابات القائمة والتي يرى فيها اليمين واليمين المتطرف مجالا واسعا لطرح افكاره وسياساته المتشددة ضد الفلسطينيين .... وهذا ما يحتاج الى اعادة صياغة المواقف والسياسات والخطاب الفلسطيني بما يحقق لنا المزيد من القوة والتماسك والوحدة حتى نتمكن من مواجهة ما هو قادم اسرائيليا ... وما هو قادم امريكيا .

الكاتب :/ وفيق زنداح