أوجب قرار محكمة العدل العليا المؤقت، الصادر بتاريخ 29/10/2018، والمتعلق بالمرسوم الرئاسي الخاص برئيس ديوان الفتوى والتشريع رقم 92 لسنة 2016 فحص القرارات الرئاسية المتعلقة بتعيين رؤساء ديوان الفتوى والتشريع على مدار الاثنى عشر سنة الماضية؛ أي منذ العام 2006.
يظهر هذا الفحص ان اختلافا جوهريا بينها وبين القرار الرئاسي رقم 92 لسنة 2016 القاضي بتعيين رئيس ديوان الفتوى والتشريع، المطعون فيه، بعدة أوجه وهي: اولا تتعلق بتحديد الدرجة الوظيفية لرئيس الديوان؛ فقد جرى تحديد الدرجة الوظيفية في قرار تعيين الأستاذ عبد الكريم أبو صلاح بدرجة وزير وهو قادم من خارج الديوان وفقا للقرار رقم 7 لسنة 2006، وكذلك في قرار تعيين الأستاذ علي أبو دياك بنفس درجته الوظيفية كمستشار على الكادر الفني بدرجة قاضي عليا وفقا للقرار رقم 28 لسنة 2012. فيما لم تحدد الدرجة الوظيفية للسيد "كمال إبراهيم" وفقا للقرار رقم 92 لسنة 2016. الامر الذي يعد خرقا فاضحا لقرار مجلس الوزراء رقم 6 لسنة 2014 بشأن المصادقة على الهيكل التنظيمي لديوان الفتوى والتشريع الذي نص في مادته الثانية بأن "يكون رئيس الديوان بدرجة وزير".
وثانيا: تتعلق بإقحام قانون السلطة القضائي؛ حيث تم اقحام قانون السلطة القضائية في ديباجة القرار الرئاسي رقم (92) لسنة 2016 دون داعٍ، في حين لم يتم ذلك في القرارات المذكورة سابقا المتعلقة برؤساء ديوان الفتوى والتشريع. وقد استند القرار الرئاسي "لأحكام قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة 2001" حسب ما ورد في القرار وهو "خطأ فاحش"؛ فالقانون رقم 1 لسنة 2001 هو قانون الرسوم القنصلية وليس قانون السلطة القضائية الذي صدر في العام 2002 تحت رقم 1 لسنة 2002.
وثالثا: غياب التنسيب من مجلس الوزراء؛ لم يتم الاستناد الى تنسيب مجلس الوزراء في القرار الرئاسي رقم 92 لسنة 2016، فيما قرار تعيين الأستاذ عبد الكريم أبو صلاح في العام 2006 على سبيل المثال قد استند إلى تنسيب مجلس الوزراء نصاً صريحاً.
الامر الذي يشكل خرقا واضحا لإرادة الإصلاح لدى الرئيس محمود عباس فيما يتعلق بديوان الفتوى، خاصة أن قرار مجلس الوزراء رقم 6 لسنة 2014 جاء بعد حسم الرئيس محمود عباس للصراع الذي جرى حول مرجعية ديوان الفتوى والتشريع منذ الحكومة العاشرة حتى الحكومة الرابعة عشر؛ حيث اصدر الرئيس تعليماته بتاريخ 28/10/2013 باعتماد ديوان الفتوى والتشريع كمؤسسة عامة مستقلة تتبع مجلس الوزراء بناء على تنسيب رئيس الوزراء د. رامي حمد الله بتاريخ 20/10/2013 وتوصية اللجنة القانونية التي تم تشكيلها بموجب قرار رئيس الوزراء بتاريخ 14/8/2013 وموافقة الرئيس لدراسة الوضع القانوني والتنظيمي لديوان الفتوى والتشريع، وهذا الامر بتفاصيله جرى بحضور المستشار القانوني للرئيس حسن العوري.
تطرح الخروقات المتضمنة في هذا القرار الرئاسي رقم (92) لسنة 2016، والأثر المالي "الآني والمستقبلي" المترتب عليه تساؤلات عديدة. كما يعيد الى الواجهة مسألة النظر في طريقة تحضير المراسيم الرئاسية في السنوات الثمانية الفارطة. كذلك يثير هذا المقال عدم تصدي "مراجعة" الحكومة لهذا القرار الذي جرى تجاوزها فيه، وعدم تحريك وزارة المالية الدفع بهذا المرسوم لمخالته قرارات مجلس الوزراء ولترتيبه أعباء مالية إضافية "آنية ومستقيلة" على الخزينة العامة. الامر الذي يشكل إشارة يتعين التقاطها من قبل المؤسسات الرقابية المكلفة بالعناية بالمال العام.
جهاد حرب