الرسائل التي أرغمت نتنياهو على وقف عدوانه

بقلم: رامز مصطفى

في الوقت الذي جهد فيه الكثيرون البحث عما أرادته " إسرائيل " من وراء العملية الأمنية الفاشلة التي كانت تنوي الفرقة 405 تنفيذها في خانيونس ، قاطعة 3 كم في عمق القطاع ، سرعان ما تحول البحث في الأسباب والدوافع التي فرضت على نتنياهو الموافقة على وقف عدوانه على قطاع غزة بعد أربعين ساعة على بدئه ، في أسرع وقفٍ لإطلاق النار في تاريخِ الصراع مع العدو الصهيوني . سلفاً نؤكد كذب ما قاله الصهيوني شمعون آران ، المحلل السياسي لقناة " كان " العبرية ، على صفحته الرسمية على " توتير " : إن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ، تقدم بطلب لرئيس الوزراء نتنياهو ، للموافقة على طلب حماس ، وتطبيق وقف إطلاق النار ، وإفساح المجال أمام جهود التهدئة " .
موافقة نتنياهو وإن افترضنا أنها جاءت بناءاً لطلب مصري ، ولكن المؤكد أن تلك المطالبة لم تكن مشفوعةً بطلب من المقاومة ، بل وقفت ورائها جملة من الرسائل قد قرأها نتنياهو جيداً وأخذ باستخلاص عبرها وإلى أين ستصل به وبكيانه بالمعنى السياسي والاقتصادي والعسكري والأمني . وأولى تلك الرسائل التي تمثلت بصاروخ الكورنيت الذي استهدف حافلة لنقل الجنود الصهاينة ، وإن بعد نزولهم منها ، للقول أن يد المقاومة طويلة وقادرة في الوصول إلى جملة من الأهداف . وثانياً ، الصاروخ الذي استهدف مبنى في وسط مدينة عسقلان المحتلة ، إن لجهة دقة الإصابة ، أو لجهة القدرة التدميرية الكبيرة ، وهو نوع جديد من أجيال صواريخ المقاومة ، والقول لقادة العدو أن قدرتكم على إلحاق الدمار بمناطق القطاع سيقابله دمار في عمق مدن كيانكم الغاصب . وثالث تلك الرسائل ، هي عدد الصواريخ التي أطلقتها المقاومة والتي وصل عددها إلى 450 صاروخ كانت الدقة في إصابتها لأهدافها عالية ، وترافق ذلك مع فشل متكرر للقبة الحديدية في صد أكثر من ثلثي تلك الصواريخ ، لتقول تلك الرسالة وبوضوح أن المقاومة قادرة على توسيع دائرة النار لتشمل كافة المدن والمناطق على امتداد الكيان الغاصب ، ربطاً بتوسيع العدو لرقعة عدوانه . أما رابع الرسائل ، فإن استمرار الحرب العدوانية ستعني فيما تعنيه أن صواريخ المقاومة ستصل إلى كل مدن الكيان ، الأمر الذي سيؤدي إلى هروب الاستثمارات ، وشل حركة الملاحة الجوية والبحرية من وإلى الكيان ، وفي المقدمة دفع أعداد كبيرة وكبيرة جداً من المستوطنين الصهاينة للهرب إلى خارج الكيان طلباً للأمن والأمان الذي بات مشكوكاً أن يتحقق لهم داخل الكيان .
تلك الرسائل النارية والتي جاءت انعكاس مباشر للقدرة الفائقة على القيادة والسيطرة من قبل غرفة العمليات المشتركة للأجنحة العسكرية ( وزارة الدفاع الفلسطينية ) ، مما أوقع حالة من الإرباك لدى القادة العسكريين ومن خلفهم ما يسمى ب" الكابينت " الذي فشل في اتخاذ قرار واضح في شن عملية عسكرية واسعة النطاق على قطاع غزة ، بحسب ما كان يتمناه الإرهابي " أفيغدور ليبرمان " ، الذي وجد نفسه أول الخاسرين والساقطين جراء الإنجاز البطولي لقوى المقاومة في قطاعنا الصامد والباسل .
رامز مصطفى
كاتب فلسطيني