ما من شك بأن إدلب نظرا لأهميتها في الأزمة السورية، إلا أنها تظل تتصدر المشهد السوري، لا سيما بهد توقيع اتفاق إدلب، الذي على ما يبدو بأنه تعطل، لكن ما أسباب فشله؟ لا يمكن الإجابة على السؤال دون التطرق إلى أسباب تعطيل الاتفاق لا يخفى على أحد بأن هناك متغيرات وتطورات سياسية جرت وأدت إلى تعطيل الاتفاق، ومن هذه المتغيرات والتطورات في المنطقة عائدة إلى أن اتفاق إدلب ارتبط بالعلاقات الإستراتيجية بين أنقرة وواشنطن، وما من شك ارتبطت استئناف العلاقات بين واشنطن وأنقرة بضرورة أن يتم إطلاق سراح القس برانسون الذي جرى حول اعتقاله احتجاجات في أمريكا، ولكن أنقرى أطلقا سراحه، إلا أن قضية الدوريات المشتركة بين القوات التركية والأمريكية والتي ترابط في منبج إنما تعد إحدى المتغيرات الجارية في المشهد السوري، ويمكن إضافة التطورات التي حصلت في قضية خاشقجي، إنما على ما يبدو بأنها باتت بتبعياتها وتداعياتها أحد المحددات المهمة للعلاقة بين أنقرة وواشنطن في ظل هذه القضية المتفاعلة في وسائل الإعلام الأمريكية والعالمية..
فبوجود هذه التطورات الأخيرة والمتغيرات السياسية، التي جرت في المشهد التركي، أثرت بدورها على تنفيذ اتفاق إدلب، ومن هنا يمكن القول بأن اتفاق إدلب باتت تبدو عليه علامات الفشل جلية، وذلك بوجود متغيرات وتجاذبات بين موسكو وأنقرة، لا سيما في ظل وجهات النظر المختلفة بين موسكو وأنقرة، لا سيما من استئناف العلاقات بين واشنطن وأنقرة، ما يعد استفزازا لموسكو، خاصة بعدما شكّلت مجلس التعاون الإستراتيجي مع كييف، وهذا ما اعتبرته موسكو استفزازا آخر، وبدوره أثر على اتفاق إدلب، ولا ننسى هنا ما جرى من العلاقات بين تل أبيب وأنقرة، لا سيما ما تراه أنقرة من احتمالية إنشاء سكة حديد تربط إسرائيل بدول الخليج، وهذا سيؤثر عليها من الناحية السياسية في المنطقة، لكن في ظل تعطيل الاتفاق فإن موسكو تبدو غير راضية عمّا التزمت به أنقرة إزاء اتفاق إدلب، لا سيما بأن أنقرة لم تتمكن بعد من تنفيذ تعهداتها بالقضاء على الجماعات المتشددة في محافظة إدلب، لا سيما بعد حصول خروقات من قبل الأطراف في المنطقة المنزوعة السلاح في ظل رفض المجموعات المتشددة من الانسحاب من تلك المنطقة وهذا يمكن أن يجعل الاتفاق في مهب الريح، إلا إذا تمكّنت أنقرة من الاستمرار في إقناع الجماعات المتشددة بضرورة الانسحاب بحسب ما نصّ عليه اتفاق إدلب..
عطا الله شاهين