أعلنت استراليا عبر أكثر من مسؤول حكومي رفيع أنها ستنقل سفارتها المتواجدة في تل أبيب الى القدس، كما أن اسرائيل تشن حملة لاقناع العديد من الدول على اتخاذ مثل هذه الخطوة المخالفة للقوانين والأنظمة وقرارات الشرعية الدولية. ومن ناحية أخرى حاولت وسائل اعلام اسرائيلية التحريض ضد المستشارة الالمانية انجيلا ميركل من خلال تسريب خبر مفاده أنها طلبت من الرئيس الروماني في شهر نيسان المنصرم، أي قبل أكثر من سبعة شهور، عدم نقل سفارة بلاده من تل ابيب الى القدس. وقد استمع الى نصيحتها وتحريضها الرئيس الروماني الذي أقال وقتها رئيس وزرائه الذي كان يشجع نقل السفارة الى القدس. وكانت حجة ميركل أن على رومانيا الالتزام بقرارات الاتحاد الاوروبي، ويجب عدم اتخاذ قرارات بصورة فردية. وأكدت ميركل وقتها أيضاً أن موضوع القدس يجب أن يتم الاتفاق عليه بين اسرائيل والفلسطينيين، ويجب عدم اتخاذ أي قرار يمس الأمر الواقع، أو القرارات الدولية التي رفضت ضم القدس العربية الى اسرائيل بعد احتلالها لها في حرب حزيران 1967.
ميركل حريصة على احترام القوانين والقرارات الدولية، وعلى وحدة الاتحاد الاوروبي، أما الجامعة العربية والقادة في الوطن العربي لم يتحركوا بتاتا لمنع الدول من نقل سفاراتها من تل أبيب الى القدس. ولم يتخذوا قرارات حاسمة ضد دول اتخذت قرارات ومواقف لصالح اسرائيل.
قبل عام 1967، كان العرب موحدين، وكانوا يقطعون العلاقات الدبلوماسية مع أي دولة تتخذ قرارات كانوا يعتبرونها موالية وداعمة لاسرائيل. وكانت هناك مقاطعة عربية للشركات العالمية التي تتعاون مع اسرائيل. أما اليوم وبعد مرور 51 عاماً على احتلال القدس والضفة الغربية والجولان السوري نجد أن هذا الاندفاع لمنع أو حتى الحد من دعم بعض الدول لاسرائيل قد تلاشى، بل نرى أن دولاً عربية تطبّع مع اسرائيل، وتشجعها على "العربدة"، وعلى المضي قدماً في مواصلة سياسة القمع لابناء فلسطين. حتى ان هذه الدول تتخذ بنفسها قرارات عقابية لشعبنا الفلسطيني لانه يناضل من أجل الحصول على حقوقه المشروعة.. ومنها منع أداء فريضة الحج باصدار قوانين وأنظمة غير مقبولة كعامل ضغط على هذا الشعب المجاهد البطل.
إن السكوت الرسمي العربي على نقل سفارات بعض الدول الى القدس لن يغير من مواقفنا تجاه القدس، عاصمتنا الأبدية، ولن يقودنا الا لمزيد من التمسك بهذه المواقف، ولمزيد من الصلابة في إرادتنا وعزيمتنا على الحفاظ على وجودنا في قدسنا العربية، وهذا السكوت يؤكد بصورة قاطعة أنه يجب الاعتماد على أنفسنا، وألا نراهن على من هم غير جديرين بالمراهنة عليهم.
جاك يوسف خزمو
رئيس تحرير البيادر
القدس 19/11/2018