دون مقدمات، اقف اليوم لاكتب عن قيادى ومناضل فلسطيني انه نافذ يعقوب " طلعت " الامين العام الاول لجبهة التحرير الفلسطينية.
تمر علينا الذكرى السنوية لاستشهاد القائد الوطني والقومي طلعت يعقوب ، فهذه ذكرى الوفاء لفلسطين الذي جسده القائد الكبير ، منذ أن التحق في صفوف النضال الوطني والقومي، وعاهد من سبقه من الشهداء أن يمضي على دربهم دون وجل أو تردد، فكانت روحه المتقدة وإرادته الواعية وقناعته الراسخة بحق شعبه وعدالة قضيته وأمله الكبير بتحقيق النصر على عدو شعبه وأمته، محفزًا وهاديًا ومرشدًا له طوال مسيرته الكفاحية.
لذلك نحن نقف أمام رجل استثنائي ونموذجي، في انتمائه وعطائه وأخلاقه ومسيرته الكفاحية، حيث أدرك مبكرًا أن طبيعة وجوهر الصراع مع الغزوة الصهيونية، على وطننا العربي ومنه فلسطين، تتطلب تضافر كل الجهود الوطنية والقومية المنظمة والجماعية والواعية في ميدان المعركة.
لقد عبر القائد الكبير طلعت يعقوب خلال مسيرة نضاله وكفاحه الوطني، عن جملة عظيمة من القيم والدروس والعبر التي تستحق أن نبرزها ونتمثلها، خاصة في ظل الواقع الفلسطيني الراهن، بكل إشكالياته وأزماته وتعقيداته وذلك من خلال الوعي والثقافة، التي اتكأ عليهما في صوغ نموذجه الخاص، فكان ذاك الإنسان، القائد النموذجي الذي يضع مبادئ السياسة والثقافة في خدمة مشروعه الوطني التحرري، وفي مواجهة كل محاولات تزييف وتدجين الوعي، وتجهيل الأجيال، وتزوير التاريخ، وتعميم أجواء اليأس والاحباط، وتكريس ثقافة الهزيمة وثقافة التطرف والارهاب التدميرية.
وفي ظل هذه الاوضاع شكل طلعت يعقوب شخصية كارزمية لعبت دور حاسم في تقريب الآراء وتوحيد الصف وتحديد الوجهة لموقف وسياسة جبهة التحرير الفلسطينية من القضايا ، واستشهد وهو يساهم من موقعه القيادي بكل جهد مثابرة في الصياغة النهائية لاستعادة لحمة الجبهة .
وقد دفع دوره الريادي لاستكمال مشواره النضالي من قبل الشهيد القائد الامين العام للجبهة ابو العباس بمتابعة الوفاء لمسيرته حتى غايتها المنشودة، من موقعه الفكري والسياسي والتنظيمي والنضالي ، مؤمنا بوحدة الشعب الفلسطيني وبوحدة قواه الوطنية واعتبرها شرطا أساسيا لازما للانتصار، هذه القناعة الفكرية والسياسية حفظت للشهيد القائد ابو العباس موقعا خاصا بين أبناء شعبه وقواه السياسية نتيجة للدور الموحد الذي لعبه في منعطفات الخلاف الفلسطيني ـ الفلسطيني الحادة، وتجلى هذا في انشداده الدائم لقضايا الاتفاق وتنوير زوايا موضوعات الخلاف،فبرز ذلك بخاصة في المجالس الوطنية في مواقفه السياسية ، ومن منطلق الحرص على وحدة منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد، والحرص على تصويب سياساتها، وليست خلق بدائل عنها او اضعافها او اضعاف دورها او الأضرار بتمثيلها، وكان دائما يبحث عن الفرصة الملائمة لاستعادة الوحدة وتوطيدها، حتى نالت منه يد الغدر في اقبية الزنازين الامريكية الغازية للعراق.
هذا النهج الوحدوي الوطني للقائد الشهيد طلعت يعقوب وجبهة التحرير الفلسطينية الذي كان الراسخ في فكره وممارسته والذي بقي وفيا له حتى ساعة استشهاده في المجلس الوطني دورة اعلان الاستقلال في الجزائر، حفظ له موقعه الخاص والمميز بين رفاقه وبين مناضلي الحركة الوطنية الفلسطينية وأبناء شعبه عامة،ومثلت العلاقة الجدلية بين الوطن الفلسطيني والقومي العربي مكونا رئيسيا في فكر وممارسة الشهيد طلعت يعقوب من موقع ايمانه بالأمة العربية .
من هنا نرى ضرورة التمسك بنهج الشهيد طلعت يعقوب ورفاقه القادة العظام الشهداء ابو العباس وابو احمد حلب وسعيد اليوسف وابو بكر وابو العمرين وابو العز من اجل الإمساك بالهدف الاستراتيجي للنضال الوطني الفلسطيني، المتمثل في بتحقيق اهداف الشعب الفلسطيني في العودة والحرية والاستقلال .
ختاما : فالوفاء للشهيد طلعت يعقوب وكل القادة الشهداء الذين تمسكوا بمنظمة التحرير الفلسطينية وبرنامجها ودورها الوطني، ودافعوا عن وحدانية تمثيلها، بتعزيز الوحدة الوطنية وانهاء الانقسام ، و توفير الشراكة الوطنية بكل ما يتعلق في الشأن الوطني.
بقلم / عباس الجمعة
كاتب سياسي