العدوان على غزة.. الدرس المليء بالعِبَر للكيان

بقلم: غسان مصطفى الشامي

لقنت المقاومة الفلسطينية العدو الصهيوني درسا مليئا بالعبر العسكرية في مفاهيم الحرب،ورسخت معادلة عسكرية لن ينساها في المرات القادمة، فقد تكبد العدو خسائر معنوية كبيرة دمرت الروح القتالية لدى الجنود الصهاينة، بل إن الرأي العام في الكيان أصبح غاضبا وناقما على أداء الجيش الصهيوني الهزيل في هذه الجولة القتالية.

لقد أدارت المقاومة الفلسطينية المعركة مع العدو الصهيوني باقتدار وذكاء في صد العدوان وتوسيع نطاق العمليات بطريقة ذكية أوصلت رسائل للكيان الصهيوني أن كل المدن والمستوطنات ستصبح في مرمى صواريخ المقاومة، بل وستشل أركان الحياة والاقتصاد في الكيان، وبالتأكيد بدأت الكيان في الاستجابة للوساطات الأممية والإقليمية من أجل وقف جولة العدوان والالتزام بقواعد التهدئة خاصة أن العدو الصهيوني هو من اخترق التهدئة من خلال إرسال قوات خاصة لعمليات استخبارتية في غزة .

لقد مثلت الجولة القتالية مع العدو انتصارا كبيرا للمقاومة الفلسطينية، حيث أعلن وزير الجيش الصهيوني أفيغدور ليبرلمان استقالته من الوزارة بعد انتهاء القتال؛ وهو ليس (الجنرال) الأول الذي تهزمه غزة ويرفع الراية البيضاء بل سبقه (باراك) الذي قدم استقالته بعد فشله في حماية الكيان الصهيوني من صواريخ القسام والمقاومة الفلسطينية حيث قدم استقالته بعد الحرب الصهيونية الثانية على غزة، كما قدم رئيس الوزراء الصهيوني السابق (ايهود أولمرت) استقالته بعد فشله في مواجهة صواريخ القسام، وها هو (أولمرت) يرتع في السجون الجنائية الإسرائيلية، فقد ذهب جنرالات الكيان الصهيوني إلى الجحيم وبقيت غزة ورجالاتها .. بقيت غزة غصة في حلق العدو ، بقيت غزة ترهب الكيان من أي مخاطرة أو جولة قتالية معها؛ حيث قال أحد الوزراء الصهاينة إننا إذا دخلنا غزة فإننا سنخرج منها بأكثر من ( 500) تابوت.

منذ الساعات الأولى للعدوان ورد المقاومة الفلسطينية على اختراق التهدئة في خانيونس شنت وسائل الإعلام العبرية هجوما لاذعا على الجيش الإسرائيلي، حيث اتهمت صحيفة (هآرتس) العبرية الجيش الإسرائيلي بالكذب ومحاولة التهرب من المسؤولية عن حادث تدمير باص الجنود في (مفلاسيم) حيث قصف الباص بصاروخ موجه من نوع (كورنيت) أطلقته المقاومة الفلسطينية، وأدى إلى تدمير الحافلة؛ حيث أصدر الجيش الصهيوني رسالة كاذبة فور العملية قائلا ( لا توجد علاقة بين الجنود والحافلة، وأن هذه كانت حافلة مدنية وصلت إلى نقطة رصد في شمال قطاع غزة)؛ إلا أنه وبعد نشر كتائب القسام شريط الفيديو الذي يوثق الحادث غيّر الجيش الإسرائيلي روايته، وتبين أن عشرات الجنود كان يمكن أن يكونوا في عداد القتلى في هذه العملية البطولية، وفي أعقاب العملية قرر الكيان وقف حركة القطارات في مناطق الجنوب وفي مستوطنات غلاف غزة .

لم تحقق الجولة القتالية بين الكيان و غزة أهدافها، بل كانت موجعة ومؤلمة، حيث صرح اللواء احتياط في جيش الاحتلال (رونين ايتسيك) قائلا : " لا نستطيع أن نفهم كيف استطاع تنظيم مثل حركة حماس الحفاظ على وتيرة إطلاق النار، أمام قوة ومعدات الجيش الإسرائيلي؟؟ خاصة أن الجو مراقب، وسلاح الجو الإسرائيلي لا يغادر الأجواء، ولدينا منظومات دفاعية مضادة للصواريخ، ولدينا استخبارات ميدانية؛ وكل هذا لم يمنع حركة حماس من إطلاق الصواريخ باستمرار؛ هذا يؤكد أن حماس أصبحت تُعلّم الجيش الإسرائيلي، وفتحت له مدرسة ميدانية حقيقة"، أما القناة الإسرائيلية ( 13) فقالت: "الإنسان العادي في الضفة وغزة يعد أن حماس انتصرت نصرا حقيقيا في جولة التصعيد الأخيرة، فهي من تحدد التصعيد والتهدئة"، في حين قال وزير جيش الاحتلال السابق موشيه يعلون: حماس خرجت منتصرة من التصعيد الأخير وتشعر بحق أنها انتصرت وأنها تستطيع تسخين الجبهة الجنوبية متى تشاء.

لقد أدرك العدو الصهيوني أن الحرب العسكرية على غزة لم تعد شيئا سهلا، وليست قرارا عسكريا بسيطا، بل يحتاج إلى تفكير واستعداد وتجهيز لهذا القرار الكبير، ولم يعد القطاع أرضا مستباحة، بل هناك جنود وجيش كبير يدافع عن غزة ويحفظ أمن أهلها من جرائم الاحتلال، لذا فإن التهدئة مع غزة أفضل بكثير من حرب قتالية تكلفه الكثير.

مقال/ غسان الشامي