ما يقارب اثني عشر عاما مرت ......ولا زالت قائمة بكافة أزماتها وكوارثها وتوابعها في ظل الجهود المباركة للشقيقة مصر لإتمام المصالحة وطي صفحة الانقسام .... وترتيب الاوضاع الفلسطينية بما يوفر أرضية قوية تعزز من الصمود وتقوي من الخطاب السياسي والاعلامي وتجعل من فلسطين طرفا قويا على طاولة المفاوضات للمطالبة بالحقوق والدفاع عنها وعدم التنازل عن أي حق من حقوق الشعب العربي الفلسطيني .
قلنا كما غيرنا وبالعديد من المرات أن المصالحة قادمة ......وأن الانقسام الي زوال .....وأن فلاسفة الانقسام الذين وضعوا بخيالاتهم وأوهامهم أن المصالحة بعيدة المنال ..... وأن كل ما يقال حولها مجرد كلام وطحن للماء والهواء ...... وأن ما وصلت اليه الحالة الفلسطينية من انقسام أسود سيبقي لعشرات السنوات...... وأن القضية الوطنية قد ضاعت بمهب الريح وأن المشروع الوطني قد دخل بموت سريري وعلى وشك النهاية المرسومة له والمخططة لوأده والانتهاء منه .
كلام كبير دون أدني دراية ومعرفة ....ودون أن يقول القائلين أن المصالحة ليست فقط بعيدة المنال .....لكنها لن تتحقق بعهد الرئيس محمود عباس .....وكأنهم قد قطعوا الشك باليقين ووصلوا الي النتيجة المدققة بحساباتهم .... لكنها المفعمة والمليئة بكراهية المصالحة .....وعدم القبول بها وعدم التعاطي مع استحقاقاتها ....والتي تقدم الخلافات على دواعي ومتطلبات المصالحة
المصالحة قادمة ....... واسرع مما يتصور البعض .....وبوجود الرئيس محمود عباس وبقرار فلسطيني شجاع ومدروس وهادف الي وحدة الصف...... وتعزيز النظام السياسي والشراكة الوطنية ...... وتمكين الحكومة وعودة السلطة الوطنية لقطاع غزة ....وتهيئة المناخ لاجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية لوطن واحد وشعب واحد .....ولأهداف واحدة ......ولنظام سياسي واحد..... ولقانون واحد...... ولا مجال للفوضى وتعدد السلطات ......كما لا مجال الا لسيادة القانون والالتزام بأحكامه وضوابطه .
فلسطين لها نظامها السياسي .....كما لها قانونها ونظامها الداخلي ....لها شرعيتها وممثلها الشرعي والوحيد منظمة التحرير الفلسطينية .
صحيح أن فلسطين محتلة ومحاصرة ...... وبداخلها عشرات المستوطنات وألاف المستوطنين ....لكنها أيضا هي ذاتها فلسطين التي فيها مقر قيادة شعبها وحكومتها ووزراتها ومؤسساتها .....كما فيها كافة فصائلها الوطنية والاسلامية كما أن على أرضها الملايين من أبناء شعبنا الفلسطيني بالمحافظات الشمالية والقدس والمحافظات الجنوبية وحتى اخواننا في داخل الخط الأخضر ......وعلاقات الاخوة التي تجمعنا معهم .
أي أن فلسطين ليست بحالة ضياع .....لكنها بحالة وجود وحضور ......من خلال شعبها الحي الذي يناضل من أجل حريتها واستقلالها وتجسيد دولتها ...... وأن هذا الاستثناء التاريخي والطارئ والدخيل والمخطط لنا ......وكانه الفخ المدبر...... للوقوع بنا والمسمى انقسام قد تجاوز حده ..... وأصبح لا يطاق ......بل تعدي الأمر الي أن أصبح الخلاص منه ضرورة وطنية ...... وحتى ضرورة اقليمية ودولية .......مع الاستثناء لبعض دول الاقليم التي وجدت نفسها على خارطة الوجود بفعل هذا الانقسام الاسود الذي أعطاها مساحة من التحرك والتدخل .
انهاء الانقسام وعودة السلطة الوطنية لقطاع غزة ضرورة وطنية ....كما انها اولوية وضرورة سياسية وأمنية واقتصادية ..... ولا مجال للنقاش فيها ..... ولا مجال للبحث الا لتأكيدها والبناء عليها وتراكم الجهود من أجل تثبيتها وتطويرها بما يمكن السلطة الوطنية من معالجة مخلفات الانقسام وأثاره المباشرة وغير المباشرة والتي وصلت الي مراحل خطيرة ....... في خراب المجتمع وظهور الكثير من السلبيات والسلوكيات التي لم نعتاد على رؤيتها بالماضي ....لكنها تواجدت بحالة الفراغ والاحباط .
وفد حركة حماس الكبير والذي يصل الي القاهرة للقاء الاخوة بجهاز المخابرات العامة المصرية .... في جولة جديدة للتأكيد على المصالحة واتمامها ....وطيء صفحة الانقسام وعدم اضاعة المزيد من الوقت في ظل تهديدات حقيقية وحرب عدوانية غير مستبعدة قد تجهز لها دولة الكيان استغلالا للحالة الفلسطينية ....واستثمارا دمويا ..... يتم البناء عليه في معركة انتخابية قادمة تمهد الطريق لليمين واليمين المتطرف حتي يتصدر المشهد السياسي وسدة الحكم داخل الكيان الاسرائيلي .
الجولة الحالية حاسمة وفاصلة وتستدعي كافة المخلصين وارادتهم وجهودهم لأجل دفع عجلة قطار المصالحة حتى يصل الي محطته الاخيرة...... وحتى لا نبقي بمنتصف الطريق في ظل مناكفات قائمة وتجاذبات وحرب اعلامية وكلامية لها تأثيراتها السلبية وانعكاساتها المدمرة على الروح الوطنية للشعب الفلسطيني الذي مل سماع التصريحات والخطابات .....والتي بأغلبيتها تعبير عن مصالح ضيقة وشخصية ولا تنسجم مع الرؤية الوطنية وشمولية الواقع ومتغيراته وحتى متطلباته الملحة .
جولة المصالحة بالقاهرة جولة حاسمة وفاصلة وتبني عليها الكثير من الآمال ولا تستدعي المزيد من الاطالة والترف الفكري .... والتنظير السياسي ..... ومحاولات التصيد لخطأ هنا أو هناك .
نحن بمرحلة خطيرة تستدعي الكل الوطني ولا تستثني احد ...... مرحلة نحتاج فيها الي التعاضد والتكاتف والتوحد لأجل انهاء هذه الحقبة الزمنية المسماة انقسام بكل ما فيها من سواد الليل .....وحتى ظلمة النهار ......وما ترتب على هذه السنوات العجاف من ويلات وأزمات وكوارث نحتاج فيها الي عشرات السنوات حتى نستطيع المعالجة وايجاد الحلول المناسبة .
القاهرة بكل جهودها المستمرة والمتواصلة وما تحملته عبر سنوات طويلة تقف اليوم أمام لحظات تاريخية حاسمة لتقول ما يجب قوله ....وما يجب ادراكه...... وحتى ما يجب الاحساس به وما يجب الوقوف أمامه من أخطار قائمة وقادمة ..... وما سيواجهنا من مبادرات وصفقات ستحتاج منا الي القول الفصل المبني على الرؤية وشموليتها...... والواقع ومتطلباته والقوة ومقوماتها .
لحظات تاريخية يجب أن نقف أمامها بكل روح المسئولية الوطنية والتاريخية...... وأن نقول الكلمة الفصل لطى صفحة الانقسام واتمام المصالحة وتعزيز وجود السلطة الوطنية وممارساتها لولايتها ومسئولياتها ....وحتى ننهي الكثير من تفاصيل المشهد الذي أساء الينا .....وكان ثمنه كبيرا وغاليا وباهظا .
الكاتب : وفيق زنداح