تسجل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة , إنجازاً مهماً على صعيد المواجهة المباشرة مع العدو الصهيوني , سواء كان ذلك على الصعيد العسكري أو الصعيد الأمني , يضاف إلى إنجاز توحيد الصف المقاوم عبر غرفة العمليات المشتركة, والتي من خلالها تمت عملية إدارة المواجهة العسكرية في التصعيد الأخير بحكمة وإقتدار ,أذهلت العدو وصدمته , ونالت ترحيباً وقبولاً شعبياً عارماً , وشكلت نموذجاً نضالياً لتأسيس الوحدة الوطنية على قاعدة مقاومة الإحتلال من أجل إستعادة المشروع الوطني التحرري, لسيادة المشهد الفلسطيني وإعادة الإعتبار لقضيتنا الوطنية كقضية تحرر من نير الإحتلال البغيض.
المشهد الفلسطيني في قطاع غزة , مشهد عزة ومقاومة , مشهد يتجلى فيه الفلسطيني كشجرة الزيتون الرومية , التي تقف في وجه العدو الصهيوني بثباتها وقوة جذورها الراسخة في أعماق الأرض , تكشف زيف الإحتلال وتهزأ بروايته الكاذبة , وتقاوم بفروعها وأوراقها كل العواصف التآمرية وأعاصير الإحباطات المدفوعة الثمن للنيل من الروح المعنوية للشعب الفلسطيني , وتبقى المقاومة الشامخة في غزة المحاصرة , بريق الأمل لجموع الفلسطينيين الذي ينامون ويصحون على موعد مع شمس الحرية والعودة التي ستشرق يوما ما , بتضحيات المقاومين وصلابتهم وإصراراهم على نيل الحقوق وتحرير الأرض وتطهير المقدسات , تساند في ذلك قاعدة جماهيرية كبيرة تؤمن بالمقاومة وتحفظ لها ظهرها إذا حمي الوطيس , لا تسمح بأي إختراق إعلامي أو أمني أو سياسي في وقت المعركة , جميعهم ينطقون بصوت واحد وبكلمة واحدة , لا صوت يعلو فوق صوت المعركة , هذا المشهد الغزي يكشف لنا عظمة هذا الشعب الأبي , ورسوخ مقاومته الباسلة , وقدرتها على مقارعة الإحتلال في كافة الميادين ,وتسجيل إنتصارات تراكمية تؤسس للإنتصار الكبير القادم بإذن الله عزوجل .
تمكن المقاومة الفلسطينية من إفشال مهمة القوة الصهيونية الخاصة ,وهي مهمة ذات طبيعة أمنية وإستخباراتية , تهدف إلى الإضرار بالمقاومة والمساس بقدراتها الميدانية في وقت القتال ,شكل كشف هذه القوة الصهيونية إنجازاً مهمة في إحباط المخطط الأمني الصهيوني ,وضربة قوية للأذرع الأمنية الصهيونية التي قطع دابرها , وفر جنودها تحت النيران بين قتيل وجريح , لم يستكملوا ما جاؤُوا من أجله , فكانت المقاومة لهم بالمرصاد , يقظة منتبه منتشرة تكللها راعية وتوفيق الله ,لا يخدعها الحديث عن الهدوء ولا تركن لدعاوي التهدئة , فالعدو ماكر وجبان , ويتحين الفرصة للإيقاع بالمقاومة أو تسديد الضربات ضد رجالها أو قدراتها التسليحية.
ما عرضته المقاومة الفلسطينية ممثلة بكتائب عزالدين القسام , من صور لأفراد القوة الصهيونية الخاصة , يشكل ضربة جديدة عبر إزاحة الستار على أخطر المجرمين من أفراد القوة الصهيونية الخاصة (وحدة ماجلان ) ، وهي وحدة استعراب طويل الأمد يفترض أن ينفذ أفرادها عمليات تخفي تستمر شهوراً يمارسون خلالها أنشطة واسعة بين جمع المعلومات ونشر الإشاعات والعمل على الفوضى الداخلية وإدارة العمليات وتنفيذها. وهذا يتطلب أن تكون آلية عملها المكوث الميداني الطويل في أراضي "العدو" , وإظهار صورهم بهذه التفاصيل يعني خروجهم من الخدمة لخطورة إنكشافهم في أي مهمة بعد إفتضاح أمرهم ,لذا حرصت كتائب القسام على إظهار الصور ونشرها على وسائل الإعلام , ورأينا ردة الفعل الصهيوني والتي منعت التعامل مع هذه الصور أو نشرها عبر وسائل الإعلام العبرية .
كتائب القسام تسعى من خلال إشراكها للجمهور الفلسطيني في الإدلاء عن أي معلومة عن هؤلاء الأشخاص الذين نشرت صورهم , إلى الحصول على كمية أكبر من المعلومات عن التحركات التي قام بها أفراد المجموعة وخاصة في فترة مكوثهم في قطاع غزة , قد يفيد في الإحاطة هو أي عمل أو مخطط قامت به هذه المجموعة قبل إنكشاف أمرها , إلى جانب كشف وتعرية هؤلاء الأشخاص كإرهابيين وجب الحذر منهم في أي مكان آخر ممكن أن ينفذوا فيه أي عمل إرهابي كعملية إغتيال أو تجسس .
كما أن من أقوى الرسائل في البلاغات الثلاثة لكتائب القسام حول عملية كشف وإفشال القوة الصهيونية الخاصة , أن مقاومتنا قوية ويقظة , وتتعامل بكل جدارة وقدرة فائقة على تحليل البيانات وتتبع خيوطها والوصول إلى نتائج جيدة تعزز من صلابة المقاومة وصمودها في وجه العدوان والإستهداف الصهيوني , كما أن نشر هذه المعلومات والبيانات إحتراماً وتقديراً للشعب الفلسطيني الحاضن للمقاومة وحرص المقاومة على إطلاعه بالتفاصيل التي تساعد في فهمه لما يجري في الميدان مما يساهم في عملية التفهم لكافة الإجراءات التي تقوم بها المقاومة والأجهزة الأمنية على الأرض , وصولاً لحالة التناغم والتنسيق والتفاهم المتبادلة بين الشعب ومقاومته , لتترسخ المعادلة مقاومة تدافع عن الشعب وشعب يحفظ المقاومة ويصون أسرارها ويكون عوناً لها في إحباط أي مؤامرة أو مخطط يستهدف المساس بها .
بقلم/ جبريل عوده