منذ بداية تاريخ الصراع العربي الاسرائيلي والمواقف المعلنة ... والشعارات المتداولة ... والثقافة الراسخة .... بأن لا اعتراف بدولة الكيان التي قامت على حساب الارض الفلسطينية والعربية ... والتي قامت بتهجير وتشريد شعب بأكمله وممارسة العنصرية والارهاب ضده دون التفات او اهتمام بالمجتمع الدولي وقرارات الشرعية الدولية ... والتي اعطت قرار اقامة دولة الكيان كما قرار اقامة دولة فلسطين وفق مفهوم القرار 181 .
اسرائيل منذ نشأتها والمواقف العربية الرسمية والشعبية رافضة لوجودها وغير معترفة بكيانها ولا تقيم أي علاقات سياسية او اقتصادية او ثقافية بل علاقات مقطوعة وعدم اعتراف بوجودها .
ما بعد نكسة حزيران 67 عقدت قمة الخرطوم بالسودان وكان عنوان قراراتها لا آت ثلاثة .. لا صلح ولا اعتراف ولا مفاوضات وسلام مع هذا الكيان القائم على العدوان والاحتلال .
استمرت عملية التمسك بمقاطعة هذا الكيان وعدم التطبيع معه سياسيا واقتصاديا وثقافيا .
حدث تحول سياسي في مجرى الصراع بعد انتصارات اكتوبر 73 وما اسفرت عنه من نتائج سياسية بعقد اتفاقية كامب ديفيد بالعام 78 ... واتفاقية اوسلو بالعام 93 .... واتفاقية وادي عربة أخر الاتفاقيات الموقعة والتي تم البناء عليها في اقامة سفارات اسرائيلية لكن مظاهر التطبيع والعلاقات الطبيعية السياسية والدبلوماسية والاقتصادية لم تكن بصورة طبيعية بسبب استمرار العدوان والاحتلال الاسرائيلي وعدم التزامه بالاتفاقيات الموقعة مع الجانب الفلسطيني .
الدول التي عقدت اتفاقيات مع الجانب الاسرائيلي كانت بحالة حرب مفتوحة وهي ذات صلة مباشرة بالجغرافيا والحدود واتخذت قراراتها بناء على معطيات سياسية تخدم مصالح شعوبها ... لكن الغريب بأمر بعض الدول العربية والافريقية انها ليست على حدود دولة الكيان وليست بعجلة من أمرها لإقامة علاقات سياسية واقتصادية وثقافية ... كما ليست بأهمية اقامة علاقات وتنسيق أمني مع اسرائيل .
ان ما يجري من تطبيع سياسي ثقافي اقتصادي .. وتنسيق أمني ما بين بعض الدول العربية والافريقية مسألة تحتاج الى التوقف والاعتراض ليس تدخلا بشؤون الاخريين ولكن التزاما عربيا بقضية فلسطين باعتبارها قضية العرب الاولي وعلى قاعدة واسس ونصوص مبادرة السلام العربية التي اعلن عنها بعد قمة بيروت والتي التزم بها الجميع والتي تحدد مواقيت الاعتراف واجراء التطبيع والذي يسبقه الانسحاب من الاراضي الفلسطينية والعربية
(هضبة الجولان) والاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني وحقه الكامل بإقامة دولته الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية .
اسرائيل تماطل ولا تلتزم بالاتفاقيات الموقعة بل أكثر من ذلك تمارس العدوان والاستيطان والقتل والدمار صد شعب عربي ... وضد ارض عربية .. وتقتل من اطفال ونساء فلسطين كما تقتل من شبابها ورجالها وشيوخها فهل يعقل ان من يقتل العربي الفلسطيني تتم مكافأته بالتطبيع معه ؟!!!! سؤال للأنظمة التي تتسارع حول التطبيع مع دولة الكيان ... كما انه بذاته السؤال الموجه للشعوب العربية والافريقية حول موقفها من هذا التطبيع الجاري بالخفاء والعلن والذي يضر بقضية فلسطين التي تغنى بها الجميع والتي لا زالت موضع بحث ودعم وتأييد .
اسرائيل لم تلتزم بقرارات الشرعية الدولية 242,338 ومجمل القرارات الصادرة وذات الصلة بالقضية الفلسطينية والتي يجب ان تلزم اسرائيل بالانسحاب الكامل ودون شروط مع الاعتراف بالحقوق الوطنية للشعب العربي الفلسطيني .. الا ان هذا الكيان الغاصب لا زال يسوف ويماطل ويدير الظهر لكافة قرارات الشرعية الدولية .... فهل من المعقول والمقبول ان نكافئ المعتدي والغاصب والقاتل بالتطبيع معه ؟!!! .
اسرائيل كانت تحلم بالاعتراف بها منذ نشأتها على انقاض شعب اخر ... وكانت تطالب بأن تكون احد دول المنطقة والمعترف بها وكانت تناشد وتخاطب العالم بأن يقوم على حمايتها من العرب المحيطين بها والذين يهددون وجودها ... اسطوانة مشروخة .. واكاذيب وتضليل وخداع تم ممارسته بخبث اسرائيلي وبدعم امريكي وحتى يومنا هذا وما يجري الاعداد له من صفقة امريكية جرى تنفيذ جزء منها على الاراضي الفلسطينية بنقل السفارة للقدس والاعتراف بالقدس عاصمة لدولة اسرائيل .... وبالتالي محاولة شطب قضية القدس من أي مفاوضات قادمة او من حل سياسي قادم .. كما جرى بقضية اللاجئين ووكالة الغوث وما يكذبون ويضللون حول اعداد اللاجئين .
هذا الجزء المنفذ بما يخص القضية الفلسطينية يقابله ما يجري العمل عليه وفي اطار هذه الصفقة الامريكية من تطبيع واقامة علاقات سياسية اقتصادية وثقافية وتنسيق امني .
أمريكا واسرائيل يتلاعبون بالمنطقة تحت وهم التهديد الايراني لدول الخليج ويحاولون التوغل والتدخل بمنطقة الخليج ... وحتى بمنطقة القرن الافريقي وكأنهم حماة العرب وافريقيا وهم بالأساس يعملون على التواجد والاستثمار والاستفادة القصوى من الموارد الاقتصادية واتخاذ المواقع الاستراتيجية داخل المنطقة .
الامة العربية لها مقوماتها وامكانياتها وبمقدورها الدفاع عن نفسها والتمسك بثوابتها وعدم الانجرار وراء سراب الحماية الاسرائيلية الامريكية مدفوعة الثمن مسبقا ... لان هذا الوهم عند بعض العرب لا يفيد شعوبهم ودولتهم بل يعطي المجال لدولة الكيان ومن ورائها امريكيا ان تتلاعب بقضايا الشعوب وعلى رأسها قضية الشعب الفلسطيني وما يجري طبخه والاعداد له في ظل الاستثمار الاسرائيلي الامريكي لحالة الانقسام الفلسطيني والذي يمهد الطريق لتطبيق صفقتهم كما هو جاري تطبيق صفقتهم على محور التطبيع .
نحن في مرحلة دقيقة وتاريخية وليس من المفيد بل من العار ازدواجية المواقف وعدم حسمها لان المرحلة باتت واضحة في عناوينها ومواقفها واعتمادنا الاول والاخير على شعبنا وقيادتنا والتي بإمكانهم ان يستمروا بالصمود والمواجهة وان كانت مطالبهم بدعوة امتهم الى استمرار دعمهم ومساندتهم وعدم الانزلاق في متاهات المجهول وسراب الحماية والامن المزعوم .
الكاتب : وفيق زنداح