نحو طريق آخر للمصالحة .. العفو العام

بقلم: طلال الشريف

ليس الطريق الآخر للمصالحة هنا ما يتعلق بدور الوسطاء، ولأن إخواننا المصريون هم الأقرب لشعبنا والأقدر على فهم الحالة الغزاوية، وهم في الأصل المكلفون من الجامعة العربية لمعالجة ملف الإنقسام الفلسطيني، ولا أحد من فتح أو حماس أو الفصائل الأخرى لا يزكي وجودهم في هذا الدور، وهم مؤتمنون دائما على قضيتنا ولهم في المصالحة مصلحة إستراتيجية في قطاع غزة وباقي فلسطين، ولن نرضي بغيرهم وسيطا فمصلحتهم مصلحتنا، ومصيرهم مصيرنا عبر التاريخ.

الطريق الجديد للمصالحة الذي أتحدث عنه يتعلق بقلق حماس من مستقبل تمكين السلطة المركزية، وقلق السلطة من تمرد حماس وازدواجية السلطة بقوتها المسلحة،

بلدنا تختلف عن كل البلدان في ثقافتها ومفاهيمها ولا يوجد لنا مثيل على الأرض فعندما يقوم رجل الأمن أو المسؤول بدوره ومهنته حسب النظام والقانون، لا يرضى، ولا يقبل المواطن تصرفات رجل الأمن، أو، حتى أي مسؤول في عمله، فتجدهم إن قتل شرطي شقيقك أو إبنك يصبح رجل الأمن عدو لأهل القتيل ويستعدون في كل لحظة لأخذ الثأر، وثقافتنا لا تقبل مسؤولية الدولة أو السلطة عن جنودها أو مسؤوليها، وهنا تكمن مشاكلنا كبيرها وصغيرها في هذه الجزئية من الثقافة التي ننسبها بسطحية للحزبية أو الفئوية.

الفئوية هي الترجمة الحقيقية لثقافة عدم الإعتراف بسلطة ومسؤولية الدولة وهي في عمقها إمتدادا للقبلية والعشائرية والعائلية والجهوية، وهيةسبب تأخرنا في الشرق عن الحضارة الإنسانية، وهي سبب رفضنا للإعتراف بالخطأ، ورفضنا لتغيير موازين القوة التي عنوانها الحقيقي في حالتنا الانقسامية هي المصالحة.

مع إنغلاق كل الطرق ومحاولات المصالحة واستعادة الوحدة الوطنية بين غزة والضفة الغربية ولم شمل الشعب الفلسطيني واستعادة النظام الواحد لشعبنا ومع ما بات من مآسي وخوف من الغد يعرفه ويراه الجميع الصغير قبل الكبير في هذا الشعب العظيم المنقسم جهلا، والذي تتلاعب به القوى الخارجية لتصفية قضيته، ويتعثر المنقسمون، ولم يتمكنوا أو يستطيعوا التصالح، وهم يتركون مستفدقبل نطفهم لتدوسه أقدام الزمن، وتشل قدراتهم في صراع الحياة، فتذهب حياتهم وكرامتهم مع الريح، وليصبحوا أذلاء بعد أن كانوا كرماء ورجال عظماء صناديد في قديمهم، هم الآن يورثون أبناءهم الذلة والمسكنة بهذه اللوثة العقلية والثقافة البائسة التي نعاني منها ممن جاد أو جار الزمان علينا بهم ليقودونا فأوصلونا لما نحن فيه من كوابيس الظلم المستمر لشعبنا، ومحنته غير المسبوقة في التاريخ الفلسطيني.

ولأن شعبنا كان بريئا أمام هؤلاء القادة الذين إنقسموا لمصالح شخصية أو فئوية أو لقلقهم من أخطائهم أو نتيجة لاختلاف شعاراتهم وتباينها نحو تحرير الوطن، فأوغلوا في العناد وظلموا العباد، وما علينا إلا أن نساعدهم أو قل نساعد أنفسنا كشعب مظلوم يريد الخلاص، وكما قدمنا جميعا أجسادنا وأرواحنا ليمروا من فوقها إلى فلسطينكما قالوا لنا، ندرك اليوم أننا بحاجة للصفح عنهم جميعا وعن أخطائهم، ونقدم لهم الحلول والمبادرات وبوصلة نجاتنا كجماعة من الناس نحيا على هذه الأرض ليرتفع هذا الظلم عنا وعن أجيالنا القادمة ولنتمكن من الظفر بحريتنا من الإحتلال ونحافظ على قدراتنا ونحفظ مستقبلا أفضل لشعبنا وقضيتنا، ونصبح أحرارا مثل باقي شعوب الدنيا ..

تعالوا أيها الغافلون بصلفكم نصفح جميعا عن الماضي الذي خذلنا فإشتبكنا وتدامينا ولا زلتم لا ترحمونا ولازلنا بروح المسؤولية التي غابت عنكم نصفح عن كل ما أصابنا في سبيل ما هو أهم وهو مستقبل الشباب والصبايا والأطفال الذين بنتظرون مستقبل أفضل.

الطريق الجديد للمصا لحة يا سادة الذي أدعو إليه هو التالي وعنوانه " العفو العام " عبر ما يلي :

١- يصدر مرسوما بقرار من الرئيس بالعفو العام عن المرحلة السابقة بمجملها من يوم نشأت السلطة الوطنية الفلسطينية، عفوا عاما عنا كلنا في غزة والضفة والشتات لكل الفلسطينيين لنبدأ من صفر البدء الجدبد كمواطنين كلنا متساوين دون صفحات سابقة للجميع بدءا من الرئيس ومرورا بالأحزاب وأخطائها وانتهاءا بأصغر طفل يولد غدا.

٢- تتوكل الجامعة العربية وإن تطلب الأمر أيضا الأمم المتحدة ومشاركة جمهورية مصر العربية حاملة ملف المصالحة بإدارة المرحلة الإنتقالية في غزة والضفة الغربية لمدة شهرين.

٣- الدعوة لإنتخابات عامة وحسب قانون النسبية الكاملة لمجلس وطني و انتخابات رئاسية في آن واحد وتاريخ محدد بعد شهرين من بدء إدارة الجامعة العربية للوضع والشعب الفلسطيني.

٤- الرئيس الفلسطيني المنتخب الجديد والمجلس الوطني المنتخب الجديد يشكلون حكومة تبدأ في إدارة شؤون البلاد، ولا تتدخل للأحزاب وتمنع من التدخل في إدارة الحالة الفلسطينية الجديدة بعد تشكيل الحكومة من نواب الشعب المنتخبين في المجلس الوطني الجديد.

٥- لا سلطة للأحزاب بعد ذلك في أي شيء، والحكومة الجديدة هي من المنتخبين في المجلس الوطني والرئيس المنتخب من الشعب وهم المسؤولون عن إدارة الشأن الفلسطيني بمجمله وفي قيادة إدارة الصراع مع المحتل وهم يضعون خطط وآليات وأدوات النضال فهذه مسؤليتهم وعلى الجميع الإلتزام كمواطنين متساوين أمام القانون.

 

د. طلال الشريف