(1) تعديل قانون الضمان بأثر رجعي
جاء في بيان مجلس الوزراء الثلاثاء الفارط أن الحكومة ستقوم بإجراء التعديلات بأثر رجعي على قانون الضمان الاجتماعي، وكان كل من الرئيس ورئيس الوزراء قد اعلانا في غير مرة أن التعديلات التي ستجرى على قانون الضمان الاجتماعي ستكون بأثر رجعي. في ظني هذا التصريح سياسي وليس قانوني؛ فالتشريعات لا تعدل بأثر رجعي وانما تحدث أثرا مستقبليا، وتحفظ الحقوق المكتسبة.
صحيح أن نص القانون الأساسي يفتح نافذة لكنها ضيقة للحديث عن تطبيق القانون بأثر رجعي استثناءً وفقا لأحكام المادة 117 من القانون الأساسي "لا تسري أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها، ويجوز عند الاقتضاء في غير المواد الجزائية النص على خلاف ذلك". لكن قانون الضمان الاجتماعي لم يطبق فعليا أي أنه لم يحدث أية حقوق مكتسبة "آثار مالية للمشتركين"، وعمليا فإن حقوق المشتركين في الراتب التقاعدي ستبدأ بعد 15 عاما من بدء تطبيقه فأي تعديلات لا تحتاج الى سريانها بأثر رجعي. وهذا يحتاج الى انتباه المستشارين كي لا يترتب على الحكومة ووزارة المالية التزامات لا يحمد عقابها كما حدث مع القرار الرئاسي لتعديل قرار تعيين المستشار القانوني للرئيس في العام 2015.
(2) جرينبلات ... ومساعدات الامن
يستحق الاميركيون قيادة أفضل من إدارة دونالد ترامب؛ قيادة قادرة على فهم الحقائق والتاريخ ولديها إدراك أن المستقبل للشعوب والحرية والانعتاق من الاستعمار مهما كانت غطرسته وقوته وما احدثه من وقائع بحكم القوة. قيادة لا تنساق خلف عنصرية رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وطاقمه اليميني وتلبي خيالاته في فرض الرواية الصهيونية للصراع، فالرواية الفلسطينية، كما أي رواية وطنية، لن يتم طمسها أو الغائها مهما طال زمن الاستعمار وطغيانه بل تعيش حتى في غياهب الشتات وعصية على النسيان.
ما طرحه جرينبلات في مقالته " آن الأوان للقادة الفلسطينيين أن يساعدوا الشعب الفلسطيني" لا يعدو عن كونه ترجمه رديئة لبرنامج حزب الليكود السياسي ورؤيته للصراع الفلسطيني الإسرائيلي "السلام الاقتصادي". وهي تحتاج الى رد فعلي بقطع شعرة معاوية الباقية مع الإدارة الامريكية والمتمثلة بالمساعدات المالية المخصصة لقطاع الامن؛ حيث لم يعد ممكنا النظر الى الأموال الأمريكية إلا في إطار واحد حفظ الاستقرار المطلوب إسرائيليا أو ما يتحقق للمستعمرين. الامر الذي يدعو الى قلب معادلة الاستقرار مقابل الدعم المالي الأمني الى لا تعاون أمني في ظل ابتزاز سياسي. وان رفض الأموال الامريكية المخصصة للقطاع الأمني يضع في هذه الحالة الصراع ما بين المؤسسة الإسرائيلية وهواة السياسة في البيت الأبيض في مربع المواجهة المحتدمة.
هذا الرفض نابع من الحفاظ على المصالح الفلسطينية في مواجهة القانون الأمريكي الذي يمنح ملاحقة الكيانات التي تحصل على مساعدات أمريكية أما القضاء الأمريكي. كما أن قبول المساعدات والمنح من الجهات الخارجية مرهونة في تصورنا لأبعادها وخلفياتها وتأثيراتها على المصالح الوطنية والقيم الفلسطينية.
(3) البعد الوطني في مواجهة مشروع نيكي هيلي
وقوف منظمة التحرير الفلسطينية، والسلطة الفلسطينية وحركة فتح، في مواجهة الإدارة الأميركية لمنع تمرير قرار يدين حركة حماس ووصفها بالإرهاب في الجمعية العامة، والدفاع عن حركة حماس؛ على الرغم من الهوة الكبيرة بين حركتي فتح وحماس في السياسية والشرخ الكبير في السياسات والصراع على السلطة والنفوذ والقوة، يستحق النظر وإعادة التدقيق في العلاقة الوطنية أو إعادة بناء هذه العلاقة على أساس الشراكة ومنع استفراد النهج الاستعماري للإدارة الامريكية والحكومة الإسرائيلية بالأحزاب والفصائل الفلسطينية. وفي الوقت نفسه اعلاء المصالح الوطنية العليا على المصالح الفئوية والخاصة بكل فصيل، ووقف على الصراع على السلطة والنفوذ والهيمنة على الحكم.
جهاد حرب