أمس، قتلت الشابة ايمان احمد عوض البالغة من العمر (٢٩) عامًا من مدينة عكا، وبذلك تنضم ضحية جديدة لمسلسل جرائم العنف والقتل الدامية المتواصلة في مجتمعنا العربي.
فرغم الدعوات والمبادرات الاجتماعية والصرخات اليومية للحد من هذه الظاهرة المقيتة الموجعة التي تؤرق جميع أبناء مجتمعنا، الا أنه لا حياة لمن تنادي.
فقط قبل أسبوعين قتلت الشابة يارا أيوب من الجش، التي أثار مقتلها ردود فعل غاضبة وشديدة، وشراسة هذه الجريمة دفعت بالنساء وقوى المجتمع المدني التحرك الفاعل والقيام بوقفات احتجاجية والاعلان عن اضراب نسائي، هو الأول من نوعه في البلاد، تتوج بمظاهرة حاشدة وسط تل أبيب. ولكن ذلك لم يأت بأي نتيجة.
العنف في مجتمعنا العربي مستشرٍ ومستفحل في الجسد كالسرطان، ينهشه نهشًا، مصدره وأسبابه متعددة ومتنوعة، منها المفاهيم والتقاليد والمعايير الاجتماعية السائدة، والفوضى الأخلاقية والانحدار القيمي، والتفكك الأسري، فضلًا عن الوضع الاقتصادي والبطالة الواسعة ما يسبب الاحتقان والضغط النفسي، ناهيك عن غياب القيم وتراجعها، وانتشار مظاهر الفساد والفتن وتعاطي المخدرات والمنشطات والمهدئات وحبوب " الكيف "، وازدياد التسلح، وكذلك غياب دور الشرطة، وانحسار التثقيف السياسي والفكري وتراجع دور الأحزاب والأطر السياسية.
من المفروض أن نبحث عن سبل بديلة لمحاربة القتل ومواجهة العنف، ولنكن صادقين مع أنفسنا بان العنف لا يعالج بالمسيرات والاضرابات وبيانات الاستنكار والوقفات الاحتجاجية لوحدها، بل يتطلب قبل كل شيء التنشئة والتربية الاجتماعية السليمة والصحيحة لأبنائنا، ومراقبة سلوك أطفالنا، واعادة بناء مجتمعنا على أساس القيم الأخلاقية والفضائل وتذويتها بين شبابنا ليكونوا شبابًا مع هوية اجتماعية ووطنية، وهذه مسؤولية الأبوين والأسرة والمدرسة والقوى المجتمعية والسياسية ورجال الدين والمجتمع والعاملين الاجتماعيين والاخصاء النفسانيين. وبدون ذلك سيبقى مجتمعنا ينزف، وسيظل العنف يستشري في الجسد، وسنصحو ونستيقظ كل يوم على جريمة جديدة.
بقلم/ شاكر فريد حسن