المشاهد المشينة لأجهزة السلطة وهي تقمع أبناء شعبنا الذين احتشدوا نصرة لدماء المقاومين الشهداء أشرف نعالوة وصالح البرغوثي ، ومجد مطير ، وحمدان العارضة ، في مواجهة العدو الصهيوني وجرائمه المتمادية في الضفة الغريبة الفلسطينية المحتلة . مشاهد العار هذه تعيدنا إلى العام 2009 ، عندما وقف الجنرال الأمريكي كيث دايتون المنسق الأمريكي بين الكيان والسلطة ، والقائد والصانع الفعلي لأجهزة الأمنية السلطة .
في أيار 2009 وقف الجنرال دايتون متحدثاً أمام المشاركين في ندوة نظمها " معهد واشنطن لسياسة الشرق الأوسط " ، حول سياسة الشرق الأوسط ، وكان حديثه يومها منصب على عنوان واحد وهو : " الاستثمار في مستقبل السلام بين إسرائيل والفلسطينيين من خلال تحسين الأمن " ، وهي المهمة التي أوكلت إليه مع فريق أمني مكون من بريطانيين وكنديين وأتراك ، في خلق منظومة أمنية فلسطينية قاعدتها المادية أجهزة أمنية مهنية تعمل على حفظ الأمن في مدن السلطة ، وبالتالي التعاون الوثيق مع أجهزة أمن وجيش الكيان الصهيوني ، من خلال وبحسب كلام " دايتون " أنّ ما فعلناه أولاً : " هو بناء رجال جدد ، تتراوح متوسط أعمار الخريجين منهم بين 20 و22 عاماً ، حيث كانت مهمتنا الأولى التركيز على تحويل قوات الأمن الفلسطينية إلى قوات ( جندرما ) ، أي قوات شرطة منظمة " ، أشبه ما تكون بالربوتات عديمة الإحساس لانتماءها الاجتماعي أوالأسري ، وبالتالي فاقدة لشعورها الوطني أو الإنساني .
وفي تفاخر واضح بما أنجزه وفريقه الأمني ، توجه " دايتون " لمستمعيه بالقول : دعوني أقتبس لكم ، ملاحظات على كلمة لضابط فلسطيني كبير في حفل للخريجين وهو يتحدث إليهم في اجتماع لهم في الأردن . قال هذا الضابط للمتخرجين : " أنتم يا رجال فلسطين قد تعلمتم هنا كيف تتحملون المسؤولية عن الشعب ومسؤولية انفسكم . لم تأتوا إلى هنا لتتعلموا كيف تقاتلون إسرائيل ، بل جئتم إلى هنا لتتعلموا كيف تحفظون النظام وتصونون القانون ، وتحترمون حقوق جميع مواطنيكم ، وتطبقون حكم القانون من أجل أن نتمكن من العيش بأمن وسلام مع إسرائيل " .
وفي اشارة بالغة الخطورة على ما أنجزه " دايتون " يتباهى بالقول عن التغيير على طرأ على خريجي الدورات الأمنية : - " لدى عودة هؤلاء الشباب الجدد ، فقد أظهروا حوافز وانضباط ومهنية ، جعل هذا التغير ضباطاً في الجيش الإسرائيلي يسألونني في أغلب الأحيان كم من هؤلاء الرجال الجدد تستطيع أن تصنع " . ويضيف " دايتون " : - " أن الفلسطينيين قد انخرطوا في سلسلة ما يدعونه الهجوم الأمني عبر الضفة الغربية ، وبمنتهى الدهشة بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي ، وبسلسلة من الجهود المتواصلة لاستعادة حكم القانون في الضفة الغربية وإعادة بناء السلطة الفلسطينية . بدءاً بنابلس ثم جنين والخليل وبيت لحم . لقد أثاروا اهتمام المؤسسة الدفاعية الإسرائيلية . بقراراتهم وانضباطهم ودوافعهم والنتائج التي حقوقها " . فالجيش الإسرائيلي في بداية الأمر لم يسمح للشرطة الفلسطينية بالانتشار في بعض المدن ، ومدينة الخليل نموذجاً ، ولكن مع تأكد الجيش الإسرائيلي من مهنية وتعاون هذه الشرطة سمح لهم بزيادة أعدادهم ، بل والانتشار في مناطق B الخاضعة أمنياً ل " إسرائيل " بموجب اتفاق " أوسلو " ، والسبب كما يقول " دايتون " ، أن القائد العسكري " الإسرائيلي " يؤكد أنه " بحاجة إلى مساعدة هؤلاء من أفراد الشرطة الفلسطينية ، فهو بات يثق بهم ، لأنهم لم يعودوا يكذبون على كما في السابق " ، فقد كان القائد الفلسطيني ، والكلام ل" دايتون " ، وبطريقة نموذجية يُبلغ القائد " الإسرائيلي " في المنطقة بقوله : - " لدينا تظاهرة متجهة من نقطة A إلى نقطة B وهي قريبة من نقطة تفتيش لكم هنا في بيت إيل ، نأمل أن تغادروا النقطة لمدة ساعتين من أجل أن تمر التظاهرة ، وعندها يمكنكم أن تعودوا " .
مما تقدم يجب ألاّ يستغربن أحد لماذا أقدمت وتقدم الأجهزة الأمنية على ملاحقة النشطاء من أبناء شعبنا واعتقالهم وحتى تسليمهم إلى الأجهزة الأمنية في الكيان الصهيوني ، ومن ثم الإقدام على قمع التظاهرات ، ومواجهتها بكل قسوة وشراسة وبطش لا حدود لها . وختام القول ، إلى متى سيبقى رهان " دايتون " قائم على ما صنّعه من ربوتات ؟ .
رامز مصطفى
كاتب فلسطيني