صرّح رئيس وزراء اسرائيل السابق والراحل في أواسط الثمانينات من القرن الماضي اسحاق شامير بأنه فخور جداً ومعتز كثيرا بأهم انجاز سياسي حققه، وهو اغلاق أي ثغرة يمكن من خلالها تحقيق اختراق ما لصالح التفاوض مع الشعب الفلسطيني. أي انه كان يفتخر بمواقفه المعادية لأي تفاوض، ولأي جهد لتحقيق "أي سلام" في منطقة الشرق الأوسط، وهذا ما يعبّر عنه ليس بالتصريح فقط، بل بالفعل رئيس وزراء اسرائيل ووزير دفاعها بنيامين نتنياهو مع أركان حكومته اليمينية المتطرفة والمتشددة جداً.
نتنياهو يقود اليمين المتطرف الذي يسعى الى سن قوانين عنصرية عديدة، ويتخذ اجراءات قمعية ضد أبناء شعبنا الفلسطيني تعكس وجهاً عنصرياً واضح للعالم، ويعكس الجهود الحثيثة المبذولة لاقصاء شعبنا عن أرضه، وعن أية طاولة مفاوضات حول مستقبل الشرق الأوسط، هذا المستقبل الذي يحلم القادة الاسرائيليون بأن يكون تحت هيمنتهم وعلى مقاسهم وحسب معاييرهم وملبياً لمصالحهم. وهذه الجهود أو بالأحرى المساعي تتمثل وتنعكس بشكل واضح في سياسة العقاب الجماعي الممارسة ضد كل أبناء شعبنا الفلسطيني دون تمييز بين طفل ومسن، ومن دون أية رحمة انسانية.
فسياسة هدم البيوت هي سياسة عقيمة لن تخدم الأمن الاسرائيلي بل تعرّضه لمزيد من الخطر والاحراج، لأن هكذا سياسة تحرض وتشجع من يشاهد عملية هدم منزل عائلة أحد منفذي عملية مقاومة للاحتلال على التمسك بالنضال والمقاومة، حتى ان الذين يحبّون السلام والامن والاستقرار يكفرون بما يجري، ويضطرون طوعا وبسبب مشاعرهم الوطنية للانخراط في عمليات مقاومة.
إنها سياسة اسرائيلية فاشلة تعبّر عن حقد وعداء كبيرين ضد شعبنا، وتعبّر عن صلف اسرائيل، وعنادها ورفضها للقوانين والقرارات الدولية، واصرارها على مصادرة كل حق من حقوق هذا الشعب الصامد الشجاع.
لقد كانت اسرائيل في القرن المنصرم تقصف وتقتل الاطفال والشيوخ في مخيمات لبنان، وكانت النتيجة عكسية اذ كان الشبان والفتيان والرجال ينخرطون في المقاومة، وينضمون الى ألويتها رداً على هذا القصف. فكانت اسرائيل تقتل العشرات، وبالمقابل تتعاظم قوة منظمة التحرير والمقاومة بانضمام العشرات من الرجال والشباب اليها.
قد يعرف قادة اسرائيل هذه الحقيقة، ولكنهم، ولأنهم معادون لأي "سلام"، ويرفضون منح الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة بانهاء الاحتلال له ولأراضيه، فانهم يواصلون هذه السياسة العقيمة التي ستدخل المنطقة في دوامة من العنف والعنف المضاد!
والغريب العجيب أن قادة العالم، وفي غالبيتهم، يعرفون أن شعبنا مظلوم، وان احتلال اسرائيل لأراضيه يجب أن يزول، إلا أنهم لا يفعلون أي شيء لوضع حد لهذه السياسة الخاطئة والظالمة لشعبنا.
لقد عانى ويعاني شعبنا باستمرار ومنذ أكثر من نصف قرن من سياسة العقاب الجماعي، ولكنه صمد وصبر، وهذه السياسة الاسرائيلية تؤكد على ضرورة العمل الجاد لانهاء الاحتلال الاسرائيلي البغيض، وضرورة التصدي له ولسياسة العقاب الجماعي. فهذه السياسة لم تبدل ولم تغير ولم تمس بعزيمة وارادة شعبنا الصلبة في نضاله للحصول على حقوقه المشروعة في السابق، وبالتالي فانها لن تؤثر عليه حالياً ومستقبلاً، وستكون نتائجها على الاحتلال عكس ما يريده ويسعى اليه!.
بقلم/ جاك خزمو