كي نعيد للتاريخ حقه النضال الوطني الفلسطيني جذور وابعاد

بقلم: سميح خلف

كي نقف بتجرد وبعيدا عن الادعاء وخصخصة المرحلة وجعلها تبويبا واساسا تاريخيا وعملا وتفجيرا للثورة الفلسطينية المعاصرة وعملية التضليل المصاحبة لذلك ، فتجارب الشعوب لا تقف عند مرحلة وتعمل على ابرازها واخفاء تجربة شعب وشهداء وعمل وتضحية في مراحل سابقة ، قد تكون المراحل السابقة لم تنجز سياسيا في وقف المشروع الصهيوني فهي تتساوى مع فشل كل المراحل للان في تحقيق اهدافها ، ولذلك نحن نحتاج ليس لدراسة معمقة فقط لعملية التغييب الثقافي وحصر التاريخ الفلسطيني في مرحلة فقط اراها مغرضة لتكريس حاضنة شعبية من خلالها يتم تمرير السياسات والمشاريع التي في كل الاحوال تتعارض مع المشروع الوطني بابجدياته والناشيء من اثار النكبة ووجود المشروع الصهيوني كدولة على ارض فلسطين ، هذا المشروع الذي تموضع بدراسة العامل الموضوعي الاقليمي والدولي الى الحل المرحلي الذي يريد ان يبني سلطة على اي ارض"" محررة ""ولم يسقط الكفاح المسلح ، ولكن اخذت الامور اشكال ومتغيرات تختلف بعد المؤتمر الرابع لحركة فتح وعليه:

.الوقوف على التناقض القائم :-

اولا اهداف ومنطلقات ومبادي فتح لا يتنكر اليها الحل المرحلي فيصورته الوطنية والادبية ، ما حدث برنامج سياسي مغاير للحل المرحلي تبعه عدة خطوات اجرائية على المستوى الداخلي اخذت حركة فتح بغير مكان وتوجهات ومتجهات ، اذا هل يعبر هذا البرنامج على ما اقره المؤتمر الحركي في السبعينات طبعا لا ...... اذا البرنامج المعمول به لم يقر حتى المؤتمر الرابع واما المؤتمرات التالية فهي مدبلجه وغير نظامية ،، الفتحاوون عليهم ان يفهموا ان من يقود فتح خارجين عنها وعن ادبياتها اذا كانوا فعلا فتحاويون ، فتح لاتعني اشخاص بل ارث نضالي يحمل حركة وطنية لها اهدافها وابعادها النضالية ومبادئها

مغالطة تاريخية يقوم بها بعض الكتاب والمتعصبين والمتباهين ومن جعلوا من حركة فتح أداة للتشرذم والشللية والاستزلام ومن سخروها لخدمة انحرافهم السياسي والأمني .

ليس عيبا ً أن يتباها شعب أو أفراد بتاريخ الحركة ولكن يجب أن لا تكون تلك المباهاة على حساب تغييب التاريخ أو الركوب عليه أو الرجوع بعجلته إلى الخلف بدون البحث في المطبات والانحرافات التي تغيب العقل عن الحقيقة في ظل المباهاة الاستزلامية .

وإذا كنا حريصين على أن نعدد انجازات شعب على طريق الحرية والتحرير فكان يجب أن نضع التاريخ في نصابه والحدث في موقعه ليتسنى للأجيال القادمة مواصلة التاريخ لبنة بلبنة من ماضي وحاضر ومستقبل .

وحركات التحرر للشعوب لا ترتبط بزمان ما بل هي حركة دؤوبة تستمر طالما هناك احتلال واغتصاب للأرض وللإنسان ولذلك تستمر حركة التحرر في عطائها على مراحل آخذة في الاعتبار بين الانحسار والامتداد ما تؤثره العوامل الاقليمية والدولية على آليات عمل حركات التحرر والرهان هنا في المواجهة أن لا تتخلى حركة التحرر عن إستراتيجيتها وأهدافها ومبادئها التي انطلقت من أجلها وهذا هو المقياس الهام لنجاح فترة أو امتداد من الزمن لحركات التحرر .

ومن الملاحظ كما قلت أن كثير ممن يركبوا التاريخ وعلى حساب التاريخ في حد ذاته وعلى حساب حركة شعب على امتداد سنوات النضال يضعوا محددات لعطاء الشعب في فترة ما ولأشخاص بحد عينهم مع احترامنا لكل شهدائنا من قادة وكوادر ومقاتلين سجلوا معاني العطاء لتكتمل احلقة مع ما قدمه الشعب الفلسطيني من شهداء وعطاء 1921 في التاريخ المعاصر ولا نريد هنا أن ندخل في حركة التاريخ وعطاء الشعب الفلسطيني في العصور السابقة وتصديه للغزوات والحملات السابقة للحفاظ على أرضه وممتلكاته وتاريخه وحضارته وعقيدته الاسلامية أيضا ً ولكننا سنخصص جزء من هذا التحليل لحركة الشعب الفلسطيني المعاصرة وباختصار شديد .

منذ وعد بلفور عام 1917 ، هذا الوعد الذي كان من حيثيات واستحقاقات لبعض الدول المتحاربة ومنها بريطانيا لقوى الصهيونية وعلى حساب التنازلات والتخاذل للامبراطورية العثمانية الموؤودة كان الوعد المشؤوم وكان الطريق أمام الشعب الفلسطيني أن يحافظ على وجوده وذاتيته على الارض الفلسطينية في ظل امواج من المتغيرات والتي سلكت بعض الشخصيات الفلسطينية طريق الدبلوماسية والسياسة متجاوبة مع واقع أنظمة إقليمية كان نتاجها امتداد متزايد للمشروع الصهيوني على الارض الفلسطينية وبمقابل تلك الفئة مارست فئة أخرى من الشعب الفلسطيني وبقناعات أن ما يؤخذ بالقوة لا يسترد بالقوة وتوقف المشروع الصهيوني على الارض الفلسطينية لابد من آليات توقف تطوره ولا مناص في ذلك من استخدام الكفاح المسلح وبصرف النظر عن الامكانيات المطروحة على قوى الشعب الفلسطيني في ذاك الوقت .

اولا : مرحلة ما قبل النكبة :-

مارس الشعب الفلسطيني الكفاح المسلح كحركة تحرر بدء من التنظيمات الاسلامية ونهاية بالتنظيمات اليسارية ولكن كان نقطة الفعل والبروز في حركة النضال الفلسطيني للتيارات الاسلامية المحافظة كحركة الاخوان المسلمين والجهاد مثلا ً وكان هلما منبع واحد ورافد واحد في التحر ك أمام المشروع الصهيوني هي العقيدة الاسلامية وما فرضته من جهاد فرض عين على كل مسلم .

ونستطيع أن نوجز دروة الثورة وحركة التحرر الوطني من ارهاصات ومقدمات ثورة 1936 إلى الثورة الكبرى التي قادها الشيخ عز الدين القسام من عام 1936/1939 والتي سجل فيها الابطال القساميين كل معاني البطولة والفداء والجهاد مواجهين تمددات الحركة الصهيونية على الارض الفلسطينية فلقد أعلن الكفاح المسلح في التاريخ المعاصر لأول مرة وليس كما يتحدث المتشرذمين في حياة الشعب الفلسطيني من أحراش قرية يعبد قرب جنين بتاريخ 20/11/1935 م فاستشهد القسام واستشهد رفاقه في معارك بطولية ومواجهات حامية ولذلك كان هؤلاء مثال لكل الحركة الوطنية الفلسطينية والعربية ومن هنا سلك هؤلاء الشهداء طريق الكفاح المسلح بعكس حركة بعض السياسيين البارزين في ذاك الوقت من النشاشيبي والمفتي وغيرهم من الاسماء .

لم تنتهي حركة القسام بل امتدت من خلال تعيين خليل محمد عيسى أبو ابراهيم الكبير قائدا لحركة الجهاد والكفاح المسلح وانضم لهذه الحركة عدد كبير من المجاهدين ومن المقاومين الوطنيين وانطلقت من جبال الخليل "جبل النار " وبعد 6 شهور من اعادة التنظيم وترتيب الوضع الداخلي انطلقت ثورة 1936 وكان من أبرز قادتها الشيخ فرحان السعدي التي لاحقته قوات الاحتلال البريطانية والصهوينية وألقت القبض عليه بتاريخ 23/11/1937 في قرية الميراز قرب جنين ونفذ فيه حكم الاعدام بعد 4 أيام من القبض عليه .

لم تنته ثورة القسام بل جددت نفسها على فكر وقواعد شهدائها وشكلوا فصيلا فدائيا باسم " إخوان فرحان ".

وبرز بعد ذلك فصيل سيلة الظهر في منطقة غور الاردن ونابلس بقيادة محمد الصالح الحمد " أبو خالد " التي اعترفت القوات البريطانية بإستقامته وعفته ولم تتوانى الحركة الوطنية والاسلامية عن التنسيق بين نشاطاتها فكان اجتماع لها في دير غسانة عام 1938 وكانت معركة دير غسانة التي نجح الثوار في فك الحصار عنها وكان هناك القادة على امتداد الحركة الوطنية كل شهيد وقائد يسلم رايته للآخر فكان أبو درة ويوسف حمدان وكالعادة استولت قيادة سياسية على قرارات حركة النضال الوطني في عملية احتواء مقرونة بقوى إقليمية فكان للبطل أبو درة مصير الاعتقال في الاردن بتاريخ 25/7/1939 .

لم تكن حركة الشعب الفلسطيني حركة مسلحة فقط بل كانت مقرونة بقوى الأدب والفكر والثقافة التي تعبر عن حركة الجهاد والمقاومة فكان للثورة شاعر وكثير من الشعراء أهمهم نوح إبراهيم الذي قال وكتب بصدق وبحبر من الدماء ولكن لم يكتب عن عملية أبي درة لأن هذا الشاعر استشهد عام 1938 ولكن تحدث شاعر الحركة الوطنيةعبد الرحيم محمود معبرا وقائلا ً :-

"سأحمل روحي على راحتي وأرمي بها في مهاوي الردى

فإما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدى

لعمرك إني أرى مصرعي ولكن أغذ إليه الخطى"

( ملاحظة) ويا ليت ابن عبد الرحيم محمود الطيب عبد الرحيم قد أخذ بسجل والده الوطني النظيف ولم يسلك في دروب أوسلو ومطوعيها على المجتمع الفلسطيني السياسي والأمني حيث يشغل ابن هذا الشاعر الخالد مستشار من مستشاري الرئاسة لتيار أوسلو الانهزامي الاستسلامي التفريطي ؟؟!!! .

ورافق ثورة 1936 ثورة القسام المواويل الشعبية التي كان تصدح بها الأصوات في المناسبات الاجتماعية والشعبية وعلى سبيل المثال لا الحصر لنوح عبد الله :-

فلسطين لا تفزعي، نجمك في السما درة

حولك فوارس يوم المواقع درة

ما يهابوا الموت ولو ما بقي ذرة

ثوار حايزين النصر صيتهم بالدنيا لمع

يهاجموا الأعداء وسيوفهم تضوي لمع

إسلام ونصارى نجمهم بالسماء لمع

يا رب نصرك ما دام رئيسهم أبو درة".

ودفع الشاعران عبد الرحيم محمود ونوح ابراهيم ارواحهما فداء للوطن ولفلـــسطين وأجهظت ثورة 1936 على أيدي السياسيين الفلسطينيين وقوى السياسة الإقليمية والدولية وطغت العصابات الصهيونية على الارض الفلسطينية استيلاء وقتل .

ومن أبرز عمليات المواجهة ما قبل النكبة معكرة القسطل التي رفضت فيها بعض الانظمة تزويد عبد القادر الحسيني بالأسلحة لمواجهة قوى الصهيونية وعصاباتها ومعركة شحفاط والدهيشة التي انتصرت فيها المقاومة الفلسطينية على العصابات الصهيونية ولحتى آذار عام 1948 كانت الموازين الميدانية لصالح المقاومة وفي مطلع آيار 1948 اجتمع الشيخ كامل عريقات والشيخ حسن سلامة في القيادة العليا للجهاد اجتماعا ً بناء على معلومات وردت بأن عصابات الهجانا واشتيرن بصدد شن هجوم ،ثم عقد عريقات اجتماعا مع قادة جبهة القدس ،وهم إبراهيم أبو دية ،رشيد عريقات ،عبد الحليم الجيلاني ، بهجت أبو غربية ،خليل منون ،وفوزي القطب وغيرهم .

في تلك الاثناء كان عبد القادر الحسيني في دمشق طالبا ً للسلاح وعادة كما ذهب لم يحصل على السلاح ممن ناشدهم هناك وكانت معركة القسطل التي سقط فيها عبد القادر الحسيني ورفاقه .

في ظل الكفاح المسلح الذي مارسه الشعب الفلسطيني لم تخلو حياة الشعب الفلسطيني من البطش على أيدي العصابات الصهيونية فكانت مذابح كفر قاسم وقبية ودير ياسين وكثير من المذابح والارهاب في القرى والمنتجعات الفلسطينية .

ثانيا : حركة الشعب الفلسطيني ما بعد النكبة :-

توزع مليون عربي فلسطيني في البلدان العربية حيث نزحت تحت أداة الرعب والارهاب الصهيوني مئات القرى ومن الأسباب الرئيسية لعملية اللجوء واقع الجيوش العربية التي حاربت في فلسطين وتخبطها ويخلو الأمر من المؤامرات التي سهلت لعصابات الغزو الصهيوني من الاستيلاء على الارض وتهجير سكانها .

الشعب الفلسطيني بأصالته ورغم عمق النكبة التي هي بحد ذاتها نكبات على جميع الاصعدة حاول أن يلملم نفسه ضمن ثقافات وأنظمة عربية مختلفة فلم تكن الحياة الثقافية والنضالية في سوريا بعيدة عن مؤثرات النكبة وكذلك هو الحال في الاردن ومصر ولبنان فالجميع تأثر بنسب متفاوتة بالأزمة السياسية والجغرافية والأمنية التي تحققت بعد النكبة واللجوء .

وأريد أن أختصر هنا أن حركة الضباط الأحرار في مصر بقيادة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قد أثرت تأثيرا كبيرا في المحيط العربي بدء من بغداد نهاية بمراكش والخليج العربي وخليج عدن أما غزة التي كانت تحت الحكم الاداري المصري فلقد تأثرت بثورة يوليو وأطروحاتها الوطنية والقومية وأثرت الفكر المناضل والمقاوم لدى الشعب الفلسطيني إلا أن عبد الناصر رحمه الله أراد من ثورة يوليو أن تصبح ثورة فريدة من نوعها في ظل قطبين منتصرين في الحرب العالمية الثانية أمريكا والاتحاد السوفييتي واستغل عبد الناصر ذوبان الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس وطموح القوتين المنتصرتين في مناطق نفوذ بمنظمة الشرق الأوسط أن يصنع رافد ثالث وتيار ثالث هو عدم الانحياز ورفع عبد الناصر الثورة على الاقطاع والظلم ورفع لواء المواجهة القومية مع العدو الصهيوني ،عبد الناصر وقع في تناقض مع الأحزاب الأخرى مثل حركة الاخوان المسلمين التي اتهمها بمحاولة الانقلاب عليه وفي تناقض مع الحزب الشيوعي والبحثي أيضا ً إلا أن عبد الناصر وصل إلى حقيقة انه لابد من الوحدة العربية لتحرير فلسطين ولم يكن نشاط ثورة يوليو مقتصرا على البعد القومي بل على البعد الإسلامي أيضا والأفريقي فكان لعبد الناصر فكر دعم القوة العربية لتتحقق قوة اسلامية بفعل القوة المركزية في الوطن العربي .

في هذه الأجواء نمت الحركة الوطنية الفلسطينية بعد التقاط أنفساها وكان لحكم عبد الناصر ما أفسحه من مجال وارهاصات لطبقة المثقفين والنخبة الفلسطينيين بصرف النظر عن حركات الاعتقال والقمع لبعض الاحزاب فشهد قطاع غزة بالتحديد أكثر من المناطق الأخرى لتواجد اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية التي كانت تحت الحكم الأردني وكذلك اللاجئين الفلسطنيين في لبنان فكانت الحركة في غزة تدعو للثورة وخاصة من النهج الوطني والثوري لثورة يوليو فكانت حركة الاخوان المسلمين نشطة رغم أنها تلقت ضربات موجعة بعد منتصف الخمسينات من ثورة يوليو وكذلك الحزب الشيوعي والبعثي .

ارهاصات الكفاح المسلح المتواصل مع التجربة ما قبل 1948 :-

لقد آمن عبد الناصر أن ما أخذ بالقوة لا يمكن أن يسترد إلا بالقوة ولذلك وعن طريق ضابط المخابرات المصري الشهيد مصطفى حافظ استطاع عبد الناصر تشكيل مجموعات فلسطينية فدائية مقاتلة ليضرب في العمق نقطة الضعف الاسرائيلي وهي نظرية الامن لمستوطنيه فنفذت تلك المجموعات عمليات ناجحة في الارض المحتلة عام 1948 وكانت ترد على كل الاختراقات الاسرائيلية على حدود غزة في الشجاعية وشمال القطاع وجنوبه إلا أن الامن للكيان الصهيوني استطاع أن يصل إلى الضابط الثائر مصطفى حافظ ومن خلال طرد متفجر لينال وسام الاستشهاد من أجل فلسطين واستمرت مجموعات مصطفى حافظ في العمل إلى أن انخرطت في صفوف قوات العاصفة في الاردن ما بعد عام 1967.

في ظل النمو الثقافي والوطني في مجمل الاحزاب الفلسطينية كانت لنظرية العصابات والفداء التي اسسها مصطفى حافظ مؤشرا ً على اهتداء الطبقة المثقفة والنخبة للكفاح المسلح كوسيلة أنجع من المهاترات الحزبية وصالوناتها .

انطلقت حركة التحرير الوطني الفلسطيني المعاصرة من نخبة من الاحزاب بداية بحركة الاخوان المسلمين والقوميين والبعثيين والشيوعيين مع تجميد للفكر الحزبي ولكن النخبة المفجرة للثورة كانت تحوز بالأغلبية لحركة الاخوان المسلمين الذين وضعوا النظام الأساسي لحركة فتح وبعد ذلك انطوى تحت هذه النخبة عدة قيادات آمنت بأن الخلاف الحزبي والفكري ليس وقته في مرحلة التحرير فكان انخراط كوادر من حزب البعث والشيوعيين وآخرين وانطلقت الثورة في عام 1965 ليس كتجربة مفردة وأولى في حياة الشعب الفلسطيني بل هي مكمل لمشوار طويل من الجهاد والنضال واستكمال لحركة الشهداء والقادة الذين سقطوا على أرض فلسطين ما قبل 1948 وان كان هناك وسام للشرف فهي للشهداء وخاصة الذين فجروا الثورة عام 1936 وشرف آخر للثورة المصرية والثورات القومية في العراق وسوريا لاستمرارية الثورة في سنواتها الاولى وكذلك الشرف للتجربة وتراكماتها وما قدمت من شهداء ما قبل 1948 وما بعد 1948 بكل فصائلها الاسلامية والتقدمية والوطنية .

في بداية انطلاقة الثورة شككك الزعيم الراحل عبد الناصر في مكوناتها واتجاهاتها ومراكز دعمها حيث اتهمت الأجهزة الأمنية المصرية أن حركة فتح هي وليدة المخابرات المركزية الأمريكية ولم يحدث تحول في وجهة نظر عبد الناصر إلا بعد معركة الكرامة التي كان عبد الناصر يحتاج فيها لخلخلة أمن العدو بعد النكسة والتي قال فيها عبد الناصر أن الثورة الفلسطينية وجدت لكي تبقى اعتمد عبد الناصر من هذه المقولة نظرية حرب العصابات وحرب الشعب طريق لتحرير فلسطين والارض العربية بعد أن فشلت نظرية المواجهة الكلاسيكية مع العدو .

حركة التحرر الوطني الفلسطيني لم تسقط ولم تسقط منذ أوائل الثلاثينات إلى الآن وإن انحرف بعض السياسيين في ولائاتهم لأنظمة إقليمية ودولية سواء ما قبل النكبة وما بعدها حتى الآن ، فحركة التحرر الوطني الفلسطيني وان سقط الجناح السياسي لها الآن كما سقط ما قبله عام 1948 فلم تسقط البندقية ولم ينتهي القادة فالقادة متجددون في حياة الشعب الفلسطيني وعلى طريق عز الدين القسام واخوته الشهداء وعبد القادر الحسيني سقط بعد النخبة آلاف الشهداء أيضا والقادة من أبو علي اياد وأبو جهاد وعزمي والشهيد الشيخ أحمد ياسين والرنتيسي وأبو شنب وفتحي الشقاقي وأبو علي مصطفى ويحي عياش وجهاد عمارين ونايف ابو شرخ وجمال ابو سمهدانة ومئات القادة الميدانيين ولم تكتفي حركة النضال الوطني الفلسطيني بشقيها الوطني والاسلامي على أن تقف على شهدائها وتصاب بالجمود والانهيار وبصرف النظر عن الطبقة السياسية العابثة في الشؤون الوطنية الفلسطينية فلقد تجددت حركة التحرر الوطني الفلسطيني في انتفاضة الشعب الفلسطيني الأولى والثانية وبرزت كتائب شهداء الاقصى وعز الدين القسام وسرايا القدس وأبو علي مصطفى والأحرار واللجان حركات وطنية واسلامية امتداداتها الانطلاقة الأولى لحركة الشعب الفلسطيني المقاومة للبرنامج الصهيوني على الارض الفلسطينية منذ 1928 .

إذا ً لمن يريد أن يسجل الامجاد الشخصية لأفراد او نخب في الساحة الفلسطينية فعليه أن يكف عن ذلك وأمام حركة التاريخ واستمراريته ولأن حركة التحرر الوطني بشقيها الوطني والاسلامي مستمرة ما دامت فلسطين محتلة والقدس تهود واللاجئين خارج وطنهم وكل التحية للشعب الفلسطيني المتجدد في العطاء ومقدم التضحيات وان تساقط المتساقطون

سميح خلف